Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/03/2009 G Issue 13309
السبت 10 ربيع الأول 1430   العدد  13309
وزارات على خط النار
د. موسي بن عيسى العويس

 

التعليم، والصحة، والعمل في مقدمة الوزارات التي فتحت عن عمد باب المواجهة مع منسوبيها ومع الجمهور بإيجابية. أدارت دفة الصراع من أعلى المستويات، واستمرأت هذا المنهج الناقد، واعتبرته الطريق الأمثل والصحيح في التطوير، والتغيير، والتجديد، أدرك ذلك من أدرك وجهل ذلك من جهل،

قد يكون من أسباب ذلك التماثل في الفكر والاتجاه من قياداتها العليا التي اختارت هذا الطريق والأسلوب عن إيمانٍ، وقناعة، ودراية تامة بمخرجاته السليمة.

* على النقيض من ذلك ظلت مؤسسات أخرى تدفن مشاكلها وهمومها وآلامها، ولا تقيم وزناً في الرأي لمنسوبيها أو جمهورها. تسعى - بكل ما أوتيت من قوة - إلى تكميم الأفواه، أو شراء الذمم أحيانا، وربما مارست تجهيل كوادرها، والتعتيم الكامل على أساليب عملها، وبرامجها، وخططها، واعتبرت هذه الطريقة نجاحاً لا يعد له نجاح، وهو في حقيقته إخفاق في ( فن القيادة) لا يماثله إخفاق.

* مؤسسات التعليم بالذات هي المسؤولة عن صناعة الرأي، وتشكيل ثقافة الإنسان وتعهدها، تعليماً، وتدريباً، وممارسة. ومن الطبيعي إذا كانت هذه إحدى رسائلها أن تبدأ الممارسة في أوساط المنتمين إليها، وهم على مقاعد التعلم، وستجد فيما بعد أنها صدّرت هذه الثقافة - وأعني ثقافة التعبير عن الرأي والحوار - إلى غيرها بطريقة أو أخرى، بحكم نفوذها وتغلغلها في كافة شرائح المجتمع.

* هذا الاستقراء منا للواقع قد نجد من لا يؤمن به أو يقتنع، هناك من يرى أن بعض المؤسسات لم تف بحقوق منسوبيها، أو لم تساير طموحاتهم وآمالهم وتطلعاتهم الكبيرة، ووقفت عاجزة عن مواكبة العصر بكافة متغيراته، ومن هنا جدّ على ساحاتها هذا النقد الذي تحوّل في بعض صوره إلى ما يشبه الصراع بين الخصوم. هذا الرأي لا يبعد عن المنطقية أحيانا، لكن يجب ألا يغرب عن أذهاننا أن المؤسسات الناضجة، أو القيادات الناجحة في الغالب هي التي تحرك ثقافة النقد لدى الجمهور، حتى ولو تعددت التفسيرات للحدث وتباينت، ولاسبيل للتغيير، والتطوير، والتجديد إلا بهذا الأسلوب مهما كانت الضريبة. أما من يفتقد هذه الروح والمنهجية في حياته، وفي أسلوب عمله فستظل مؤسسته وجمهوره منغلقين على ذواتهم، ويتمحورون حول أنفسهم، مفرطين كل الإفراط في جلد الذات، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

* لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تولد ثقافة النقد الهادف البناء في دول العالم الثالث ناضجة كل النضج في سنوات معدودة، والزمن - وإن طال - كفيل بتغيير مسارات النقد وتوجيهه الوجهة السليمة، وكما أن الإخفاق يستعدي عليك الجمهور، فإن النجاح كذلك له أعداؤه.

* ثقافة النقد هي التي تعطيك دروساً أخرى في ثقافة (العتاب). متى، وكيف يكون؟ تعطيك مثالاً راقيا ( للاعتذار )بصيغه وأساليبه. هذه هي التربية في الحقيقة، وهذا هو التعليم الذي يجب أن نتبناه وننهجه، بهذا الأسلوب يتطور النظام، ويرتقي أسلوب العمل. به تعزز ثقافة الثقة في النفس، وكيف تكون محاسبتها لذاتها حين تتجاوز حدودها ؟ بهذا كله تتجسد ثقافة الحوار، وطريقة تسويق الرأي، والزمن كفيل بتصحيح المسارات وتقويمها. ا - ه

dr_alawees@hotmail. com



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد