Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/03/2009 G Issue 13306
الاربعاء 07 ربيع الأول 1430   العدد  13306
من وحي المعرض
صناعة الثقافة وصُنَّاعها
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

 

بالأمس ذكرت أنني اتهمت مديري وقادة صناعة الثقافة في بلادي بأنهم السبب في أن دور النشر ووكالات الإعلان السعودية ضعيفة.. رغم أنهم يعملون في أكبر سوق استهلاكية في الشرق الأوسط.. ورغم أنهم الهدف الأول لكل ما ينشر أو ينطق باللغة العربية.. ورغم أنهم في وطن يملك عمقاً سكانياً وجغرافياً هائلاً ويختزن في جوفه ثلث طاقة العالم.. وتحتضن أرضه قبلة الإسلام والمسلمين.. ومع هذا فإن دور النشر ووكالات الإعلان السعودية أشبه بالدكاكين التي تبيع بالمفرق.. وإن أتيح لها أن تبيع بالجملة فهي حتماً ضحية عقد (إذعان) كما هو الحال في العقود الحكومية.. وقد كانت ردود هؤلاء المسؤولين منطقية للوهلة الأولى وإن كانت غير سليمة من وجهة نظري لو أمعنا التفكير فيها ونظرنا إلى نتائجها.

وذكرت أن البيع بالمفرق أو بالقطعة في مجال الخدمات مُنْهِك ومُشَتِّت وبالذات في مجالات مفتوحة كمجالي النشر والإعلان حيث لا يتوافر الوقت الكافي للتخطيط والتحضير ورسم مسار العمل وخطواته التنفيذية وتحديد النمو واتجاهه.. فحال العاملين في مجال النشر والإعلان اليوم أشبه بحال العمالة السائبة.. (كل صباح يأتي برزقه).. ليس في أيديهم عقود طويلة تتيح لهم الاستقرار ثم تمكنهم من النمو.. بل هم في لهاث خلف كتاب هنا وبروشور هناك وإعلان في مكان آخر.

واتهمت بعض صناع الثقافة الذين يقودون أكبر المؤسسات الحكومية التي تنتج الثقافة واتهمتهم كما أتهم كل القيادات الثقافية في بلادي أنهم سبب الحال البائسة التي يعيشها قطاعا النشر والإعلان في المملكة.. تقولون كيف ولماذا؟.. أقول لكم: ما الذي يمنع المؤسسة الحكومية في تعاقداتها لتنفيذ أعمالها الثقافية أن تنطلق أيضاً من منطلقات تنموية لذات الصناعة الثقافية فتكون في تعاقداتها وسيلة للرفع من مستوى دور النشر ووكالات الإعلان.. بمعنى أن أسلوب التعاقد القَطَّاعي لكل عمل من مطوية صغيرة إلى تقرير سنوي أو كتاب أسلوب لا يعود بالنفع على الصناعة ذاتها.. وحين تسأل عن المبرر خلف ذلك فإنك سوف تسمع الإجابة أنه لا بد من تقسيم كيكة ميزانية الثقافة في تلك الجهة على أكبر عدد ممكن من دور النشر أو وكالات الإعلان.. وبذلك تحولت تلك التعاقدات الصغيرة إلى حالة أشبه بالتغذية بالمحاليل التي تقيم الأود لكنها لا تبني الجسد.. وتحفظ الحياة لكنها لا تمنح الصحة.

كما يحق لنا أن نتساءل: ما الذي يمنع القيادات الحكومية من فرض تطبيق قرارات الحكومة بخصوص منع الطباعة للأعمال الحكومية خارج المملكة؟.. فكل المؤسسات الثقافية الحكومية تطبع في الخارج.. وإن كنت لا ألومهم على ذلك كثيراً فالقدرات المتاحة محلياً ما زالت قاصرة في بعض نواحيها.. والتي لا أعفيهم من مسؤولية قصورها منذ البداية على كل حال.

وللحديث بقية غداً.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد