Al Jazirah NewsPaper Friday  06/03/2009 G Issue 13308
الجمعة 09 ربيع الأول 1430   العدد  13308
مركاز
حسين علي حسين

 

-1-

منذ عام ونصف هربت خادمتان من منزلي، وكان الفاصل بين الأولى والثانية شهرا واحدا، وكلتاهما من الجنسية الفلبينية المشهود لها بالجد والاجتهاد ودماثة الخلق!

وقد غادرتا بعد أخذ كامل الحقوق وإنجاز كافة المهام.. وقبل ثمانية شهور اختفى سائقنا وهو من الجنسية الهندية بعد أن أوصلنا إلى المطار؛ حيث كنا في الطريق لقضاء إجازة الصيف، وقبل أن نسافر أمنا معيشته بتجديد الإقامة ورخصة القيادة ودفع راتب المدة التي سوف نمكثها في الخارج، وفي اليوم التالي، قال أحد الأبناء بأن السائق ترك مفتاح السيارة والغرفة وذاب في العاصمة، بعد خمس سنوات قضاها في منزلنا آكلاً شارباً مكسياً، ولأننا من المواطنين الذين يعرفون ما لهم وما عليهم، تقدمنا كما هي العادة ببلاغ الهروب، لكننا حتى الآن لم نتلق هاتفاً واحداً، لا من الهاربين ولا من الترحيلات!! أين يذوب هؤلاء؟ وهل -حقاً- نحن شريرون لا نحسن إدارة من يعملون لدينا؟ وأننا كنا في (جرة وخرجنا إلى برة) وحال خروجنا وضعنا (حرنا) أو همنا في هؤلاء المساكين حتى اضطررناهم للهروب!

معلومة: راتب السائق كان يوازي راتب مواطن في مدرسة خاصة، ومثله راتب الخادمتين.. أو عاملتا المنزل.. ليتهم ظهروا وأدانونا، على الأقل، كنا عرفنا أنهم بخير ولم تبتلعهم عصابة أو يضحك عليهم أحد المواطنين الاستغلاليين، قلبنا معهم، فهل كان قلبهم معنا، وهم يتسللون مثل الزواحف في ظلام الليل أو ضحى النهار، ضاربين بالعقود والمواثيق عرض الحائط.

المصيبة أن مثلنا آلاف، حدث معهم ما حدث معنا، وكلهم بلَّغوا واشتكوا، وجلسوا بجانب الهاتف بانتظار الهاتف الذي لم يأت وربما لن يأتي أبداً، فالعواصم في كل مكان مثل البئر، من يغطس فيها لا يظهر أبداً إلا في بلده!!

-2-

المديرون التنفيذيون في البنوك والشركات الكبيرة تصل رواتبهم الشهيرة إلى المليون ريال، وفوقها بضعة ملايين يسمونها (بونص) ونحن نسميها (شرهة)، وهناك فئة متوسطة من الموظفين تصل رواتبهم خمسمائة ألف ريال، وهي تتدرج حتى تقف عند الفئة الغلبانة فئة ال(خمسون ألف ريال) وهذه الفئة البسيطة لا تزيد الشرهات التي تجنيها عن النصف مليون ريال، ويقول مصرفي مرموق: إن هذه الطبقة من الموظفين عملة نادرة يجب عدم المساس بها، أو بمخصصاتها، وإلا فإن كل شيء سوف ينهار، سواء كانت هذه الطبقة من المواطنين أو الهنود أو الإنجليز أو العرب حاملي الهويات الصعبة (كندا، أمريكا، بريطانيا).

المصيبة إن بعض الشركات التي ترش مثل هذه الشرهات تعاني من تدني الأرباح، بل إن بعض الشركات باتت ملابسها تتساقط من فوق جسمها قطعة قطعة.. ومع ذلك فإنها تخاف من التفريط في الكبار، فهذا معناه سقوطها وعريها!

هذه الشركات تقدم الوظائف للمواطنين بالقطارة، وتقدم الأرباح أسهماً إضافية، وتقدم المشاريع، المزيد من المشاريع، على الورق! وهناك الآن شركات تأمين، تصرف وتصرف، رغم أنها لم تعمل حتى الآن.. وبعض هذه الشركات لم يبق من رأسمالها الذي تكون من جيب المواطن إلا النصف وأحياناً الربع.. العالم يطالب بربط البطون وضغوط النفقات.. ونحن نطالب بكل ذلك، باستثناء المساس بحقوق الموظفين الكبار!!

فاكس : 012054137



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد