Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/02/2009 G Issue 13293
الخميس 24 صفر 1430   العدد  13293
شيء من
ثقافة الأحذية تزدهر!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

بعد أن قذف الصحفي العراقي الرئيس الأمريكي السابق بحذاءيه، انتشرت ثقافة التعامل مع المخالف بالأحذية، وأصبحت في مضارب بني يعرب (الشرفاء) موضة المعارضة والمعارضين، وممارسة يحاول من خلالها الديماغوجيون استقطاب إعجاب الغوغاء، الذين يبحثون في ضخم (هزائمهم) عن أية بطولة حتى وإن كانت من خلال امتطاء الحذاء، ليجد له بين المهزومين إجلالاً ومكانة وهيبة، في زمن قل فيه (الإسكافيون)!

تقول الأخبار القادمة من تكريت في العراق: (دشنت منظمة الطفولة في تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، نصباً تذكارياً لحذاء الصحفي منتظر الزيدي الذي رشق به الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد). وجاء في الخبر: (من جهتها، قالت المرشحة على قائمة (العراقية) التي يدعمها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، فاتن عبدالقادر الناصري إن العمل هدية لعائلة الزيدي (البطل) الذي رفع رأس العراقيين عالياً بما فعله). وأضافت: (إن إقامة النصب في حديقة مقر منظمة الطفولة غرضه إبقاء الذكرى حية في قلوب الأطفال اليتامى الذين قضت عائلاتهم في العمليات العسكرية).

أما فارس تكريت الذي زرع أرض العراق بالقبور، ورش العراقيين بالكيماوي، وأقام أفسد وأقسى وأقذر نظام سياسي في تاريخ المنطقة، وأدخل العراق، إلى هذه الدوامة والدم والقتل والحروب، وأخيراً الاحتلال، فلا شأن للطفل والطفولة به، وإنما الشأن والعز والرفعة (لحذاء) الزيدي، الذي رفع رؤوس العراقيين عالياً، فكاد أن يعيد سيرة فارس عبس عنترة بن شداد إلى الحياة من جديد!

النائب الكويتي (وليد الطبطباني يقولون إنه رفع غترته) لإسماعيل هنية، ورفع (حذاءه) لمحمود عباس، فاعتبر مريدوه هذه الممارسة البطولية ممارسة (الفارس) المغوار الذي لا يشق له غبار، ولا يخشى في الله لومة لائم، كيف لا وهو الذي اقتفى أثر (ابن الزيدي)، وحذا حذوه، فأثبت لمنتخبيه وأعوانه في الكويت، أن البطولات ليست وقفاً على العراقيين، وإنما للكويتيين نصيب منها أيضاً، وأنه يعرف كيف يوظف (ثقافة الأحذية) في صراعاته السياسية، (وما فيش حد أحسن من حد) كما يقول إخواننا المصريون، والفضل للحذاء!

النائب الإخواني في مجلس الشعب المصري (أشرف بدر الدين) رفع هو الآخر الحذاء تحت قبة البرلمان، ملوحاً به لزميله النائب عن الحزب الوطني عندما اتهم المعارضة بالإساءة إلى صورة مصر، فأحالوا بدر الدين إلى لجنة (القيم)، في محاولة (لاهثة) لإلزام هذا النائب (الإخواني) بالقيم (الإسلامية الأصيلة) التي ما جاء إلى مجلس الشعب - كما يدّعي - إلا للحفاظ عليها، ليصبح مثل (قارع الدف وأهل البيت) كما في البيت العربي الشهير!

وفي أكثر من مظاهرة سارت مؤخراً في شوارع المدن العربية كان (الحذاء) هو سيد الموقف، ونجم المظاهرة، والرمز الذي يرفع على رؤوس المتظاهرين، ويلوحون به، وتشرئب له الأعناق، وعاش الحذاء (رمزاً) من رموز الأمة من محتليها!

قال أحد الأصدقاء معلقاً على زمان (رفعة) الأحذية: (عندما تنتكس الرؤوس ترتفع الأحذية إلى الأعلى).

إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد