Al Jazirah NewsPaper Wednesday  11/03/2009 G Issue 13313
الاربعاء 14 ربيع الأول 1430   العدد  13313
وقفة أخرى مع مواقف اجتماعية ملحة
د. فوزية أبو خالد

 

كنت قد اختتمت مقال الأربعاء الماضي بوعد للقراء أن أواصل طرح عينة محددة من المواقف الاجتماعية التي يكاتبني بها بعض القراء على أمل أن يتضافر الصوت ويصل إلى المسؤول ممن يتوسم مرسلوها أن بيده بعد الله عقد الربط والحل في مواضيع قد يكون منها ما هو مصيري لأصحابها.. كما قد يكون منها ما يُشكِّل قضية ضمير عام.

وإن كنت سأكتفي بعرض ما رأيت أنه مُلحٌ حقاً من تلك المواقف الاجتماعية، كما رأيت فيه بعض ما يُعبِّر عن مواقف فيها ملامح مشتركة من بعض ما قد تعانيه أو تتعرض له شريحة من المواطنين وإن اختلفت التفاصيل أو ما لمست أنه يعكس مواقف تخص مجموعة من المواطنين في عينة منتخبة لتلك المواقف.. وهذا يعني ضمناً مما لا بد من مصارحة القراء به أن هناك ما قمت باستبعاده مما يهيل عليَّ البريد الإلكتروني يومياً من مواضيع يطلب مني أصحابها الكتابة عنها.. على أن ذلك الاستبعاد يعلم الله ليس استخفافاً ببث وشكوى تلك الرسائل.. لكن لسبب مبدئي وأن بعضها يُشكِّل حالات خاصة خالصة لا يكون حلها بطرحها على صفحات الجرائد.. أقول ذلك توضيحاً لقناعتي أن مهمة الكتابة أسمى من أن تسمح لأي كاتب كان، بتحويل تلك الأداة من أداة نقد وتحليل وتنوير إلى وعاء (للمعاريض).. بل إنه يقع في صلب أداء الكتابة التنويري ألا تتواطأ مهما بلغ التعاطف مع وضع ما، مع ثقافة (المعاريض) بما تمثله في بعض السلوكيات الاجتماعية من تمسكُّن واستجداء هو على النقيض تماماً لما يفترض أن تطرحه الصحافة باعتبارها صوت المواطن ضمن منظومة بيّنة ومقننة لإحقاق الحقوق وأداء الواجبات.. فالعمل على تصحيح ثقافة الاستنخاء وتسول الفزعة بثقافة النقد البنّاء والطرح الموضوعي هو ما يخوّل الصحافة أن تكون سلطة اجتماعية رابعة بالمعنى التوعوي والرقابي لميزان العدل العام.. وضمن هذا الإطار أُقدِّم المواقف الاجتماعية التالية:

***

تساؤل عن واقع التنفيذ للأحكام

يطرح هذا التساؤل الموقف المتمثل فيما صار يُعرف في الصحافة وعلى المواقع الإلكترونية بقضية أصحاب الدبلوم:

وهذه القضية لفرط ما تناولتها الأقلام (150 مقالاً حسب ما بلغني).. ولشدة ما جأر أصحابها بالتظلم على مدى سنوات تكاد أن تصبح في شهرة قصة (أصحاب الكهف) ولله المثل الأعلى.

وأنقل هنا ما كتبه أحد أصحابها فيها وهو الأخ سطام العوض من القصيم مع بعض التوضيحات البسيطة:

* القضية أنه رغم أن حكماً قضائياً صدر ملزماً لجامعة الإمام محمد بن سعود بإعادة رسوم دراسية قامت بتقاضيها من مجموعة الطلاب الذي درسوا دبلوماً للغة الإنجليزية لديها كان إعلانها مشفوعاً بضمان وظائف تعليمية في وزارة التربية والتعليم مما اتضح بعد تخرجهم أنه لا يخوّلهم لتلك الوظائف المعلن عنها في طعم الإعلان، ورغم أن الحكم نص على تعويضات، إلا أن الجامعة بإدارتها الموقرة لم تنفذ هذا الحكم وقد انقضى على صدوره أكثر من عامين، هذا مع الإشارة إلى ضآلة المبلغ من التكاليف التي دفعها الطلاب وبعضهم فعل ذلك بالاستدانة مقارنة بالميزانية التي رصدتها الدولة للجامعة في المرحلة التي تلت صدور الحكم.. القضية مرت على جهات متعددة دون أن يحصل شباب الدبلوم على التعويض المقرر لهم بحكم لا لبس فيه.

وقد ختم القول أعلاه بما يلي:

* لا يزال الأمل يداعب نفوس أصحاب الدبلوم في قرب الفرج، والحل الذي يتطلع له أصحابه هو الحل الشامل الذي يكفل عودة كافة حقوقهم المالية من رسوم وتعويض عن الأضرار والأهم هو أن تتاح لهم الفرصة من جديد لمتابعة تعليمهم الجامعي عبر برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي ليعودوا وهم يحملون مؤهلات تساعدهم على بناء أنفسهم وبناء أوطانهم.

وأخيراً، لقد تضمن ما كتبه الأخ سطام رأياً مشروعاً أشاركه فيه، وأود أن تكون خاتمة تناولي للقضية به وإن كنت أطرحه بشكل سؤال علّ منا من يجد الشجاعة في الإجابة عليه، يقول: أليس أمراً مخجلاً أن يكون المجتمع بهذا الجمود فلا تهزه هذه المقالات الكثيرة والمطالبة السلمية الصبورة نحو تصحيح الضرر الذي لحق بمجموعة من الشباب السعودي، أليس من المؤلم ألا يكون للنخبة المثقفة التي عالجت الموضوع بأقلامها الدور الذي يلعبه مثقفو المجتمعات المتقدمة في علاج المشكلات؟. لماذا لا تُلزم الجامعة بتنفيذ حكم دفع التكاليف المالية إلى أصحابها كما أقرَّها الحكم الصادر بها.. هل من جواب؟ هل من مسؤول عن هذه القضية يملك الجرأة على وضع حد عادل لقضية أصحاب الدبلوم بما يحفظ الاعتبار للأساليب الحضارية السلمية في المطالبة بالحقوق؟

***

موقف يخص الشفافية والفعالية في الجهاز الصحي

ويتمثل هذا الموقف الذي يحمل نداءً إنسانياً عاجلاً جدااااااا

في حالة المواطن السعودي محمد صلحان فهيد السبيعي البالغ من العمر 32 سنة.. متزوج وأب لطفلين والذي يحتاج إلى علاج تأهيلي شامل بعد تعرضه لحادث مروع نتج عن عدم مواجهته بشكل طبي صحيح في عدد من المراكز الصحية مضاعفات خطيرة انتهت به مقعداً وغير قادر على أداء معظم وظائفه الحياتية.. ودون الدخول في تفاصيل الألم اليومي الجارف والتخبط على أبواب المسؤولين الذي قام به أخوه في سبيل الحصول له على فرصة للعلاج وإعادة التأهيل فإن حجم مأساة هذا المواطن ترسم صورة نادرة للتماسك الأسري من ناحية.. إلا أنها من ناحية أخرى تكشف عن الوجه الخفي لعينة من الأساليب الموجعة والمهينة أحياناً التي مع الأسف دأب المجتمع على قبولها بل تسويغها للتغلب على بيروقراطيات دوائر بعض الخدمات الأساسية وكأن مثل هذه الأساليب التي تتراوح من توسل الوساطات إلى (حب الأنوف) هي الوسيلة الناجعة للحصول على ما يُعتبر من الحقوق أو في حكمها.. وهذا الوضع قد يتعدى التباسات حالة بعينها ليشكل موقفاً اجتماعياً لا بد من تضافر الجهاز الحكومي والمجتمع لاستبدال تلك الأساليب (الاسترحامية).. وهذا مجرد مسمى مخفف لها بأساليب حضارية في إنجاز المعاملات ليتخلص المجتمع وتتخلص سمعته من تلك الأساليب البلاطية في قضاء الحاجات المنحدرة من أنماط معيشية ومراحل تاريخية كانت شائعة ما قبل بناء الدولة الحديثة والمجتمع المدني في العصر الحديث.. وهذا هو الإطار الوطني العام الذي أستند عليه في طرح الموقف الاجتماعي الذي يمر به هذا المواطن السعودي وأسرته مما قد يكون أيٌ منا عرضة له -لا سمح الله-.

فهذا المواطن حصل على أمر ملكي بالعلاج والتأهيل في الخارج نظراً لعدم وجود مركز تأهيل محلي مختص بمعالجة مثل حالته.. كما أن أخاه وأطباء مختصين قد تحققوا من وجود مركز علاج تأهيلي بالخارج قادر على تقديم الخدمة المطلوبة للحالة المرضية للمواطن.. إلا أن العقبة كما تظهرها الرسالة التي وصلتني أنه بعد ملاحقات ومراجعات عدة أشهر لا يبدو أن هناك بادرة للشروع في إيفاد المواطن المريض للمعالجة والتأهيل مما يجعل التأخير عنصراً إضافياً لتردي الحالة وربما ضياع الفرصة في إنقاذ حياة هذا المواطن.. وعليه فإني أضع حالة هذا المواطن على طاولة الوزير برمزيتها لحاجة هذا الجهاز الصحي الحساس إلى كل ما يدعم الطموح الوطني فيه من شفافية وفعالية تطلبها طبيعته المتعلقة بالمصير الصحي للمواطنين.

***

موقف حق الأطفال في رياض الأطفال..

وحق معلمات رياض الأطفال في العمل

بعد نشر مقالي: (من أجل حملة تحمي حقوق الأطفال) وصلتني الرسالة أدناه لأكثر من مرة وقد كُتبت بأكثر من صيغة إلا أنها تحمل نفس المضمون في التعبير عن موقف اجتماعي يخص الأسرة والمعلمات وحق الطفل في الحصول على التمتع بمرحلة رياض الأطفال:

خيبة أمل نعيشها.. فرغم التوجه الرسمي الصريح بالاهتمام بمرحلة رياض الأطفال إلا أن الأمر المؤسف هو أن ذلك لم يجد ترجمة على أرض الواقع.

في هذه الرسالة نود الانتباه إلى أن العجز في عدد المعلمات مستمر في الروضات الحكومية بمدينة بريدة وبمنطقة القصيم عامة ومناطق الشمال كمدينة عرعر ومدينة الجوف وسكاكا وحائل والمنطقة الشرقية.. ولم يتم تغطية العجز بالتوظيف على بند الساعات كما كانت بعض الحلول المؤقتة سابقاً.. ولذا فالحال برياض الأطفال متوقف ويعاني من تكدس الأطفال مع معلمة واحدة.. وقد تجاوز عدد الأطفال نصاب المعلمات.. وهذا يؤثر سلباً على الاهتمام بالأطفال وتنمية وصقل المهارات العقلية والرياضية والعلمية لكل منهم.

وبالرغم من النقص الحاد بالكادر المتخصص إلا أن العمل مع الأطفال مستمر.. وكذلك عملية محاولة رفع الوعي الأسري والمجتمعي بكيفية التعامل التربوي السليم للطفل بعقد لقاءات بالروضات الحكومية ودعوة أهالي الحي كافة للمشاركة في ورش عمل عن الطفل وثقافة الطفولة ومعالجة الإشكاليات الاجتماعية المتعلقة بالطفولة.

وللرغبة الصادقة في إكمال قصة النجاح.. فنحن مجموعة من معلمات بكالوريس رياض الأطفال نود التنويه بالوضع.. لقد مضى علينا ما بين خمس إلى سبع سنوات ونحن نعمل على بند الأمية، ورغم عدم استقرار العمل على مثل هذا البند إلا أن التعثر لم يقف بالعمل مع الأطفال والمجتمع المحلي من خلال رياض الأطفال عند هذا الحد حيث تم إلغاء البند ورفض ديوان الخدمة إدراج الاحتياج (حيث كان المتبع أن يُعاد تجديد عملنا سنة بسنة) إلا أن المعلمات تخصص رياض الأطفال قد استبعد إجراء التجديد لهن لمواصلة العمل هذا العام.. والسؤال بأمل أن يسمعه المسؤول ويستجيب لحاجة أطفال المجتمع إلى مرحلة رياض الأطفال وحقهم فيها هو: متى نرجع للعمل بوظائفنا في مجال رياض الأطفال لنواصل تجربة النجاح في خدمة الطفولة عبر هذه المرحلة الحيوية؟؟؟.. هل تتوقف قصة النجاح للعمل في رياض الأطفال التي بدأ سفرها بمجتمعنا السعودي؟؟؟

هل يتوقف بناء الطفل كإنسان ذي وطنية خالصة وبأيدٍ وطنية خبيرة ومُدرَّبة من بنات الوطن؟.

***

وبعد: أضع هذه المواقف الاجتماعية الملحة أمانة في أعناقنا جميعاً.. وأتوقع أن نسمع في كل منها استجابة شافية من المسؤول المعني.. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.





Fowziyah@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد