Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/02/2009 G Issue 13299
الاربعاء 30 صفر 1430   العدد  13299
أوتار
هوية الوطن
د. موسى بن عيسى العويس

 

هوية الوطن تتمثل في تمسكه بدستوره، وقيمه، وعاداته، وتقاليده واعتزازه بها في كل محفل ومناسبة، ولا قيمة لهذه المرتكزات الأساسية إلا بقدر ما يتوافر فيها من مرونة وقابلية للتغيير والتطوير والتجديد.

* التاريخ يثبت أن الدول والشعوب قد تتخلى عن هويتها ولكن ذلك وبطبيعة الحال لا يمكن أن يكون فجأة وبدون مقدمات، أو إرهاصات من خلال بعض المواقف التي تبدي فيها بعض التنازلات.

* على الصعيد المحلي قد لا تواجهك العقبات وأنت تحاول تكريس مفاهيم الهوية الوطنية عبر الممارسات المتعددة، أما على الصعيد العالمي فتختلف الأحوال كل الاختلاف. في مجلس (حقوق الإنسان) المنعقد في(جنيف)أظهر وفد المملكة العربية السعودية من خلال كلمته التي ألقاها رئيس الوفد الدكتور زيد آل حسين صلابة المبدأ والمنطلق والعقيدة الذي انطلق من الدستور الإلهي الصادر من الشارع الحكيم، وأثبت بما لا يدع للشك صلاحيته لكل زمان ومكان، قابلاً لكل التغيرات والتطورات. هذا المصدر العظيم انصهرت فيه معظم العهود والمواثيق والقيم والمبادئ والأخلاقيات التي نادت بها مؤسسات وجمعيات حقوق الإنسان الدولية، فكانت (المملكة العربية السعودية) هي الدول الوحيدة التي استطاعت أن تبرز هذا الملمح الهام العظيم، وأن تطرحه بكل جرأة وشجاعة وثقة، ولذلك لم يكن علينا غريباً كل ما نادت به هذه الهيئات والمنظمات.

* في نظري، إن أول مظهر من مظاهر الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية شدّ ذلك الحضور الكثيف والمتحفز لما سيطرح من وفدنا هو استخدام رئيس الوفد في كلمته الرائعة (اللغة العربية)في لغة الخطاب، كان ذلك حين تخلّت بعض الدول العربية عنها في محفل يفترض أن تكون حاضرة بين اللغات، بوصفها مجسد لكثير من الانتماءات، وتلاقي في الوقت ذاته نوعاً من المحاربة في بعض البيئات.

* لقد برهنت كلمة (المملكة العربية السعودية) كذلك على التضامن الفكري والمعنوي الذي انطلقت من المملكة بكل اقتدار، حين جاء استدلالنا على امتثالنا بقيم حقوق الإنسان باستدعاء الآية الكريمة:{قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.

* لقد دلل الموقف والكلمة، وبأسلوب مقنع أن القضاء مستقل، محايد نزيه، يستلهم عدالة السماء في حفظ الحقوق وإقامة العدل، وصيانة الكرامة الإنسانية. كل هذا جعل من تطبيق الشريعة الإسلامية نموذجا تفتخر به بلادنا، وتنعم تحت مظلته، معترفين كل الاعتراف وجود بعض القصور في التطبيق والممارسات، شأننا في ذلك شأن المجتمعات الأخرى منذ القدم، لكننا ذللنا بعضها وتجاوزناه عبر مؤسسات الحوار الوطني ولقاءاته.

* بالتأكيد أثبتنا للجميع أن (المملكة العربية السعودية) ليست دولة إسلامية فحسب، بل هي تستشعر في كل مؤتمر ومناسبة أنها مهد الإسلام وحضارته، وأرض الحرمين الشريفين اللذين هما مؤول لقلوب المسلمين، مما يحتم عليها رعاية الإسلام وإقامة شعائره وخدمة مقدساته. إذن هذه رسائل متعددة، جدير بكل من مثّل بلاده بأي صفة، وبأيّ مستوى من مستويات التمثيل أن يصطحبها، بهذا نحفظ للوطن هويته، وللإنسانية قيمتها، وللأمة رسالتها. ا- هـ



dr_alawees@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد