Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/03/2009 G Issue 13306
الاربعاء 07 ربيع الأول 1430   العدد  13306
العقار والمفهوم الغائب
د. عقيل محمد العقيل

 

للدولة حدود جغرافية فهي عقار كبير، ولا شك أن توزيع المدن بكافة أنواعها ومن ثم القرى التابعة لها في هذا العقار الكبير على أسس علمية تأخذ ميزات كل منطقة بعين الاعتبار (حقول نفط، وفرة مياه، ملتقى طرق، وفرة معادن، .. إلخ) سيلعب دوراً كبيراً في تحفيز أو تثبيط التنمية بكافة أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

توزيع استخدامات الأراضي والمباني في المدينة أو القرية أيضاً يلعب هو الآخر دوراً كبيراً في تحفيز أو تثبيط التنمية، كما يعلب دوراً كبيراً في القدرة على استيعاب المتغيرات من ناحية وفي جودة حياة السكان من ناحية أخرى.

الأحياء بمكوناتها السكنية والتجارية والخدمية هي أحد أهم العقارات ذات الأثر المباشر بحياة الإنسان بكافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية والصحية والأمنية، وبالتالي فإن تخطيط تلك الأحياء بأي صورة كانت سيكون له أكبر الأثر في حياة ساكنيها بكل هذه الأبعاد، وهو ما لم نأخذه بعين الاعتبار في معظم إن لم يكن في كل (إذا استثنينا النزر القليل) الأحياء في بلادنا، حيث بات السكن لا يتجاوز دوره كمأوى لأفراد الأسرة، كما باتت بقية الأبنية العقارية لا تتجاوز دورها كمقر لنشاط تجاري أو صناعي أو زراعي، وهو ما أفضى لمشكلات متعددة نعاني منها جميعاً.

من هذه المشكلات التي ألفناها -وللأسف الشديد- تهالك المساكن والأحياء وبالتالي تهالك الثروات، انعدام الخصوصية الاجتماعية لصالح سكان المتجاورات والأحياء وبالتالي ضعف العلاقات الاجتماعية، وتمكن الغرباء من دخول الأحياء وتحقيق مأربهم من سرقات وسواها، عدم ممارسة الحركة والرياضة ما أثر سلباً على صحة السكان حيث ارتفاع معدلات السمنة والسكر والضغط وغيرها من الأمراض التي تكلف الدولة والمواطن الكثير، ارتفاع نسبة التلوث البصري والصوتي فضلاً عن تلوث الهواء حيث تراكم الردميات بشكل غير حضاري فضلاً عن استمرارية سماع أصوات المعدات الثقيلة التي لا تفارق الحي لسنوات لأكثر من أربعة عقود في المتوسط.

متى يحضر مفهوم العقار بكافة أبعادة في أذهان الجهات المنظمة والشركات والأفراد المطورين، بل والسكان أيضاً؟ سؤال يبحث عن إجابة، نعم هناك إضاءات في هذا الجانب من قبل الشركات المطورة ومن قبل الجهات المنظمة خصوصاً أمانة مدينة الرياض التي تبنت التطوير الشامل الذي يأخذ كافة هذه الأبعاد بعين الاعتبار، ولكن المسيرة طويلة وتستدعي حث الخطى ومضاعفة الجهود ورفع درجة الوعي، وكلنا أمل بتضافر أمانات المدن والهيئات المطور وشركات التطوير العقاري الحقيقية للنهوض بهذه المهمة لمعالجة ما نحن فيه بأسرع وقت ممكن.

****



alakil@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد