Al Jazirah NewsPaper Tuesday  24/02/2009 G Issue 13298
الثلاثاء 29 صفر 1430   العدد  13298
أضواء
السعوديون ليسوا جميعهم مناحي..!!
جاسر عبدالعزيز الجاسر

 

هناك مثل إنجليزي يقول (من لا ينفخ في بوقه لا يسمعه الجيران)، والمعنى واضح فالذي لا يتكلم عما يحصل في وطنه من أعمال طيبة لا يعرف من هم خارج الوطن ما يحصل فيه.

وهذا عجز (إعلامي) للتعريف بالإيجابيات التي يشهدها الوطن.. أي وطن الذي لا يمكن أن يخلو من إيجابيات سواء في الحالات التنموية أو الفكرية أو الاقتصادية. أما الأكبر من هذا العجز والذي يصل إلى مستوى التدمير الذاتي فهو تجاهل الإيجابيات وتصيد الأخطاء وإبراز السلبيات التي لا يخلو منها أي مجتمع.

والذي يتابع إعلامنا السعودي بالتحديد يرى توجهاً لتضخيم هذه السلبيات ومنحها مساحات كبيرة سواء في الاعلام المقروء (الصحف) أو الإعلام المرئي (محطات التلفزيون).

صحفياً أخذت الصحف تلهث وراء قصص ما يسمى ب(العنف الأسري) فلا يمر يوم إلا ونشاهد أكثر من قصة وبعض القصص يتكرر نشرها بروايات مختلفة، حسب مصدر (الراوي) واختلاف المحرر، والسيئ في الأمر أن تتبع هذه الاحداث التي لا نطالب بعدم تسليط الأضواء عليها, ولكن يجب توخي الحذر من (تأليف الروايات) وفسح المجال أمام من يريدون (الكيد) بغرائمهم من أزواج أو زوجات مطلقات، أو من قبل (ضرة الزوجة) أو (الحماوات) وغيرهن ممن تمتلئ بهن البيوت سواء في بلادنا أو في البلدان العربية الأخرى أو النامية، فهذا مرض اجتماعي يتم علاجه من قبل المختصين وليس النشر وتفخيمه وإظهار مجتمعنا وكأنه غابة وحوش، والأخطر من ذلك تتبع السقطات اللا أخلاقية من قبل الشاذين وهم قلة قليلة جداً والحمد لله، الذين يرتكبون جرائم لا أخلاقية وشاذة من أفعال اصطلح على وصفها ب(زنى المحارم) وهي أفعال لا يمكن أن يخلو منها مجتمع إلا أن هذه الأفعال تعالج في مجتمعات أخرى بسرية وبعيداً عن الاعلام، فالستر في مثل هذه القضايا يحمي المجتمع من التفكك ويساعد على علاج المشكلة قبل أن تستفحل وتصبح ظاهرة من خلال تشجيع ضعاف النفوس من خلال النشر والاعلام وتصوير الحالة وكأنها عمل يمارسه الكثيرون.. وهذا تصور خطير وخاطئ.. والأخطر أن يزرع في عقلية بعض المتخلفين.. خاصة إذا ما تسربت مثل هذه الحوادث والقصص إلى المسلسلات التلفزيونية التي يتطلب العمل الدرامي والحبكة التلفزيونية تضمينها مشاهد وأحداثا مثيرة وبعضها مقزز تترك نفسية لا يمكن علاجها لدى المشاهدين خاصة عند المراهقين والأطفال، والذي شاهد احدى حلقات مسلسل (الساكنات في قلوبنا) والذي يعرض في إحدى المحطات التلفازية وهو مسلسل منتَج من قبل (منتِج سعودي) وبعض ممثليه سعوديون ويوحي بأن الاحداث حصلت داخل السعودية ومن قبل شخصيات في المجتمع السعودي، مما يعطي انطباعا بوجود طبقة من المنحرفين والمنحرفات في هذا المجتمع الذي لا نقول إنه مجتمع خال من العيوب إلا أنه إن لم يكن مثل باقي المجتمعات العربية، فهو الأفضل لتمسك أفراده بالأخلاق الإسلامية والعادات العربية الحميدة.. والذي لا نجده في مسلسل (الساكنات في قلوبنا).

أما فلم (مناحي) الذي طبل له الإعلام السعودي، فيظهر السعودي كشاب أبله، فارغ ثقافيا (لا يصلح سوى للقيام بالاعمال الثانوية.. سهل الضحك عليه.. وهو ما جعل المجتمعات العربية يطلقون على السواح السعوديين (مناحي) مع ضحك بصوت عال تدليلاً على أن السعودي يمكن الضحك عليه..!!

هذا ما يقدمه الإعلام السعودي لخدمة مجتمعه.. ابراز السلبيات وتضخيمها، رغم أن المجتمع السعودي يزخر بالإيجابيات ومنها ما نشرته منظمة اليونسكو الدولية في احصاءات أخيرة كشفت أن المملكة العربية السعودية تضم أعلى نسبة من الحاصلين على الشهادات العليا بالنسبة لعدد السكان مقارنة بالدول العربية التي سبقت المملكة في مجال التعليم.. وأن براءات الاختراع وعلماء السعودية واستشارييها من الأطباء هي الأكثر تواجداً في المحافل العلمية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد