سعادة رئيس التحرير - حفظه الله - سلامٌ.. سلام
يؤكد الدكتور سعد البريك بصريح العبارات أن ديدن (العلماء) هو التقرب أو الاقتراب من السلطة، أو حتى الوصول إليها، وأن أوخم العواقب في انتظار الحاكم الذي لا يمكنهم من نفسه (مقالات) الخميس 17-2- 1430 هـ، وهذا يُفسر امتعاضه من التمحيص والاستكشاف الذي يتعرض له العلماء هنا وتخوفه من أن يصل الأمر إلى ما فعلته الحضارات السامقة التي تتحكم بالعالم هذه الأيام من عزلهم عن السياسة بقوة الدساتير أو بالقناعة الشعبية، مثلما حصل لأفضل مرشحين للرئاسة الأمريكية مؤخراً وهما مكين ورامني اللذين اسقطتهما علاقتهما العقيدية. وحسْبُ د. البريك أن ينتظر ما تتمخض عنه التجربة الفارسية وأكوام الرماد التي ستخلفها المحاولات القاعدية والطالبانية في بقاع عزيزة في العالم الإسلامي.
الواقع هو أن الكثير يكتب عن العلماء هنا لكنه نادراً ما يذكر منهم إلا اسما أو اسمين ممن انتقلوا إلى رحمة الله، وربما اسما واحداً فقط على قيد الحياة، وهذا لا يكفي. أذكر كيف كنا في شبابنا نتغنى بمناقب (شيخنا) الراحل عبد الرحمن بن سعدي ونتناقل أخباره وفتاويه ونتأمل مواقفه، وأذكر كيف أن مجتمع مدينتنا كان يشترك بكامله في عملية تجهيز (خلفه) (الأستاذ) محمد الصالح العثيمين. كنا نحاول معرفة كل شيء عنه، مواقفه وتصرفاته في وجه الأحداث والأشخاص فتاواه حتى مواقفه مع بعض أصحاب الفكاهة والبسطاء. كنا نعرف عدد هلالات راتبه الشهري لأنه كان يعيد الزائد منها بالخطأ، ونتابع زيارات الملوك والأمراء وكبار القوم له في بيته المتواضع. لقد أصبح الجميع يعرفونه جيداً.
وأذكر أيضاً أنني عندما رجعت لمدينتي بعد غيبة طالت، كان أول شيء حرصت على فعله هو زيارة (الشيخ محمد) الصالح العثيمين برفقة الوالد رحمهما الله، لذا فإنني أجد الرغبة قوية في معرفة كل ما يمكن عن (مشائخ) أو علماء هذا العصر، وأعتقد أن المجتمع كله يريد ذلك. ان الشباب الذين ضلوا الطريق واتبعوا (مشائخ) الضلال إنما فعلوا ذلك لعدم قدرتهم على التمييز بين الغث والسمين لشح المعلومات لديهم عن المشائخ القدوة الذين فشلوا في الوصول إليهم قبل غيرهم.إنني أتمنى من الدكتور سعد - وفقه الله - أن يشاركني الرجاء إلى سماحة فضيلة المفتي وهيئة كبار العلماء وغيرها من الجهات ذات الاهتمام أن يفتحوا ملفات للبارزين من العلماء ليعطوا المواطنين جميعهم فرصة تفحص سيرهم وتزكيتهم، ووسائل ذلك كثيرة ومتيسرة، وبذلك يقطعون الطريق على من يلجأ إلى غيرهم، وتزول شبهة تماثل الغايات حتى لو اختلفت السبل، ظاهرياً على الأقل.. والله المستعان.
منصور الحميدان