Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/03/2009 G Issue 13317
الأحد 18 ربيع الأول 1430   العدد  13317
رحلة الحياة
عبدالله سليمان الطليان

 

يعيش البشر في صراع مع الحياة، كل على حسب طريقته وفكره ومعتقده، يمر الوقت وهم في سباق محموم في تحقيق أمنية أو غاية، الكل يريد أن يصل بطرق عدة في كل لحظة في كل ساعة في كل يوم معركة خفية تدور على وجه الأرض لا تتغير، الذي يتغير فيها هم البشر يدفعون أجسادهم ثمناً لها حيث يسحقهم الزمن وهم في دائرة هذا الصراع.

في سجال ونزاع فيما بينهم وفيما حولهم يصغر أحياناً أو يكبر منفرداً أو جماعياً تحكمهم نوازع الخير والشر من رحمة وحب وإخاء وعدالة ورفع الظلم إلى أنانية وحب النفس والتملك والسيطرة الكل يعتبر نفسه هو الأحق بالعيش، يبحث ويفتش عن مصلحته، يتشبث بالحياة لا يهمه الآخرين حتى وإن بدا عليه الحزن والألم الذي ينتهي مع مرور الوقت، وهذا يتجسد أمامنا وفي محيطنا ثم ينتقل بالتدرج إلى ما حولنا مع اختلاف المكان والحدث، عظمته وأثره.

الكل في مكانه له طموحات تأتي وفق قدراته وتطلعاته وبحسب إمكانياته فهناك من يكسب لقمة العيش بعد عناء وجهد في الحقول، وآخر يحلم بأن يتخطى حاجز الأرقام في لهاث مستمر نحو الرقم الأخير الذي لن يأتي ما دام هناك حياة، وهناك من انهمك في معمله انقطع عما حوله وراح يجري التجارب واحدة بعد أخرى للوصول إلى هدف تغيب أحياناً عنه الإنسانية، يغرق في التفكير ويحاول جاهداً بدون أن يعطي للوقت معنى المهم أن يتحقق الهدف وآخر يتمنى أن تتوقف عقارب الساعة ولا تدور لأنه سوف يغادرها بعدما حدد له ذلك وبغير طواعيته إنه الإعدام، وهناك من يشعر بالتعاسة في حالة من القلق والترقب سجين السرير الأبيض متى يقول له الطبيب عليك بمغادرته بأقصى سرعة، وكذلك الذي ينتظر مولوده الأول يراقب ويعد الأيام والأشهر بدقة تمر بطيئة عليه هذه هي مسيرة حياة البشر كل شيء شبه ثابت لا يتبدل، بينما ما يحيط بهم في تبدل مستمر منذ بداية الخلق يحاولون بشتى الطرق صنع حياة أفضل لأنفسهم التي تأتي على حسابهم بدون شعور منهم، أي أن يعيش إنسان على معاناة إنسان آخر بسبب الحاجة التي تنزل به إلى التخلي عن قوانينه في سبيل الخروج من دائرة الفقر فيمكن أن يبيع جسده ويرهنه للآخرين لكي يتصرفوا فيه كيفما شاءوا، المهم أن يبقى.

وترتسم السعادة لدى تحقيق غاية مع اختلاف في الوصول إليها ومقدارها وهذا يعتمد على الحدث أو الموقف فتغمر السعادة الجميع ولكن بدرجة متفاوتة بحلم صغير أو كبير يراه البعض يسيرا وهو لدى صاحبه كان أمرا عسيرا، إنه معنى السعادة الحقيقية يتمتع بها الجميع وإن كانت أحلامهم المتحققة مختلفة لكن في النهاية تعني شعوراً بنزعة الوجود. وتستمر الحياة على تلك الوتيرة وذلك النسق وتبقى هناك آمال وتمنيات يمكن أن تتحقق أو لا تتحقق، مرهونة بالوقت الذي يكبلها ويحكمها.





abdllh_800@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد