Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/02/2009 G Issue 13293
الخميس 24 صفر 1430   العدد  13293
أضواء
ترميم البيت العربي يبدأ من فلسطين
جاسر عبدالعزيز الجاسر

 

الشيء المؤكد الذي أصبح يعرفه جميع العرب، قادة ومجتمعات عربية، ويعتقد به لبديهيته، هو استحالة تصفية ومعالجة الخلافات العربية العربية، وتنظيف البيت العربي من أي اختراق للغرباء له مستغلين هذه الخلافات ودس أنوفهم في شأن العربي، ما لم تتم معالجة وتصفية الخلافات الفلسطينية الفلسطينية وردم الشقاق بين أبناء القضية ووقف التداعي السلبي الذي امتدت آثاره المضرة إلى الأطراف العربية.

ولهذا فإذا أريد لمعالجة تصدعات سنين الخلافات العربية وترميم البيت العربي بطريقة ناجعة، فيجب أن تتم معالجة الخلافات الفلسطينية وترميم البيت الفلسطيني أولاً، من خلال إعادة الوئام بين الفصائل الفلسطينية الفاعلة على الأرض الفلسطينية، الذين انساقوا إلى أبعد من الخلافات في وجهات النظر السياسية، إلى اللجوء إلا السلاح والاقتتال، فأريق الدم الفلسطيني بأيدي الفلسطينيين للأسف.

ولأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية، والتي تجمع العرب وتفرقهم كما أثبتت الأحداث، ولأن ترك الفلسطينيين يتصارعون قد أفسح المجال للغرباء للاستغلال، كان لابد من التحرك عربياً لمعالجة هذه الثغرة الإستراتيجية، ووقف اختراق القوى الإقليمية والدولية للعمل الفلسطيني، ومع أن محاولات عدة قد بذلت عربياً لتحقيق هذا الهدف، ووصل بعضها إلى توقيع اتفاقيات كاتفاق مكة المكرمة واتفاق القاهرة، وتفاهمات دمشق وصنعاء، إلا أن الخلافات استمرت وتواصلت حتى أصبح الفلسطينيون مهددين بالإبادة، والقضية الفلسطينية معرضة للإلغاء والتهميش إن لم تطوَ تماماً، وهذا ما فرض على الفلسطينيين بالذات أن يظهروا مزيداً من المسؤولية وينهوا خلافاتهم إنقاذاً لقضيتهم وحمايةً لأرواحهم.. فعدوان إسرائيل على غزة سيتكرر وعلى مناطق ومدن فلسطين أخرى، وهذا أصبح واضحاً، وخاصةً بعد توجه الكيان الإسرائيلي نحو مزيدٍ من التطرف باختيار قادة يحبذون اللجوء إلى القوة العسكرية والعدوان لفرض احتلالهم على الفلسطينيين، وهذا ما يرجح مواجهات عسكرية قادمة بين العرب والإسرائيليين وبالذات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. ولهذا فقد كانت استجابة الأطراف الفلسطينية المتنافرة، وبالذات بين حركتي فتح وحماس اللتين تقودان فصائل متحالفة معهما. فبعد جهود واتصالات عربية متواصلة اتسعت قناعة الفلسطينيين بوجوب الاستجابة للجهود العربية لمعالجة الخلافات وإعادة بناء البيت الفلسطيني على أسس لا تسمح بعودة الخلافات والاقتتال، وغلق أبواب التدخل بالعمل الخالص لصالح القضية الفلسطينية.

استئناف مسيرة الوحدة الوطنية الفلسطينية هو العنوان الذي توصلت إليه الأطراف الفلسطينية المتناحرة وبالذات حركتا فتح وحماس بعد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات التي تمت في القاهرة وقامت فيها مصر بدور فاعل.. وقد رشح بعد هذه الاجتماعات وبعد دراسة تصريحات القادة الفلسطينيين الذين شاركوا في تلك اللقاءات كالزعيم الحمساوي موسى أبو مرزوق والزعيم الفتحاوي أحمد قريع، والتحركات المصرية التي أبلغت العواصم العربية المؤثرة.

بعد دراسة تصريحات القادة الفلسطينيين والحركة السياسية للمصريين، ترشح للمتابعين بأن مسيرة ترميم العلاقات الفلسطينية قد بدأت فعلياً على أسس سليمة بعد أن هيأت القاهرة المناخات لإطلاق حوارات فلسطينية تحفظ المقاومة وتحافظ على الثوابت الوطنية دون إغفال الجوانب السياسية ودون التخلي عن استقلالية القرار الفلسطيني.

على هذه الأسس، ستنطلق من القاهرة سلسلة حوارات برعاية سبع دول عربية، تفتح خلالها الملفات التي تسببت في تعميق الخلافات الفلسطينية الفلسطينية وخاصة ملفات إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الوحدة الوطنية، والملف الأمني، وملف الانتخابات، ومعالجة آثار الانقسام وتفرد الحكم والسلطة في كلٍّ من غزة ورام الله.

ولتهيئة الأجواء فقد اتفق على وقف الحملات الإعلامية، ومعالجة ملفي المعتقلين السياسيين لدى (السلطتين الفلسطينيتين).

الحوارات الفلسطينية التي ستسير بموازاة جهود ترميم البيت العربي بإنهاء الخلافات العربية والذي تضطلع به الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بدعم من الدول العربية المحورية.. يعيد الانطلاق لمبادرة خادم الحرمين الشريفين التي انطلقت من الكويت والتي يرى العرب جميعاً أن التمسك بها وتنفيذها هو الذي يجب أن يعمل به جميع العرب وبصدق وإخلاص على إعادة العرب إلى الطريق الصحيح وتفعيل العمل العربي المشترك لخدمة العرب وقضاياهم.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد