Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/02/2009 G Issue 13299
الاربعاء 30 صفر 1430   العدد  13299
رسول الإسلام
عبد الله عبد الرحمن سليمان العايد

 

إن الاعتداء على رسولنا الكريم وهو رمز من رموز الإسلام بل هو الهادي البشير من لدن عليم حكيم هو اعتداء على الإسلام وبالتالي غضبتنا هذه هي غضبة على الإسلام ومحارمه، ولا يخالجنا أي شك أن الاستهزاء خُلق من أخلاق أعداء الله، تخلق به الكفار والمشركون، وتخلق به المنافقون الذين احترقت أحشاؤهم على دين الله وأهله

لذلك كشف الله تعالى هذا الخُلُقَ النبيل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام الذين قضوا بالحق وبه يعدلون.

ولقد وردت آيات كثيرة في كتاب الله تبين موقف الأنبياء والرسل من الاستهزاء والاحتقار بل صرحت هذه الآيات بكفر هؤلاء الهازلين المستهزئين.

والأمر ثابت من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أرحم الناس بالناس، وأقبل الناس عذراً للناس، ومع ذلك كله لم يقبل عذراً لمستهزئ، ولم يلتفت لحجة ساخر ضاحك، فحين سخر به وبأصحابه من سخر في مسيره لمعركة تبوك وجاء الهازلون يقولون: إنما كنا نخوض ونلعب: لم يقبل صلى الله عليه وسلم لهم عذراً، بل أخذ يتلو عليهم الحكم الرباني الذي نزل من فوق سبع سماوات: {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}.

ولكي ندرك خطورة وفداحة ما ارتكبوه:

ننظر إلى ملابسات حالهم في الماضي، فنجد أنهم قد خرجوا في الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوا الأهل والأزواج والأولاد والأوطان، وكان خروجهم في فصل الصيف، وشدة حرارته المعروفة وتعرضوا للجوع الشديد والعطش الأليم، ومع هذا كله لم يشفع لهم حال من هذه الأحوال حين استهزئوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم.

وفي هذه الأيام وخاصة أنها ليست أول مرة يستهزؤون على نبينا الكريم ولا آخر مرة قبلها في السويد وفي هولندا وفي النمسا والآن في الدنمارك أطلت علينا الصحف و القنوات التلفزيونية والأفلام هناك بتطاول سافر على رموزنا الدينية الإسلامية وغالبا ما يكون الهدف هو شخص الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين وآخر حلقة في هذه السلسلة ذلك التطاول على شخص الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من جانب الصحف الدنمركية التي نشرت رسوماً مزعومة لشخص الرسول عليه الصلاة والسلام، وأعدت الأفلام وشجعت على عرضه بحجة حرية الرأي وهذا مما أثار حفيظتنا كمسلمين في كل مكان والمشكلة تكمن أنه لا يوجد أي ردة فعل بمعنى الكلمة ولكن كل الردود مواقف فرديه صغيرة.

ومها كان هذا الاستهزاء من عدمه أو تضخيمه إلا أنه يذكرنا بالعداوة المتوغلة في أعماق الغربيين ولا شك أن الحرب العشواء التي تشن على رموز الإسلام لم تكن حديثة عهد بل هي من قديم الزمن فقد قال تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِي وَلاَ نَصِيرٍ}.

ما حدث من استهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم جريمة بكل المقاييس يجب أن تجد صداها في العالم الإسلامي ومهما احتج أي مسؤول أو أي شخص ما إلا وجاء الرد من أن هناك حرية التعبير وهذا الرد فيه استهانة بالعقول، لأننا نعرف جميعا أن هناك في أوروبا قوانيناً وأوضاعاً تعاقب من يخوض في الأديان أو الأعراق، (أو يشكك في المحرقة!!!، أو يتعرض من قريب أو من بعيد للسامية التي تعني هناك اليهود فقط ) لكن الأمر يبدو أنه مختلف بالنسبة للإسلام والمسلمين!!

وهذا يعني أن العالم الآن تبرز فيه ظاهرة جديدة، خطيرة على الإنسانية بكل أطرافها الظاهرة ومضمونها وهو الخوض في العقائد والهجوم على الأديان مما يؤجج وينذر بحروب ثقافية، دينية، سيسفر عنها أعمال عنف متمثلة في الحروب والأعمال اليائسة.

والعجب أنه ومنذ فترة طويلة والمفكرون مشغولون بقضية الحوار بين الأديان، ولا يكاد ينفضّ مؤتمر حول هذا الموضوع حتى نفاجأ بمؤتمر يتناول الموضوع نفسه، حتى برامج الإذاعات والفضائيات أصبحت أيضاً تستقطب مثل هذه الموضوعات الرائجة، مع عدم توافر حسن نوايا المتحاورين ورغبتهم في الوصول إلى تفاهم حول قضايا معقدة تشكلت من خلال عوامل متعددة وراكمت رواسب كثيرة لا يعلمها إلا الله وحده.

ومن رحمة الله سبحانه بعباده المسلمين أن امتن عليهم بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومن أعظمها ابتعاثه إليهم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ولا يخفى على أي مسلم أن دين الكفار باطل سواء كان في الأصول والعقائد والفروع وحذر الله رسوله في آيات كثيرة من يطيع الكفار ولو في شيء يسير مما يدعونه إليه مخالفاً بذلك أمر الله كما قال تعالى{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً}.

وهذا تهديد عظيم للرسول لو ركن إلى الكفار ولو في شيء قليل وفي هذا المعنى أيضا يقول تعالى {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}.

وقال أيضاً { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ}، وهذه كلها آيات ناهية للرسول أن يطيع المشركين والكفار ولو في شيء قليل مخالفا بذلك ما أنزله الله إليه وقد هدد الله رسوله هنا بكل أنواع التهديد إن هو فعل ذلك ومعلوم أن الرسول لا يفعل ذلك وإنما هذا تهديد لنا بطريق الأحرى والأولى.

وفي الختام لا أملك إلا أن أقرأ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (20)كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}.

سدد الله الخطا وبارك في الجهود والله من وراء القصد.





alayeed65@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد