Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/02/2009 G Issue 13293
الخميس 24 صفر 1430   العدد  13293

السعدون يرد على الصرامي:
كتبت فيما لا تجيد فأتيت بالعجائب!..

 

حينما كنت أطالع الجزيرة في عددها 13268 توقفت عند زاوية الكاتب ناصر الصرامي وكانت بعنوان: (تحريم الفن) فقلت ربما أن صاحبنا الكاتب قد نقل أقوال أهل العلم في هذه المسألة الشرعية التي لا مجال للعاطفة وتغليب جانب الهوى والشهوة فيها.. ولكني تفاجأت أن صاحبنا قد سبح في بحر لا يجيد السباحة فيه، فكان ولا شك أن غرق في مزالق عديدة رأيت لزاماً أن أذكره بها استجابة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة) حيث إنني قرأت في ثنايا المقال حزن الكاتب العميق وبكاءه المرير وإشفاقه وألمه من قيام أحد المغنين بعد أن هداه الله فجمع كل ما تحتويه مكتبته الفنية من أعمال سمعية وبصرية ورماها في النفايات..

وزاد تعجبي وأنا أقرأ تعزية الكاتب لنفسه وللأمة جمعاء بأن هذه الثروة الهامة في تاريخ ومسيرة الفن!! تتوفر في مكتبات الإنترنت وأن ذلك يخفف من هول المصاب!!..

فأقول إزاء هذا المقال:

هل يختار كاتبنا الموقر أن يكون في صف من يفرح بتوبة أخيه المسلم ويسعد بذلك؟.. أم أنه آثر أن يقف مع من يكره رجوع المسلم إلى الحق والهداية؟!!.. أين الكاتب عن الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث ذكرني. والله! لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة. ومن تقرب إلي شبرا، تقربت إليه ذراعا. ومن تقرب إلي ذراعا، تقربت إليه باعا. وإذا أقبل إلي يمشي، أقبلت إليه أهرول) ومن رحمة الله بالمسلم وحب الخير له أن يمنَّ عليه بالتوبة ويوقظه من الغفلة.. وقد أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه، فقال به هكذا!!

فنحن نفرح بأن يقوم المسلم بإتلاف كل ما لديه من المحرمات عملا بمقتضى التوبة النصوح وهي الإقلاع عن الذنب والعزم على ألا يعود والندم على ما فات.. ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.. رفعة له في الدنيا وفلاحا وسعادة في الآخرة..

ثم أتحفنا الكاتب بأعجوبة أخرى وهي تفسيره لرجوع أمثال هؤلاء المغنين إلى الحق والهداية أن ذلك لأسباب نفسية وقناعات متقلبة!! وحيال هذه العبارة لا أجد ردا مناسبا إلا أن أدعو الله تعالى للكاتب أن يرده إلى الحق والصواب والهداية قبل الممات فهذه العبارات لا تليق بمسلم يحب لأخيه ما يحبه لنفسه! إلا إن كان هذا ما يريده لنفسه فالمصيبة أعظم وأطم!

وختم مقاله بانتقاد مقولة محمد عبده إن 90% من الأغاني محرمة وذكر (أن محمد عبده فنان إعلامي ناجح وليس معنياً بتحريم الفن! وترحم على طلال مداح وقال إنه أمتعنا حتى آخر لحظة من حياته!).

ولا أدري لماذا لم يكتف الكاتب بالترحم على أخيه المسلم الذي قدم إلى ما قدم نسأل الله له الرحمة والمغفرة وجميع أموات المسلمين..

وأقول للكاتب إن كنت تقول إن محمد عبده ليس معنيا بتحريم الفن.. فنحن بدورنا نكرر نفس السؤال والتعجب ونقول: من خوَّل مدير الإعلام في قناة العربية أن يكتب عن الأغاني وتحريمها أو تحليلها وأن هناك فتاوى متشددة.. إلى آخر ما حواه ذلكم المقال من عجائب وغرائب؟!.. ألست تتحدث عن احترام التخصص وأهميته؟!.. ألا تؤمن أن المرء محاسب عن كل ما يقول ويكتب؟.. ألم تعلم أن الكلمة كالرصاصة إذا خرجت لا يمكن أن ترجع مرة أخرى ولابد أن تُسأل عنها!.. ونقول ما قاله الشاعر:

وما من كاتب إلا سيفنى

ويبقي الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شيء

يسرك في القيامة أن تراه

فمن العيب أن يطلق بعض الكتاب لقلمه العنان فيكتب كل ما يجول في خاطره دون اكتراث لعواقب ما كتبه وخاصة إذا كان يصادم نصوصا شرعية يؤمن بها! وينسى أو يتناسى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليتكلم بالكلمة، لا يلقي لها بالا، فيهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب).

فبكلمة واحة ينطقها المرء أو يكتبها لا يقدرها حق قدرها ولا يظن أن تبلغ ما بلغت يكون عقابها وخيما في الدنيا والآخرة.. وهذا لا يخفى على كل مسلم.. والسلامة في وزن الكلام والعبارة..

وأخيرا أتعجب كثيرا من بعض الإعلاميين حينما يحشر نفسه في قضايا شرعية تكلم بها الكبار من أهل العلم ومع ذلك تجده ينتقد من يخرج عن تخصصه ويفتي فيما لا يعلم وقد نصب نفسه مع الأسف عالما ومفتيا من غير أن يشعر!! ويزول هذا التعجب حينما ندرك أنه في آخر الزمان يكثر المتحدثون في أمر العامة!!

وأشكر صفحتنا العزيزة على إتاحة الفرصة.

عبدالعزيز بن عبدالله السعدون

مدرسة الإمام السيوطي ببريدة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد