Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/02/2009 G Issue 13293
الخميس 24 صفر 1430   العدد  13293

لكل أجلٍ كتاب
عبد الله بن حمد الحقيل

 

رحم الله يا أبا هشام أخي عبدالله بن محمد الحقيل، عزيز فقدناه ورمز من رموز المجتمع، فقد رحلت وأنت في قمة حيويتك وشدة حماسك لخدمة هذا الوطن، وإن الموت حق لأن الله تعالى كتبه على كل حي في هذه الدنيا ولا راد لقضاء الله، يقول سبحانه (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) إلا أن وقعه شديد الوطأة وخصوصاً على من يرتبط المرء معهم بمودة وصلة وقرابة وذكريات، فرحيل الأحبة مما يحز في النفس ويحزنها فراقهم، ولقد قيل:

لكل هلال مطلع وأفول

وليس لما يقضي الإله بديل

وعند سماع الخبر بوفاته ما كان مني إلا أن استرجعت تالياً قول الله تعالى (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) ومردداً قول الشاعر:

إنها الساعة التي كنت أخشى

وتخيف بهولها الصابرين

وقول الآخر:

اصبر لكل مصيبة وتجلد

واعلم بأن المرء غير مخلد

لقد فاجأه مرض عضال عانى منه الكثير لكنه طوال تلك الأيام لم يفقده التواصل مع أقاربه وأصدقائه ومحبيه، صبر على المرض والعلاج والغربة بنفسٍ راضية بقضاء الله وقدره، نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وإحسانه.

وليس من السهل استعراض تاريخه الوظيفي على ما يزيد على أربعين سنة، ولقد اتصف بدماثة الخلق وطيب المعشر ولقد أحدث نبأ وفاته في شعاب النفس لوعةً وتأثراً في غياب أخ كريم قضيت معه من الأيام أحلاها منذ أن التحقنا معاً بالمدرسة السعودية الابتدائية في المجمعة ثم في المعهد العلمي ثم في كلية اللغة العربية وكنا نذاكر معاً في المساجد في تلك الحقبة الزمنية البعيدة حيث كان الطلبة يستذكرون دروسهم فيها لوجود المصابيح الكهربائية بها حيث إن معظم المنازل لا تتوافر فيها الإضاءة وكانت المساجد تعج بأعداد كبيرة من الطلاب، كأنها خلية نحل، وكان الطلاب على جانب من الجد والمثابرة والاجتهاد والتنافس في التحصيل العلمي.

أوقات جد قضيناها وقد ملئت

بالعلم والفكر والأخلاق والدين

لقد رحل عنا فعليه من الله الرحمة والرضوان وبقيت ذكراه الطيبة، وليس لدينا إلا الدعاء له بالمغفرة والرحمة وجنات النعيم، وصبراً على هذا المصاب في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وهذا حكم الله في خلقه، (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله) ولقد قيل:

والموت نقاد على كفه

جواهر يختار منها الجياد

وقال الآخر:

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته

يوماً على آلة حدباء محمول

ويقول الشافعي:

وما الدهر إلا هكذا فاصطبر له

رزية مال أو فراق حبيب

ولا نقول لفقده إلا ما أمر الله به (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)، ونسأله تعالى أن يلهم الجميع الصبر والسلوان.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد