Al Jazirah NewsPaper Wednesday  18/02/2009 G Issue 13292
الاربعاء 23 صفر 1430   العدد  13292
عمائر التأمينات الذكية
د. محمد أبو حمرا

 

المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مرفق من مرافق خدمة الملتحقين بالخدمة، مثل مصلحة التقاعد للموظفين، غير أنها تختص بالعمال في القطاعين العام والخاص، ومن هم في القطاع العام يسمون (بند الأجور)، وهنا تتدخل التأمنيات لحماية حقوقهم وتأمين مستقبلهم بعد التقاعد أو عند الإعاقة أو نحو ذلك.

ويبدو لي أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من أذكى المؤسسات في عملية الاستثمار والحصول على عوائد أو على الأقل حفظ رأس المال من التآكل الذي يحصل في كثير من الصناديق ثم يضمحل مع الزمن.

والتأمينات تذكرني بحكاية عن رجل ذكي من أهل شقراء اسمه الصبي، وكانوا يسمونه (مشرق) بضم الميم؛ لأنه يشرق خصومه بغلبتهم، حيث جاءه أحد أبنائه وطلب رأيه في أن يتاجر؛ فكان رأي الأب هو عبارة اشتهرت فيما بعد وهي قوله: لا تبيع وتشتري في اللي له روح. قالها وصمت، وفعلاً انشغل ابنه في التفسير وتحديد (اللي ما له روح)؛ فاستقر رأيه واجتهاده على أن يبيع ويشتري في الأراضي، وهو الذي عرف بالعقار، وقد علل ذلك؛ لأنها لا تأكل ولا تشرب، وأنها كلما زاد الزمن على بقائها زادت قيمتها أو استفاد مالكها من إيجاراتها.

ومن هنا يبدو لي أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أخذت بنصيحة (مشرق)؛ فاتجه استثمار السيولة المتحركة ببطء في العقار؛ حتى عُرفت كثير من المباني الضخمة باسم (التأمينات)، وهي مبان تجدها في الرياض ومكة والمدينة المنورة وجدة وينبع والجبيل وغيرها من المدن السعودية ذات البعد الاقتصادي المجدي؛ فهي تؤجر المحلات والشقق، وربما الأراضي البور، وتكسب من خلال ذلك مبالغ طائلة تضاف إلى الرصيد المتحرك لديها؛ ومن هنا يبدو لي أنها لا تعاني من نقص في الدخول اليومية أو الشهرية أو السنوية؛ لأن عائدات العقار وعائدات ما يستقطع من اشتراكات الرواتب يدور في محصلة اقتصادية قوية ومثمرة ومأمونة مهما جاء ركود أو هدوء للاقتصاد؛ وهنا يحمد السرى في الليل للحكيم.

ولم نسمع أن عاملاً أراد تحصيل التعويضات والبدلات التي يستحقها من تقاعده، وقالت له المؤسسة: اصبر حتى يتم تزويد البند؛ لأن البند في البدلات مملوء دائماً، ويزداد بشكل دوري سريع، وتلك ميزة تمتاز بها عما يماثلها من القطاع العام.

أعتقد أن العقليات التي تدير التأمينات الاجتماعية عقليات ذات حنكة وبعد اقتصادي قوي؛ فقد فكروا قبل أن يفكر الآخرون في العقار واستثماره، وها هم يحصدون جمال تخطيطهم وسلامة الاتجاه، وهذا هو ما تشكر عليه تلك العقول التي تخطط بهدوء وببعد عن الارتجالية، وهي العقول التي نريد أن تنتشر للصالح العام.. وفق الله الجميع.

فاكس: 2372911


abo_hamra@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد