Al Jazirah NewsPaper Wednesday  18/03/2009 G Issue 13320
الاربعاء 21 ربيع الأول 1430   العدد  13320
لما هو آت
ببغاء الجارة..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

دلفت من الردهة المجاورة لمكتبه على عجل، فتحت الباب عنوة وهي تلقي إلى عينيه بتفاصيل دهشة ملامحها، أسرع بوضع قلمه فوق حفنة التقارير التي بين يديه ليسألها: ما الأمر؟، قالت له: الطير الرمادي ذو المنقار الأحمر في حديقة جارتنا يردد ما نقول، وأخذت بتلابيب ياقته تجره نحو الحديقة، أجابها: قلت لكم عشرات المرات بأن تخفضوا أصواتكم وأنتم تتحدثون، قالت لكنه يعيد جملا كثيرة أغلبها لا تدور بيننا جماعة، بل أرددها بيني وبين نفسي في حجرتي، ذهبا لحجرتها يتفقدان المنافذ والنوافذ، لكن كل منفذ مغلق بينها وبين الجيران، بل إن بيتهم لا يقرب أبدا من السور الفاصل بينهم،.. خرجا للشارع، فإذا بثلل من الناس.., هنا مجموعة، وأخرى هناك، والجميع يتناكبون عند الأسوار الأربعة التي ينهض في وسطها بيت الببغاء، ضحك منهم جماعة قليلة إذ راقت لهم نسبة البيت للبغاء لا لصاحبه.., طرقوا أبوابه البيضاء المرتفعة، وداروا حول أسواره المنمنمة بنقوش خيل لهم أنها صور مكررة متداخلة لببغاء يشبه الذي وصفته نساؤهم..، فامرأة بيت الببغاء تطل على جاراتها دوما وتشركهن في رعايتها وتمنحهن من كلماتها الودودة ما يجعلها المثل الأعلى لهن،.. لم يخرج لهم أحد، جاءهم صوت الببغاء يكرر غوغاءهم، يردد جملهم وعباراتهم.., بدأت مؤشرات الغروب فاتجه الجميع لسوق الطيور، ابتاعوا لنسائهم ببغاوات كما ببغاء الجارة..,

أرخى الليل سدله وأوبق، والبيوت كلها أصبحت ذات ببغاوات،..

ثم أدبر الليل.. والنساء يترقبن الفجر إن أسفر.. أنْ تُكرِّرَ ببغاواتهن حديث الجارة، لكن الأمر لم يحدث..

وما إن انتصف النهار والشمس في كبد السماء, إلا كانت الببغاوات جميعها تردد ما التقطته عنهن، وما قاله رجالهن ..

وبينما هي داخل الأقفاص، كان ببغاء الجارة قد حط رحاله فوق مئذنة الشارع الطويل وأخذ يجيل النظر في بيوت الببغاوات كلها وهو صامت..!

الجارة تغط في استقرارها..

وهم لم يتذوقوا طعما له بعد..!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد