Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/02/2009 G Issue 13299
الاربعاء 30 صفر 1430   العدد  13299
دور الجمعيات الأهلية في مسيرة التطور الاجتماعي
مندل عبدالله القباع

 

عندما نتناول الحديث عن قضية التنمية المستدامة، فإنّ أحداً لا يمكن أن يجادل فيما حققته خطط التنمية الوطنية في تحسين نوعية الحياة وتحقيق ظروف معيشية أزهى وأجل وأعظم لكافة فئات المجتمع، ويشهد بذلك القاصي والداني.

وتأتي جهود التنمية وتعزيز مساراتها والسعي لإنجاز أهدافها وشروط بل ومطالب تحقيقها وضروراتها، وتنمية ظروف الإنجاز ومحددات الدور، وتوافقاً مع معطيات تراثنا التليد خاصة تجاه التأكيد على قيم التضامن الأهلي لخدمة المجتمعات المحلية.

وفي هذا الصدد تمتد على مساحة المملكة قدر عظيم من منظمات المجتمع الأهلي النشطة في مجالات التنمية المختلفة، وعلى وجه الخصوص في مجال التعليم وفي مجال الخدمات الصحية، وفي مجال التعاون بمناشطه العديدة من تقديم ودعم وإدارة أنشطة خيرية ودعائية طوعية لا تستهدف منها الربح، ولكنه من منطلق البر والتكافل والعناية والرعاية، فأقامت العديد من المدارس والمعاهد العلمية والمراكز والمستوصفات الصحية والوحدات التأهيلية والدور الرعائية التخصصية عالية المستوى ومشروعات الإسكان الأهلي .. هكذا سارت المشروعات الخدمية الخيرية الأهلية جنباً إلى جنب مع المشروعات الحكومية، فقدمت طاقات وإمكانات هائلة عوناً للدولة في مهامها الوطنية، مما ساند ودعم جهود الدولة في تنمية المجتمع نظراً لتنوع مناشطها وعظم كفاءتها وعلو قدراتها على الوفاء بمتطلبات البرامج التنموية.

وعن أمثلة هذه الجمعيات على سبيل المثال، وليس على سبيل الحصر مؤسسة خيرية تدعى مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز لوالديه للإسكان التنموي تهدف إلى تأمين مساكن ملائمة للفئات الأكثر حاجة في المجتمع السعودي والقيام بمشاريع خيرية لها علاقة بالإسكان.

ومؤسسة الملك خالد الخيرية، ومؤسسة سلطان الخيرية وما يرافقها من مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية، والجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض ومكة المكرمة وغيرها، وجمعية الأطفال المعوقين ومراكزها المنتشرة في ربوع الدولة وفي مقدمتها مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، وجمعية النهضة والوفاء النسائية الخيرية بالرياض، وجمعية رعاية مرضى الفشل الكلوي بمنطقة الرياض، ومؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية، وجمعية طيبة الخيرية النسائية بالمدينة المنورة والجمعية الخيرية النسائية بالدمام وجمعية فتاة الخليج النسائية بالخبر وجمعية فتاة الأحساء الخيرية، والجمعية الخيرية النسائية بجدة، وجمعية الملك عبد العزيز النسائية ببريدة. هذا فضلاً عن جمعيات البر بمناطق المملكة المختلفة، وهي جمعيات خيرية تستهدف دعم مبدأ التكافل الاجتماعي، مؤكدة ترسيخ المساهمة الأهلية التطوعية في المناشط الاجتماعية المختلفة، وعلى تفعيل المساهمة في تلبية احتياجات المجتمع المحلي وتجويد ظروف البيئة، وهذا لم يتم إلا بتيسير وتسهيل إجراءات إنشائها من قبل وزارة الشئون الاجتماعية التي بدأت مؤخراً بتفعيل واستنهاض دور هذه الجمعيات في تقديم الخدمة لأبناء المجتمع في جميع مناحي الحياة.

وقد بلغ عدد هذه الجمعيات ذات المنحى الاجتماعي الخيري الطوعي، ما يربو على الأربعمائة جمعية ومؤسسة، تضطلع بمهام تقديم العون والمساعدة المادية والخدمية بأنواعها دعماً لجهود الدولة في هذا المجال الذي يعد مشاركة فعّالة في العمل العام.

وكما أسلفنا القول إننا عرضنا لنوعية واحدة ولمجال واحد من مجالات النشاط الأهلي، وهو مجال القطاع الأهلي الخيري والتطوعي ودوره في شراكة الجهود الحكومية في مجال الإسكان والصحة والتعليم والتدريب والتأهيل ورعاية الطفولة والأمومة والشباب والمسنين ورعاية العجزة والمسنين وكفالة اليتيم، وتقديم المساعدات والخدمات، فضلاً عن مجال إنشاء وتعمير وتحديث وصيانة المرافق العامة المتنوعة .. إلا أننا لم نتطرق للقطاع التعاوني والزراعي والصناعي في حدود الممكن والمتاح وفي الصورة التي تجعل الجمعيات الأهلية المعنية والأقرب إلى جهود التنمية الإنتاجية الداعمة والأكثر فاعلية في هذا المجال إن أحسن توجيهها فنياً ومهارياً للاستفادة القصوى من مخرجات جهودها وقدراتها - بتعظيم إمكاناتها - مما يجعلها - وبحق - طرفاً أساسياً في مخططات التنمية الوطنية ولو عن طريق المشاركة الفاعلة الواعية في بعض المهام المجالية ذات العلاقة بقطاعات - أو بقطاع - التنمية مثل الجمعيات التي تعنى بالتأهيل والتدريب المهني (للذكور والإناث) والتي تعنى بالصناعات الصغيرة أو صيانة الأجهزة والحواسيب - وصناعة الملابس الجاهزة - وأعمال الزجاج والدهانات .. ومشروعات تحسين البيئة والمرافق وكذا الصناعات البيئية .. وأياً ما كان ذو علاقة انتمائية للعملية الإنتاجية .. صناعية أو مهنية أو زراعية ...

وحري بنا القول إن ثمة جمعيات أهلية لديها إمكانات وموارد عظيمة تمكنها من القيام بدور متميز يحقق مصالح مقدرة للمجتمعات المحلية خاصة وأن الذي يحركها نوازع إنسانية لا تستهدف من وراء فعالياتها وممارساتها ومناشطها إلا خدمة الوطن والمواطنين وليس الربح .. وبالحفز الحكومي والمجتمعي يمكنها توسيع دورها، ويجعلها أكثر قدرة على القيام بمسئولياتها ومواجهة الصعوبات والتحديات .. الأمر الذي يضمن لهذه الجمعيات الاستمرارية في المضي قدماً لمشاركات أوسع وجهود أعظم في خدمة أهداف التنمية والارتقاء بالمجتمع.

وعلى الرغم من محدودية الدور الذي تضطلع به الجمعيات الأهلية في مجالات التنمية المختلفة مقارنة بدور الدولة العظيم وقياساً لممارساتها التي يتسع البون حجماً وتكلفة ونطاقاً وقوى بينها وبين الممارسات المحدودة للنشاط الأهلي الخيري الطوعي، فإنّ الثقة في المشاركة الفاعلة يمكن أن تدفع لتحقيق إنجاز أكبر في مجالات أكثر على طريق التطور الاجتماعي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد