Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/03/2009 G Issue 13309
السبت 10 ربيع الأول 1430   العدد  13309
المصالحة السورية - المصرية قبيل قمة الدوحة لتحقيق التضامن العربي المنشود!!
عبدالله محمد القاق

 

في ضوء التحركات العربية على مختلف المستويات قبيل انعقاد القمة العربية في قطر في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، وفي غمرة نجاح اليمين الإسرائيلي بتكليف نتنياهو بتشكيل حكومة يمينية جديدة، وفي ضوء مؤتمر المانحين لإعمار غزة التي دمرت إسرائيل أجزاء كبيرة منها في عدوانها الإجرامي الغاشم، لا تزال إسرائيل تواصل رفضها لكل القرارات الدولية وتقضم الأراضي وقد هدمت 88 منزلاً في حي البستان في سلوان في مدينة القدس وتجاوزت التهدئة مع الفلسطينيين.. كل ذلك ينبغي أن يؤدي إلى ضرورة السعي للمصالحة العربية - العربية أولاً؛ لإزالة هذه الخلافات؛ انطلاقاً من قمة الكويت الاقتصادية والتنموية الناجحة التي مهّدت الطريق لإنهاء الخلافات بين بعض القادة العرب، بإعلان خادم الحرمين الشريفين المصالحة بين الأشقاء والتنازل عن كل الخلافات التي تحول دون وحدة الصف، سواء أكان عربياً أم فلسطينياً، خصوصاً بعد العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة الذي ذهب ضحيته نحو 1350 شهيداً وأكثر من 5000 جريح.

إن الوفاق العربي أمر مطلوب في هذه المرحلة الحساسة؛ الأمر الذي يتطلب تركيزاً مكثفاً على إعادة الوئام وحل الخلافات والتناقضات بين مصر وسورية أولاً؛ لأنه لا يمكن تسوية الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بين مختلف الفصائل ما دام الخلاف ناشباً وقائماً بين هذين البلدين الشقيقين؛ لأنهما يشكلان ركناً أساسياً في تجسيد التضامن، خصوصاً أن الرئيس السوري بشار الأسد هو رئيس القمة العربية الحالية، ولا يمكن تجاوزه حيال الكثير من القضايا الراهنة.

ولعلّ ما نشهده من تحركات سعودية ناجحة مع سورية ودعوة الرئيس السوري بشار الأسد لزيارة الرياض وزيارات سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي إلى دمشق وزيارة السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري إلى الرياض مؤخراً، هو دليل واضح على أن السعودية تدرك تماماً وجوب حل الخلافات بين الدول الشقيقة، وبخاصة مصر وسورية أولاً، قبل الولوج إلى أية خطوة تصالحية فلسطينية.

فالخلافات الفلسطينية التي أصبحت في الوقت الحاضر من أصعب التحديات والمواجهات الراهنة تعوق حل هذه القضية، ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك أو يقلل من حجم هذه التحديات، وهذا يتطلب تهيئة الأجواء من أجل عودة الوفاق والاتفاق بين الأشقاء ومن ثم الوحدة لمواجهة الخطر الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً بعد أن كُلف نتنياهو بتشكيل الحكومة الإسرائيلية التي تهدف إلى وأد عملية السلام والقيام بأعمال عدوانية جديدة، ليس على غزة وحدها بل على الوطن العربي بأكمله؛ لأن العداء الإسرائيلي ليس عنصراً مستجداً في الخطاب الإسرائيلي، بل إنه متواصل، على الرغم من أن زعيم حزب (إسرائيل بيتنا) ليبرمان صعّد العداء إلى مستوى مطالبته بطرد الفلسطينيين عام 1948م من أراضيهم إلى مناطق أخرى، إضافة إلى سعيه إلى تشديد القيود ضد الفلسطينيين واستخدام وسائل للتمييز بين الإسرائيليين وعرب فلسطين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية.

لقد أكد أفيغدور ليبرمان الذي فاز بخمسة عشر مقعداً في الكنيست وهو الروسي الذي كان في الماضي حارساً لملهى ليلي (أن النموذج للتعامل مع الفلسطينيين يجب أن يكون كما فعل بوتين بقصف الشيشان عام 1990م دون هوادة، ذلك القصف الذي أدى إلى مقتل ثلث عدد السكان الإجمالي، وهو يلتقط بذلك أقوال رئيس الوزراء الليكودي السابق مناحيم بيغن الذي يتهم القيادة الفلسطينية بأدولف هتلر الذي تمنيت قتله.. غير أن قتلنا لعشرات الآلاف من الفلسطينيين والعرب لن يبلسم جرحي المفتوح.. لا الآن.. ولا غداً.. وسنواصل مساعينا لقتل حتى الجيران).

إنّ حل الخلافات بين مصر وسورية في الوقت الحاضر هو ضروري وفعّال؛ لأن استمرار هذا الانشقاق غير مقبول، بل إن الواجب يدعو إلى ضرورة توحيد الصفوف قبيل انعقاد القمة العربية التي أعدت لها قطر إعداداً جيداً، خصوصاً أن هناك مساعي حميدة يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح رئيس القمة الاقتصادية، وكذلك سمو أمير قطر؛ لإنهاء هذه الخلافات قبل انعقاد القمة؛ لأن استمرار هذا الانقسام لن يحقق التهدئة للفلسطينيين، ولن يعود باللحمة الفلسطينية إلى سابقتها، ولن يدعم خطط التضامن العربي أو إعادة إعمار غزة؛ لذلك يجب أن يسبقه حسن النوايا بين الجانبين السوري والمصري في أقرب وقت؛ إذ لا يجوز أن يستمر هذا الخلاف في ضوء الانقسام الفلسطيني.

إن عقد قمة رباعية أو سداسية يشارك فيها خادم الحرمين الشريفين والملك عبدالله الثاني وأمير الكويت رئيس القمة الاقتصادية وأمير قطر والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس المصري حسني مبارك، قبيل انعقاد القمة العربية المقبلة؛ لإزالة الخلافات بين مصر وسورية وتحقيق المصالحة التي بدأت في الكويت، يُعتبر خطوة إيجابية ومهمة لإنجاح مسعى التضامن العربي وإزالة ما يعتري العلاقات المصرية - السورية من خلافات.

الأمل كبير في تنشيط هذه المساعي العربية؛ لإزالة جليد الخلافات بين سورية ومصر؛ توطئةً لحل الانقسامات بين الفلسطينيين وبدء مرحلة جديدة من التعاون العربي الفاعل في ظل الظروف الراهنة.

Abdqaq@wanadoo.jo
رئيس تحرير مجلة الكاتب العربي الأردنية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد