Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/03/2009 G Issue 13317
الأحد 18 ربيع الأول 1430   العدد  13317
أضواء
بأيدينا ندمِّر قوانا
جاسر عبد العزيز الجاسر

 

لم يكن عبثاً اختيار أقطار إسلامية معينة لتكون بؤراً للتوترات والاضطرابات، وحتى الثورات، بل الاحتلال، بعد غزوها، لأسباب مختلفة أو مفتعلة أوجدتها وصنعتها تلك القوى التي أكملت المهمة بإرسال جيوشها إلى المناطق الإسلامية لإجهاض النهضة الإسلامية التي بدأت تباشيرها تظهر في الربع الأخير من القرن الماضي.

ولأن إضعاف الأمة يتم من خلال تفجيرها من الداخل بإثارة الفتن التي تتسع وتجد لها مجالاًٍ خصباًٍ بنبش الخلافات المذهبية والعرقية، خصوصاً بين أبناء الدين الواحد؛ لذلك وجد مَن يخططون لإجهاض النهضة الإسلامية التي كانت تلوح في الأفق، أن أفضل وسيلة لتشتيت القوة الإسلامية توظيفها في تدمير البلدان الإسلامية نفسها، وبدلاً من توجيه الموارد والإمكانات وتطوير العلوم والثقافات؛ لتوسيع دوائر التنوير والإصلاح عبر الحوار وسماع وجهة نظر الطرف الآخر من داخل الأمة وخارجها.

وهكذا واعتماداً على دراسات وبحوث موضوعة سلفاً للتعامل مع أقطار العالم الإسلامي وشعوبه، وجدوا أن أفضل وسيلة لإضعاف الأمة هي تشتيت قوى شباب الأمة وخيرة أبنائها المتعلمين من خلال دعم الشخصيات والعناصر المتشددة التي تنتهج فكراً متطرفاً.

وقد لاحظ الدارسون أنه في بداية السبعينيات ظهرت حركات ومنظمات إسلامية متطرفة بعضها أعيدت إليها الحياة بعد أن كانت (منظمات نائمة)، ومثلها شخصيات وقيادات دينية أبعدت عن مسرح عملها أو جُمِّدت، وبعضها أنشئ للغرض ذاته؛ فأخرج الخميني من العراق الذي وصل إليه مبعداً من إيران، وأرسل إلى فرنسا؛ لتحشد للرجل كل إمكانات (إحياء القوة) من خلال (ميديا مركزة) وتجميع للخبراء السياسيين والعلاقات العامة من كبار السياسيين الإيرانيين المعارضين؛ حيث وضع الشيوعيون والقوميون الإيرانيون والمثقفون المعارضون للشاه في خدمة رمز المؤسسة الدينية؛ لينطلق قمقم الأصولية الإيرانية مرتدياً ثوب الخمينية الذي يمارس دوره في تقسيم وحدة الصف الإسلامي بتبني خيار التطرف الإسلامي لمذهب بعينه في مواجهة مذهب آخر من خلال إثارة الأصولية الشيعية لمواجهة التطرف السني الذي حاولوا إطلاقه من خلال إعادة الحياة إلى حركة الإخوان المسلمين. وبعد أن عجزت هذه الحركة عن تطوير أدائها والخروج من ثوبها الكلاسيكي انتقوا بعضاً من رموزها كعزام والظواهري؛ فأنشأوا حركة طالبان التي نشأت اعتماداً على الطلبة الذين ترعرعوا في أحضان (الآباء الكبار) لرموز الغلو والتطرف؛ ولمَّعوا لها رمزاً خرج من حضن مواجهة الروس في أفغانستان؛ فكان ابن لادن رمزاً للغلو السني بمواجهة رمز الغلو الشيعي، مكملين بذلك إنتاج (قنابل إسلامية) مدمرة كانت جاذبة للقوى المعادية للأمة الإسلامية التي وجدت في أعمالهم، والتي وصلت آثارها المدمرة إلى أقصى حدود الغرب، مبرراً لإرسال جيوشهم وأساطيلهم إلى الأقطار الإسلامية لإجهاض القوة الإسلامية في مهدها؛ فاحُتل العراق وأفغانستان، وأشغلت إيران بتنفيذ دورها في تصدير الراديكالية الشيعية وتوريطها في السعي إلى إنتاج الأسلحة النووية التي ستمتص القدرات الاقتصادية لهذا البلد؛ فيجوع شعبه ويصبح لقمة سائغة وجاهزة للبلع والتوظيف لخدمة مخططات أعداء الإسلام، وكما فُعل مع العراق، والآن يأتي دور السودان وفق مخطط موضوع سلفاً.. وعلى القائمة أقطار إسلامية أخرى، والزمن كفيل بالكشف عنها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد