Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/03/2009 G Issue 13306
الاربعاء 07 ربيع الأول 1430   العدد  13306
وتاليتها
د. هند بنت ماجد الخثيلة

 

حين نعيش في الألفية الثالثة، أو في القرن الحادي والعشرين حيث تجاوزت الشعوب والأمم حدود الجغرافيا، وعبرت الفضاء، وكادت تزول الحدود بين كثيرٍ من الدول التي تبحث عن تكتلات تتناسب والعصر الحديث، كما هو الحال في أوروبا مثلاً، وحين تصل المرأة في العالم وفي الدول الإسلامية والعربية إلى مراكز صنع القرار، وتبدع في ميادين العمل والتعليم شأنها شأن الرجل، في مثل هذه المعطيات لا يمكن لعقلٍ أن يتصور أن دخول خريجة الثانوية العامة في المملكة العربية السعودية إلى الجامعة لتكملة دراستها وإعداد نفسها للحياة هو رهن بموافقة ولي أمرها، وفي حال لم تحصل هذه الموافقة لا سبيل على الإطلاق أمام الفتاة السعودية أن تتابع مسيرتها التعليمية!

يحدث هذا ونحن جميعاً نعلم حجم وعدد الخلافات الأسرية وحالات الزواج والطلاق والهجر في الأسر السعودية، وابتعاد آباء وأولياء الأمور في مثل هذه الحالات عن أسرهم، بل وأحياناً تمتد الأمور إلى الخصومة، ويصبح حرمان المرأة من تكملة دراستها بمثابة عقاب أو إهمال من ولي الأمر، فما الذي يمنع أن تتوجه الراغبة في تكملة تعليمها بناءً على اهتمامها ورغبتها في المواصلة وليس خضوعاً لولي أمر مسرف.

إحدى طالبات الدراسات العليا تغيبت عن أحد الاختبارات النهائية، والسبب أن ولي أمرها أجبرها على عدم الذهاب إلى الاختبار. كيف يمكنها ذلك وأمه كانت في زيارة لهم في ذلك اليوم؟! فمَن الذي سيقوم بخدمتها؟ لقد كان خروج تلك المرأة إلى الاختبار في نظر زوجها تقليلاً من احتفائها بوالدته!!

هل يُعقل هذا التفكير في الألفية الثالثة، وفي عصر النت الذي أصبح يمنح شهادات الدكتوراه في وقتٍ قياسي!

هل فكر ذلك الزوج بأن عليه أن يتغيب هو عن عمله أو عن (ربعه) ليحتفي بوالدته ريثما تعود زوجته من اختبارها الذي أشقت نفسها من أجله شهوراً طويلة؟!

أي قانون.. يمنح هذا الرجل هذه السلطة؟ وأي حقٍ هذا الذي يهدره الزوج لا لشيء إلا ليبرهن سلطته بل تسلطه؟!

قد يقول قائل: مثل هذا الرجل استثناء لا قاعدة، ولكننا في الوقت نفسه من حقنا أن نقول: هل يمكن أن يشعر هذا الاستثناء بأن هناك قاعدة أو قانوناً يمكن أن يسلبه هذا التسلط ويعيد الحق إلى أصحابه؟

نحن درجنا في حياتنا على اعتبار الكثير من التجاوزات مسلمات، ووصل بنا الأمر إلى التسليم بالأمر الواقع. كان من المفترض على أعلى عنوان علمي يعد الإنسان للحياة أن يتدخل فيرفض المسلمات الخاطئة..

أليس من الطبيعي بل من الموضوعي أن تقوم الجامعات بالخطوة الصحيحة الأساسية والإنسانية لرفع هذا الشرط المجحف في حق المرأة، التي نضطر كل عام إلى الدفاع المستميت أمام تقارير حقوق الإنسان المتعلقة بها، والتي من أبسطها وأكثرها بداهة حقها في تقرير مستقبلها التعليمي في وطنها وبيدها؟! وتاليتها؟!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد