الناس يموتون والدواب والأنعام وكل الخلائق، والتفرد بالبقاء لله سبحانه وتعالى دون سواه، قال تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) والموت والحياة من سنن الله الكونية في خلقه فالحياة يعقبها الموت الذي كتبه الله على خلقه جميعهم، ولن يستطيع المخلوق الفرار من الموت ولو كان في بروج مشيدة أو قصور منيعة وذات حصون؛ فهو ملاق الإنسان قصر به العمر أو طال، ولا بد للإنسان أن يفارق هذه الدنيا الفانية حياة الغرور إلى قبور ذات لحود أول منازل الحياة الآخرة (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) والمصائب قدرها الله على خلقه مختبراً عباده في الصبر على الابتلاء والمصائب والصبر فيما قدره الله، والصبر والاحتساب من صفات المؤمنين الأتقياء فعندما يصبر المؤمن على ما قدر الله عليه يؤجر على صبره واحتسابه.
قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} ونحمده سبحانه وتعالى على قضائه وقدره خيره وشره، فها هي المنايا تترى على خلق الله ويقابلها المسلم بالاستسلام والصبر والاحتساب لينال الأجر والمثوبة من عند الله تعالى.
ففي يوم الأربعاء الموافق 9-2-1430هـ فقدنا العم عبد الرحمن بن محيسن المحيسن العابد الزاهد، أفنى حياته في طاعة ربه وصلة قرابته باذلا المعروف مع الناس قريبهم وبعيدهم، متعاوناً على البر والتقوى ومساعدة المحتاج. مات صاحب القلب الرحيم والعمل القريب الذي نعتبره بمثابة الوالد، إنها لحظات عصيبة عندما علمنا بوفاة العم عبد الرحمن المحيسن، أحقا فارقنا هذا الشيخ الوقور الذي أحب الناس فأحبوه؟ فكم ذرفت المآقي أثناء الصلاة عليه وتشييعه ودفنه في قبره، وهذه سنة الله في خلقه أجمعين، ولله ما أعطى وله ما أخذ، رحم الله العم عبد الرحمن المحيسن رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وكم كنت أيها العم الراحل كبيراً في نفوس الناس، وتلك شهادة من حضروا جامع الشافعي للصلاة عليك، فعباد الله هم شهوده على أرضه.
لأن الله سبحانه وتعالى إذا أحب المخلوق جعل محبته كبيرة في قلوب الناس، مات واصل الرحم ولين الجانب صاحب البسمة المفعمة بالمحبة الصادقة لكل من يعرفه ومن لا يعرفه، إنه الحزن يعصر القلوب لفراق العم عبد الرحمن، فقدنا مجلسك المفتوح على مصراعيه دائماً، فقدنا سماع أذانك في مسجد الدهيشية، فقدنا العم البار بوصل أقربائه ذكورهم وإناثهم، انطفأ نور من أنوار الدهيشية طالما كان ساطعاً يشع محبة وإيماناً وتقوى وصلاحا، بكاك الجمع والصحب الكرام.. بكاك الطفل والشيخ المسن.
فرحمك الله وجعل مثواك جنات الفردوس الأعلى وأسبغ عليك شآبيب الرحمة والغفران، فعزاؤنا ذكراه الطيبة وسيرته الحسنة والبركة في عقبه من الأبناء الأوفياء فنعم الأبناء ونعم البررة.
سائلا الله جل وعلا أن يتغمد فقيدنا بالرحمة الواسعة، وعزاؤنا لزوجته ولأبنائه وكريماته وأحفاده وأقاربه الصابرين المحتسبتين، غفر الله لنا وله ولجميع موتى المسلمين وأن يلهم الجميع الصبر والسلوان إنه سميع مجيب.
- رياض الخبراء