Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/03/2009 G Issue 13305
الثلاثاء 06 ربيع الأول 1430   العدد  13305
من وحي المعرض صنّاع الثقافة«1»
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

 

صنّاع الثقافة ليسوا هم المبدعون من مفكرين ومثقفين وكتاب وشعراء وموسيقيين ورسامين.. بل هم المديرون أو القادة الرسميون للمؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة.. فهؤلاء هم الصناع الفعليون للثقافة.. فهم الذين يديرون الدفة ويحددون الاتجاه ويقررون السرعة ويرتقون بالنوعية ويدعمون الكفاءة ويقودون الصناعة.. أما المبدعون فهم أفراد ينشط كل منهم في نطاق دائرته ويعمل ضمن حدود إمكانياته.. وهي إمكانيات رقيقة على كل حال.

هذه المقدمة هي مدخل لوصف حالة دور النشر ووكالات الإعلان السعودية التي هي الوسائل الرئيسية لصناعة الثقافة فهي مثل الدكاكين أو البقالات حيث يتم التعامل معها بالقطاعي وتقدم خدماتها بالقطعة.. لذلك نجد أن التوسع في قطاعي النشر والإعلان السعودي توسع أفقي لا عمودي.. فبزيادة الطلب يزداد العدد وتتسارع وتيرة الإنتاج وكميته لا نوعيته.

ألتقي بحكم طبيعة العمل ببعض مديري ومُسَيِّري صناعة الثقافة السعودية وقادتها..

وقد سبق أن تحدثت معهم عن مشكلة صناعة النشر والإعلان السعودية وكيف أن شركات الإعلان والنشر المحلية ضعيفة الحضور ضعيفة الإمكانات.. تنتهي بنهاية صاحبها أو ملله وإحباطه من مهنة يؤمن أهلها أنها تُقَصِّر العمر.. واتهمتهم أنهم السبب في ذلك الضَعْف فهم يقفون في تعاملاتهم على قدمين: الأولى إنتاج أكبر كمية بالميزانية المتاحة.. وليس أمام المثقف إلا القبول بما تمليه المؤسسة الثقافية الراعية.. فالخيارات أمامه معدومة.. فإما إنتاج إبداعه وظهوره إلى النور أو دفنه في أدراج مكتبه.. وهنا يطغى حضور القدم الأولى وهو إنتاج أكبر كمية حتى لو كان ذلك على حساب المثقف.. ثم تأتي القدم الثانية وهي نظام المشتريات الحكومية المُحْبِط.. حيث يُقَيِّمون العلم والفن والإبداع بالأسعار.. فأقل سعر هو الذي يرسو عليه العطاء ليس لقناعة من مسيري المؤسسة الثقافية لكن حتى يحموا أنفسهم من تهمة الفساد.. وكان دفاعهم: أليس هذا هو التصرف الطبيعي في الحياة وهو تحقيق أكبر إنتاج بأقل الأسعار.. أليس ذلك من علامات النجاح في السوق؟.. ثم نحن على رأس مؤسسة ثقافية لإنتاج الثقافة وليس لرعاية المثقف!

الحقيقة أن الثقافة ركن مكين من أركان التنمية.. وليس في ذلك قولان.. وكونها ليست من الحاجات الأساسية للإنسان كالغذاء والصحة والسكن فلم تُمْنَح حقها من الاهتمام.. حتى إن الجهود الحكومية في هذا المجال انصبت على إنتاج الثقافة لا رعاية الثقافة وهذه هي إشكالية الثقافة عندنا.. ولا أريد أن أستطرد في هذه الفكرة لكنني أريد أن أقول: أن الثقافة صناعة تدار.. أما كيف تدار فهذا جهد جماعي يتم وفق رؤى وأهداف.. ونستكمل غداً.. إن شاء الله.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد