Al Jazirah NewsPaper Saturday  14/03/2009 G Issue 13316
السبت 17 ربيع الأول 1430   العدد  13316
الدواء المفقود متى يعود؟!
د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل

 

الغذاء والدواء عماد البقاء في هذه الحياة - بإذن الله - ولذلك اهتم بهما الإنسان، لقد اهتم الإنسان بالزراعة وتربية الماشية كما اهتم بالمرض ومسبباته، وأولى المدونات في الطب دونت في أيام الإغريق قبل الإسلام بأكثر من ألف عام، ولو تتبعنا التاريخ المدون لوجدنا الاهتمام بالغذاء والدواء يلازم التاريخ في كل عصر،

فجل الحروب من أجل الهيمنة على مصادر الغذاء، وتعليم الطب قائم قبل ميلاد المسيح بستة قرون، إن حب البقاء في هذه الدنيا يدفع الإنسان لتحسين معيشته ولدفع المرض عنه وهذا أمر مرتبط بطبيعة الإنسان ليعمر الكون ويدوم البقاء ما أمكن ذلك، فالإنسان السليم ينجب سليماً - بإذن الله -، والمرض قد ينتقل في الذرية كما هو مشاهد في بعض الأمراض. ونحن جزء من العالم نسعى إلى تأمين الغذاء بكل الوسائل ودفع الأمراض ما أمكننا ذلك، وهناك جهاز يشرف على استيراد الغذاء وبيعه وتوزيعه وهو وزارة التجارة وجهاز يهتم بصحة المواطن وتأمين السرير له في المستشفى وتأمين الدواء له عند الحاجة وهو وزارة الصحة ولالتصاق هذين الجهازين بحياة المواطن تحمل المسؤول الأول فيهما عبئاً ثقيلاً من قبل العاملين معه ممن لا يقدرون حياة المواطن، فالمسؤول الأول يحترق من أجل إنجاز العمل، والموظف المرؤوس لا يهتم، فعندما قل الدقيق في السنة الماضية وأغلقت بعض المخابز ضج الناس، وكان وزير التجارة في حينها رجلاً عاقلاً يعرف أن المسؤولية عليه فطلب إعفاءه من منصبه. ونحن نعرف أن قلة القوت وندرته توجدان الفقر والفقر يدفع إلى السرقة، وخلفاء الإسلام الأوائل قدروا هذا الأمر وأنزلوه منزلته، فتراخوا في العقوبة في أعوام المجاعات. والزكاة في الإسلام فرضت من أجل الفقير، وحث الإسلام على الصدقة، وأوجب إخراج زكاة الفطر في يوم عيد المسلمين حتى لا يبقى جائع في ذلك اليوم. وولي أمر المسلمين في هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين اهتم بالفقر والفقراء فزار الفقراء في بيوتهم.

والعلاج قرين الغذاء فلا يستقيم أمر الجسم إلا بالغذاء والدواء، وولاة الأمر في هذه الدولة - أيدها الله - تنبهوا لحاجات الناس الأساس فقدموها على غيرها، فالملك سعود عندما تولى المُلك بعد والده الملك عبد العزيز قال: إذا كان عهد والدي هو عهد لم الشمل وتأمين المواطن، فإن عهدي سيكون حرباً على الفقر والمرض والجهل. ومع اهتمام ولاة الأمر بهذا المرفق في القديم والحديث فإن مستوصفات وزارة الصحة خالية من الدواء منذ أشهر، وأنا أعزو ذلك إلى سوء الإدارة، فالأموال موجودة وتبذل للبعيد قبل القريب، وولي الأمر إذا وضع ثقته في شخص يرأس جهازاً في الدولة فقد أبرأ ذمته، فالمال مخصص لتلك الوزارة فلم يبق إلا حسن الإدارة ووضع المال في موضعه، فالدولة تتفق ما يراه المواطن، فالأرصفة تزال وتستبدل بغيرها، والأنفاق تحفر، والعقبات تشق في الجبال، واللوحات التي تكلف مئات الآلاف تنصب في شوارع القرى من غير حاجة بدليل وفرة المال والطرق تعبد بين قريتين صغيرتين، والمباني الحكومية قائمة في كل بلد، فالإنفاق مبذول من قبل ولي الأمر في كل مجال فأين وزارة الصحة عن ذلك كله، وهل استثمرت ما خصص لها في موازنة الدولة، إن المواطن ليتساءل ومن حقه ذاك!! إن المسؤول الأول في الوزارة هو من تحمل العبء فعليه وضع الرجل القادر على العمل في المكان الأكثر خدمة للناس، هل يخفى على المسؤولين في وزارة الصحة أن هناك فئة من الناس تعتمد على الدواء اليومي مثلما تعتمد على الغذاء اليومي، ومن هذه الفئة مرضى الضغط ومرضى السكر، فهؤلاء يلازمهم الدواء صباح مساء، فإذا كان المال موجودا - ولله الحمد - فلم يبق إلا العمل والإنجاز.

لقد شاهدنا أناساً غادروا هذه الحياة الدنيا بسبب عدم توافر سرير في مستشفى لإجراء عملية شرايين وهم في بلد الخير وجيرانهم يغبطونهم بوجودهم في هذه البلاد وما علموا أن تلك الغبطة في غير مكانها. إن المال يحتاج إلى حسن تدبير فإذا أعطي من لا يحسن تدبيره قل نفعه بل انعدم.

وولي الأمر وضع المال في أيد يفترض فيها أن تخدم المواطن ولكن ذلك لم يحصل. لقد صنف العالم إلى ثلاث درجات ونحن في الدرجة الثالثة فنحن جزء من العالم الثالث مع وجود المال، فهل نعي ما نحن فيه.

إنني أرى أن ينشأ في الديوان الملكي جهاز مستقل مهمته الإشراف على أداء الوزارات والمصالح الحكومية ويرفع أداؤه إلى خادم الحرمين الشريفين كل ثلاثة أشهر فخادم الحرمين الشريفين حريص على حياة الموطن وأمنه.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد