Al Jazirah NewsPaper Monday  02/03/2009 G Issue 13304
الأثنين 05 ربيع الأول 1430   العدد  13304
المبيدات القاتلة
د. طلال علي زارع

 

تتكرر في جدة حوادث وفاة الأطفال بالمبيدات المحظورة؛ فقبل أيام توفي طفلان دنماركيان (ولد وبنت)، ودخل والداهما العناية المركزة في أحد المستشفيات الخاصة إثر تعرضهم لاختناق بمبيد شديد السمية يحتوي على فوسفيد الألمنيوم الذي تم رشه في شقة مجاورة لشقتهم داخل مجمع سكني في حي شمال غرب جدة؛ حيث استعان سكانها قبل سفرهم للعطلة السنوية بشركة مبيدات. وقد عثر رجال الأمن على المبيد في عدد من الأطباق البلاستيكية في الشقة المجاورة الخالية. وقبل نحو شهر لقي الطفلان السعوديان مسرة وميسرة حتفهما أيضاً بسبب المبيدات المحظورة، وغير ذلك من حوادث التسمم بالمبيدات التي نتج عنها عدد من الوفيات والمصابين خلال الأشهر الأخيرة في مدينة جدة؛ حيث إنه قتل حتى الآن أكثر من 13 طفلاً خلال عام واحد بعدما استخدمها البعض في الرش المنزلي.

وقد كانت أسرتي ضحية لمثل هذه الأعمال؛ فقبل حوالي سنة قامت إحدى السيارات التابعة لأمانة جدة في حوالي الساعة السابعة صباحاً برش مبيد للحشرات، ويبدو أن هناك مواد شديدة السمية يحتويها هذا المبيد؛ ما أدى إلى تضرر الناس من استنشاق رائحة المبيد لدرجة أن بعض أفراد أسرتي حدث لهم ضيق في التنفس ودوخة، ولكن بفضل الله وحمده تم إسعافهم في الوقت المناسب..

وحظرت وزارة الزراعة تداول أكثر من عشرين مبيداً زراعياً لخطورتها على الصحة العامة وسميتها العالية ووجود بدائل أقل خطورة.. ومبيد فوسفيد الألمنيوم تم تصنيفه تحت الفئة الأولى من حيث الخطورة بين المبيدات الزراعية، وقيدت الجهات المختصة استخدامه من قبل الشركة أو المؤسسة المستوردة له في الأماكن المسموح باستخدامه فيها مثل المخازن والمستودعات ومن قبل فريق فني مختص. وصرحت الجهات المختصة بأنه تم سحب كميات كبيرة من المبيد من الأسواق.. وبرغم المآسي التي حدثت فإن هذه المبيدات ما زالت تباع في الأسواق والمحلات الزراعية والصيدليات البيطرية..

فمن الضروري شن حملات ميدانية مستمرة من قبل الجهات المختصة لمراقبة الأسواق للتحقق من تطبيق تلك الضوابط وإنزال العقوبات بحق المخالفين، وكذلك نشر مطبوعات تحذيرية بلغات مختلفة والقيام بحملات توعية للجاليات المقيمة في المملكة عن مخاطر استخدام هذه المبيدات وبيعها..

فمتى يتم وقف رش هذه المواد السامة التي يبدو أنها تهلك الناس قبل الحشرات، ومعاقبة المسؤولين عن هذه الأخطاء الفاحشة؟ وما مدى التلوث البيئي الناتج من رش هذه المبيدات؟ أليس من الضروري استخدام مبيدات أقل ضرراً على الإنسان والبيئة؟ ومتى يتوقف الاستهتار بحياة الأبرياء وصحتهم؟

قسم علوم الأحياء - كلية العلوم - جامعة الملك عبدالعزيز


talzari@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد