Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/03/2009 G Issue 13305
الثلاثاء 06 ربيع الأول 1430   العدد  13305
شيء من
لم يحن وقتها بعد!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

تعود بعض أفراد مجتمعنا عندما يُسألون عن شأن حقوقي يتعلق بالمرأة أن يجيبوا: لم يحن وقته بعد! تسأل: والسبب؟ يجيبون: الشارع السعودي لن يتقبل مثل هذه القضايا. تسأل: ومتى سيتقبل هذا الشارع مثل هذه الحقوق فلا تجد من يجيب!

تعيين امرأة في منصب نائبة وزير التربية والتعليم حسب الأوامر الملكية الأخيرة مر مرور الكرام، إلا من بعض المعترضين (المتزمتين) في بعض مواقع الإنترنت الذين ضاعوا في خضم المرحبين الكثر بهذه القرارات. هذا يعني أن مقولة (الشارع سيحتج) لا محل لها من الصحة، أو إذا أردت الدقة فقد كانت ضرباً من ضروب (الوهم)، سيطر على بعضنا، واستعبد تفكيرهم، حتى ظنوا أنه الحقيقة التي لا يشوبها الشك. وفي تقديري أن هناك الكثير من القضايا المماثلة التي لا تحتاج إلا إلى قرار، وستمر كما مر قرار تعيين امرأة مسؤولة (عليا) عن تعليم بنات جنسها.

يقول لي أحد كبار السن: عندما اتخذت الدولة قرار تعليم المرأة في مطلع عقد الثمانينات هجرية من القرن المنصرم، كنا نظن أن (المتشددين) لن يصمتوا؛ لأن القضية كانت خطاً أحمر بالنسبة إليهم آنذاك، اتخذت الحكومة القرار، وكان هناك بعض الاعتراضات هنا وهناك، إلا أنها أقل مما كنا نتوقعه، وما أشبه الليلة بالبارحة.

الملك عبدالله بقراراته الأخيرة أثبت أن الزعيم الحقيقي لا يقف (خلف) الجماهير فينقاد إليهم، وإنما يقف (أمامهم) ويقودهم.

أن ترضخ (للغوغاء) وتنتظر قبولهم ومباركتهم للقرار، أي قرار، معنى ذلك أنك لن تقف حيث كنت فحسب، وإنما ستعود إلى الوراء لإرضائهم، فمن يقرأ أدبيات (التشدد) والمتشددين ومطالباتهم، ورؤيتهم (للإصلاح) كيف يكون، سيتضح له جلياً أن هؤلاء القوم يطالبون بحياة (بدائية) في كل شيء مثلما كانت حياة الماضي قبل الدولة الحديثة، ويطرحون (نموذجاً) تجاوزه الزمن، ومع ذلك يصرون على استحضاره، وفرضه، على اعتبار أنه غاية (الإصلاح) وما عداه فهو الفساد بعينه. هذا النموذج لا يحكمه الدين وتعاليمه، ولا علاقة له بالمصلحة وقضايا (التنمية) على وجه الخصوص، قدر علاقته الوطيدة بعادات وتقاليد موروثة، لا يريد القوم أن يتخلوا عنها، وفي الوقت ذاته يفرضونها (بالقوة) على الآخرين.

حاول أن تسأل القائلين بعدم جاهزية المجتمع السعودي للتغيير، ستجد أن كل استنتاجاتهم التي أوصلتهم إلى هذه القناعات (انطباعية)، بمعنى أنها تفتقر إلى قراءة موضوعية علمية و(محايدة) انتهت نتائجها إلى إثبات ما يريدون إثباته، والقراءة الانطباعية عادة ما تنحرف عن الحقيقة، فهي في الغالب مضللة. وليس أدل على ذلك من أن القرارات الإصلاحية الأخيرة مرت بسلام، ولو سألت أحد (المرجفين) عن ردة الفعل المتوقعة على هذه القرارات قبل إصدارها لتحدثوا عن ردود أفعال (مزلزلة)، غير أن الواقع جاء على خلاف ما يتوقعون.

بقي أن اقول إن عقارب الساعة لا تتجه إلى الوراء، وإن الماضي لا يمكن أن يكون حاضراً أو مستقبلاً. حفظ الله رائد الإصلاح الملك عبدالله بن عبدالعزيز. إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد