Al Jazirah NewsPaper Tuesday  24/02/2009 G Issue 13298
الثلاثاء 29 صفر 1430   العدد  13298
هذرلوجيا
حل المشكلة المقيتة
سليمان الفليح

 

لقد تحدث مجموعة من العلماء والمشايخ جزاهم الله خيراً عن المغالاة والمبالغة (المادية) وما يلحقها من مصاريف فيما يخص التراضي بعد التنازل عن حق القصاص كوقف للتنفيذ من قبل أهل الدم (أي أهل القتيل). وذلك لأن مثل هذه التنازلات قد وصلت إلى أرقام خيالية تتعدى (الدية) الشرعية بمئات الأضعاف، أي أنه إذا كانت الدية المقررة شرعاً 100 ألف ريال، فإن بعض الجشعين من أصحاب الحق أصبح يطالب أهل القاتل - نظير التنازل - عن حق القصاص بمبالغ تعدت الـ(40) مليون ريال(!!).

وهذه ظاهرة سيئة تعتبر دخيلة على أخلاق وأعراف وشيم شعبنا السعودي الأصيل لأنها أصبحت متاجرة علنية، بل مزايدة كريهة على أرواح البشر وإزهاق مادي لذوي القاتل يجعلهم يرسفون في الديون طوال الحياة، بل يطول قبائلهم ومعارفهم؛ لأن (العرف) القبلي يلزم الفرد المنتمي للقبيلة بأن يكون مشاركاً في الدم بل مساهماً معها في السراء والضراء والأفراح والأتراح و(المدة والهدة)، أي أن يمد للقبيلة مثلما تمد من مال، ويهد معها - أي يحارب من تحاربه - الأمر الذي اختصره الشاعر الجاهلي القديم بقوله:

وَهَل أَنا إِلّا مِن غَزِيَّةَ إِن غَوَت غَوَيتُ وَإِن تَرشُد غَزيَّةُ أَرشَد

وهذا العرف السيئ بقي للأسف الشديد إرثاً للقبيلة منذ الجاهلية حتى اليوم ولم ينتزعه الإسلام من النفوس، على الرغم من أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال عن العصبية القبيلة: (دعوها فإنها منتنة)، إلا أن وحدة الدم على (الحق والباطل) للأسف الشديد لم تزل تسري في جسد القبيلة المعاصرة، ومن هنا فإننا ندعو العلماء الأجلاء والمشايخ الكرام ألا يكتفوا بنقد هذه الظاهرة (الجاهلية) - أي المبالغة في (المادية) كشرط للإصلاح، بل المطلوب منهم أن يشكلوا لجنة يرأسها أحد أصحاب القرار الكرام وتعقد اجتماعاً كبيراً لكل (شيوخ الشمل) في قبائلنا العزيزة والخروج بتعهد نبيل يقضي بمقاطعة (المبالغين) فيما يخص التنازل عن القصاص لقاء مطلب مادي باهظ، وتحديد مبلغ متفق عليه كشرط للتراضي وإنهاء هذه المشكلة المقيتة السيئة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد