Al Jazirah NewsPaper Wednesday  18/03/2009 G Issue 13320
الاربعاء 21 ربيع الأول 1430   العدد  13320
في محاضرة ألقاها بجامعة الملك عبدالعزيز بحضور عدد من المسؤولين والأكاديميين
خالد الفيصل يعلن إنشاء كرسي تأصيل منهج الاعتدال السعودي

 

جدة - «الجزيرة»

ألقى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة اليوم محاضرة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة بعنوان: (تأصيل منهج الاعتدال السعودي) وذلك ضمن النشاط الثقافي للجامعة للموسم الدراسي لهذا العام.

وكان في استقبال سموه لدى وصوله قاعة المؤتمرات والندوات بالجامعة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة ومدير الجامعة الدكتور أسامة بن صادق طيب ووكلاء الجامعة وعمداء الكليات والعمادات المستقلة وعدد من منسوبي الجامعة.

وقد استهل سمو أمير منطقة مكة المكرمة محاضرته بكلمة شكر فيها الجامعة على إتاحتها الفرصة للتحدث إلى إخوانه أعضاء هيئة التدريس بالجامعة وأبناءه الطلاب للاستماع إلى آرائهم ومداخلاتهم واقتراحاتهم.

وتقدم سموه باسم أهالي منطقة مكة المكرمة بالشكر والتقدير والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهد الأمين -حفظهما الله- على الاهتمام والرعاية التي تحظى بها المنطقة فردا وجماعة من قبل القيادة والرشيدة.

وقال سموه في كلمته: (نحن نعيش في فترة مميزة فترة الخير والمشاريع والتقدم والتطوير ومرحلة انتقالية من حالة حضارية إلى حالة أخرى أرقى واشرف وأسمى للإنسان السعودي الذي يستحق كل التقدير والاهتمام والرعاية).

وأضاف أننا نمر بمرحلة انتقالية وفترة متأزمة تضطرب فيها الأفكار وتتصارع فيها التيارات فترة اتسمت بالحروب والقتال بين الدول والحركات المسلحة داخل الدول ثم انتهت في هذا العام بالأزمة الاقتصادية العالمية التي اهتزت لها جميع الأنظمة الاقتصادية في العالم.

وأوضح سموه أن هذه البلاد جزء من العالم تأثر وتتأثر بما يحدث في العالم وليس نحن بمعزل عنها كما كنا في العصور السابقة ولا نستطيع أن نعزل أنفسنا أو نسلخها عن الفكر والثقافة والآثار الاقتصادية خاصة مع التطور الهائل في الإعلام والاتصال الذي جعل الكون صغيرا بحيث تصل المعلومة للإنسان في بيته وغرفة نومه ويتأثر مباشرة بكل ما يجري في العالم والذي يجب أن نتعلم وأن نوطد أنفسنا للتعايش مع هذا العالم مع المحافظة على عقيدتا الإسلامية ومبادئها السمحة.

وبين سموه أن القيادة السعودية نجحت في مختلف الفترات في الأخذ بالتطوير واستطاعت أن تجنب الشعب السعودي الكثير من الأزمات والصراعات الإقليمية والعالمية وكل عام يمر تجد التأثير يزداد في الصلة بالعالم بسبب ثورة الاتصال والمعلوماتية و في هذا الخضم من العدوى الفكرية انتقلت إلى داخل المجتمع السعودي.

وبعد أن أنهى سمو أمير منطقة مكة المكرمة كلمته بدأ محاضرته قائلاً: (أنا لست محاضرا في هذا المعقل العلمي وإنما متحدثا حديث شخص عادي يبث همومه أمام جمع أكاديمي ومثقف بصفتي مسؤول عن التنمية والأداء الحكومي بالمنطقة وأول ما بدأت العمل بالمنطقة استعنت برجال ونساء لوضع إستراتيجية لتنفيذ الخطط الخمسية واهم بنود الإستراتيجية تلك الرؤية التي تحدثت عن بناء الإنسان والمكان).

وبين سموه أن بناء الإنسان مهمة شاقة وكبيرة ومعقده أكثر من تنمية المكان مضيفا لقد حاولنا إيجاد آلية نغير من خلالها ما يمكن أن نقدمه من ثقافة للفرد والمجتمع خلال العشر سنوات القادمة وقد تم عمل مجلس مكة الثقافي وتحول إلى لجنة مكة الثقافية ووضعنا تأصيل منهج الاعتدال السعودي في الدين والانتماء للوطن وهذا هو السبيل للبرنامج الثقافي والفكري الذي ستتبناه اللجان وهذا اللقاء هو امتداد للقاء الذي تم بجامعة أم القرى.

وقال سموه: (معنى كلمة الاعتدال هي الاستقامة وإذا استقام الشيئ استوى والعدل هو العدالة والاعتدال هو الوسط بين الإفراط والتفريط والإنسان العدل هو من تتغلب حسناته على سيئاته وهو منهج الاعتدال السعودي).

واستطرد سموه يقول: (فعند بداية الدولة السعودية الأولى كانت حركة الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب توصف بأنها حركة إصلاحية تجديدية).

وأضاف سمو الأمير خالد الفيصل قائلاً: (أنه عند بداية العهد السعودي الحالي عندما بدأ تكوين هذه الدولة منذ الفجر الأول على دخول الملك عبدالعزيز الرياض وبدأ العهد السعودي الجديد للدولة السعودية الثالثة عمل رحمه الله على الاعتدال واختار راية التوحيد لهذه البلاد بحكمة وبعد نظر وهنا تأصيل لمفهوم هذه الدولة بأنها إسلامية بعد ذلك اسم المملكة العربية السعودية ولأول مرة في التاريخ يدخل مسمى أمة عربية ودخلت أول دولة ذكرت العروبة وهنا يأتي الاعتدال مرة أخرى ويؤكد الاعتدال ثم هناك السعودية وهو المنهج السعودي للاعتدال في السياسة والفكر ومنذ البداية نجد هناك توازن في التوجه الإسلامي والعروبي الهوية الإسلامي).

وأردف سموه يقول: (بعد ذلك أعلن دستور هذه البلاد في الكتاب والسنة وهنا أكدت مرة أخرى أن هذه الدولة امتداد للنهج الإسلامي بفكر وتوجه إسلامي معتدل ثم بدأت التنمية والتطوير وتحويل المجتمع القبلي الأمي إلى مجتمع مدني متحضر ببناء الهجر وتوطين البادية وإرسال المعلمين والقضاة والدعاة لتعلم أمور الدين والقراءة والكتابة وحفر الآبار للمساعدة على التوطين وتلى ذلك تأسيس الإدارات والمؤسسات الحكومية والوزارات المختلفة ثم أدخل مشروع التحديث بإدخال الآلات والسيارة والطائرة والقطار والمبرقات والراديو ثم بدأت ردة الفعل بالرفض فالإنسان عادة ما يجهل ويرفض الجديد وقامت حركات مسلحة واجهها الملك عبدالعزيز وفرض التحديث والتطوير على هذا المنهج الذي أطلق عليه منهج الاعتدال السعودي فهنا الموازنة بين الأصالة والمعاصرة وبين التمسك بأهداب الدين والقيم الإسلامية والاستفادة من المكتسبات الحضارية العلمية سواء المكتسبة من الداخل والمكتسبة والمستوردة من الخارج هذا هو الاعتدال هذا هو منهج الاعتدال).

ومضى سموه قائلاً: (التطرف موجود منذ بداية هذا العهد عندما قامت الحركة الرافضة للتطوير وانتصر عليها الاعتدال السعودي فأستمر الاعتدال واستمرت مواجهة التطرف في عهد الملك سعود والملك فيصل رحمهم الله واستمر الاعتدال وكان هناك حركة عالمية امتدت أصابعها للعالم العربي وهو المد الشيوعي الذي أثر في المجتمعات العربية وتمثل في بعض الحكومات بالدول العربية وظهور الأحزاب الاشتراكية التي نقلت الكثير من الفكر الشيوعي والنظام الشيوعي والاقتصاد الشيوعي إلى المجتمع السعودي وبما أن هذه الدولة إسلامية وبما أن هذه البلاد وقيادتها مؤتمنة على الرسالة في هذه الأراضي المقدسة فقد رفضت هذا المد الشيوعي وتمسكت بأهداب الدين الحنيف وبدأت الحملات العديدة إعلاميا وثقافيا في الصحافة والكتب والإذاعات في ذلك الوقت وكانت هناك محاولات الحركات المسلحة للتأثير على هذه البلاد ولكن واجهتها المملكة بكل إصرار وعزم وثبات وانتصر مرة أخرى منهج الاعتدال في وجه المد الشيوعي وكان هناك انتشار لعدد من المؤسسات الحكومية والأهلية وتنظيم للبنوك وكان هناك بداية لتعليم المرأة وأول انطلاقة للتلفزيون وتحرير الرق وكان هناك في ذلك الوقت العشر نقاط التي تضمنها برنامج الملك فيصل عندما تسلم رئاسة الحكومة في عهد الملك سعود رحمه الله).

وأفاد سمو أمير منطقة مكة المكرمة أن التطرف لم يزل موجودا وعاد مرة أخرى في عهد الملك خالد ممثلا في حركة جهيمان التي أثرت وأساءت على تلك الفترة من الزمن ومرة أخرى ينتصر منهج الاعتدال السعودي ويقضي على مجموعة الحركة التي احتلت الحرم ومنعت الصلاة في الحرم لمدة أسبوعين فقد تم القضاء على تلك المجموعة ولكن بقي الفكر المتطرف تحت الرماد وانطلق مرة أخرى في عهد الملك فهد ووجدنا أن هناك تحالف فكري بين التطرف في الداخل وبين التطرف الذي حدث من قبل صدام حسين على السيادة والمواثيق والعهود العربية والدولية عندما غزا الكويت واحتلها.

وقال سموه: (ومن الغريب أن التناغم حصل بين التطرف ممن يدعون الإسلام من الداخل والتطرف ممن يتبنى الفكر الإلحادي في العراق في ذلك الوقت وهذا يبين لنا حقيقة أن هذا التطرف الذي ارتدى عباءة الإسلام ليس ديننا وليس إسلاميا وإنما هو حركات سياسية تريد الاستيلاء على السلطة هنا وهناك وكما تبين لنا من جميع الحركات التي تبنت رداء الإسلام وتدثرت بعباءة الإسلام في جميع مناطق الشرق الأوسط من حركة أسامة والظواهري وطالبان وإلى آخره من هنا هناك في كل أنحاء العالم العربي والتي أساءت إلى الإسلام والمسلمين وهنا مرة أخرى ينتصر منهج الاعتدال السعودي ممثلا بإصرار القيادة السعودي في عهد الملك فهد في ذلك الوقت بالوقوف بقوة وثبات في وجه التيارات الداخلية وهزم ذلك التطرف واضطر كثير من قيادات التطرف الداخلي إلى تغيير جلودهم وتبنى الوسطية).

وأضاف سموه يقول: (ثم جاء عهد الملك عبدالله هذا العهد الزاهر الذي بشر بالخيرات وبالتطوير وبالتغيير وهنا نجد أن التطرف ظهر علينا مرة أخرى وفي هذه المرة كان تكفيريا تفجيريا وأصبح هناك تيارات فكرية وتكفيرية تفجيرية تجند الكثير من شبابنا ليفجروا أجسادهم في إخوانهم من المسلمين في هذه البلاد وفي شوارعهم وفي مكتسباتهم الحضارية ومرة أخرى ينتصر منهج الاعتدال السعودي وتتفوق المواجهات من رجال الأمن على هذه الحركات التكفيرية والتفجيرية التي عبثت في مدننا وشوارعنا والتي أساءت إلى الكثير من أسرنا في تضليل أبنائهم وجلبهم إلى هذا الطريق التخريبي وهذا التيار التكفيري تسبب في ظهور تيار آخر وهو التيار الذي أسميه التيار التغريبي وأصبح لدينا تيارات تطرف تكفيري وتطرف تغريبي).

وبين سمو أمير منطقة مكة المكرمة أن التطرف التكفيري يريد أن يسلبنا ويسلخنا عن ديننا والتيار التغريبي يريد أن يسلخنا ن ديننا فهذا له أجندة وبرنامج وهذا له أجندة وبرنامج هذا يريد أن يوقف كل تعامل مع الآخر بصرف النظر عن من هو الآخر المهم أنه كل من يختلف معه في الرأي ويريد أن يتقدم بتنفيذ خططه إلى حد القتل والتدمير ليصل إلى غايته بصرف النظر أن الإنسان كان من المسلمين أو من غير المسلمين والتيار التغريبي الذي يرتدي عباءة الإسلام ويسعى إلى تقديم البديل للمجتمع السعودي وهو نقل الفكر والنظام والقيم الغربية وتطبيقها على الشعب السعودي بصرف النظر عن كون هذه القيم تعترف بالإسلام ولا تعترف به وسواء كانت تحارب العقيدة الإسلامية أم لا فكلا التياران مدمر وكلاهما يهمشان منهج الاعتدال السعودي الوسطي الذي نجح في توحيد هذه البلاد وتطويرها وواجه جميع الأزمات وتغلب عليها ووقف أمام جميع حركات التطرف والمد الشيوعي وأنتصر.

ومضى سموه: (إن هذا المنهج الذي تقوم عليه هذه البلاد اليوم والذي حقق لنا مرحلة فكرية ثقافية اقتصادية جديدة ومكتسبات عظيمة ونحن الآن في مدن اقتصادية نبني جامعات بالعشرات ونحن الآن لنا قيمة في الألم قيمة فكرية وإسلامية وعربية وعالمية).

وبين سمو الأمير خالد الفيصل: (إن قيمة الإنسان السعودي والدولة السعودية معروفة ومقدرة عند العالم أجمع إلا عند بعض المواطنين السعوديين الذين لا يقدرون أن لوطنهم تاريخ حافل بالحضارة والقيم الدينية والفكرية والثقافية والأمنية والذي قد يتبادر إلى البعض أن هذا التقدير بسبب البترول وإنما بسبب الفكر والمنهج والقيم التي تتمثل فيكم والتي استطاعت أن تستفيد من هذا البترول في حين أن الآخرين لم يستفيدوا من البترول فقيمة الإنسان السعودي في ثقافته واعتداله ومكانته ونحن لدينا شيئان أهم وأغلى من البترول كما قال خادم الحرمين الشريفين هما الكعبة المشرفة والإسلام فالعرب لم تقم لهم قائمة إلا بعد الإسلام وهو الثروة الحقيقة وللأسف الشديد بعض التيارات التغريبية المتطرفة يعتقدون أن الإسلام والقيم الإسلامية والدين هي من أسباب التخلف فالقيم التي يتغنى بها الغرب في العصر الحديث والمتمثلة في العدل والمساواة والحرية وإذا كان هناك تقصير أن من المسلمين فلا يجب أن يجير هذا التقصير على الإسلام بالعكس يجب أن يتحمل المسلمون وزر هذا التقصير وليس ونحن نفخر في هذه البلاد بأننا ممن يتمسكون بالإسلام ويحافظ على المكتسبات الحضارية فدين الإسلام دين تقدم ودين حضارة ورقي وعدل ومساواة وحرية).

وخلص سموه في ختام محاضرته إلى أن منهج الاعتدال السعودي هو منهج الإنسان العربي المسلم المتقدم المتطور وأن في هذه البلاد مجتمع يقول وبكل ثقة وبكل ثبات لا للتطرف لا للتكفير لا للتغريب نعم للاعتدال في الفكر والسياسة والاقتصاد والثقافة إنه الدين والحياة إنه الإسلام والحضارة إنه منهج الاعتدال السعودي.

بعد ذلك استمع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل إلى بعض المداخلات والآراء والمقترحات من أساتذة الجامعة حول محاضرة سموه.

كما أجاب سموه على أسئلة واستفسارات عدد من أبنائه طلاب وطالبات الجامعة وبين لهم أساليب التطرف التكفيري والتغريبي لاستمالة الشباب والتغرير بهم من خلال آلياتهم الإعلامية عبر الفضائيات والإنترنت والكتب لإيهام الشباب بأنهم في ضياع وأن الإنسان السعودي محتار في أمره وأن الشاب السعودي أصيب بفراغ فكري وروحي وثقافي وأنه لا خلاص له إلا بالانتماء إلى أحد التيارين إما التكفيري وأما التغريبي وهذا غير صحيح وهم يكذبون على الشباب ويريدون أن يقنعوا الشباب بهذا الشيء لكي ينسوا المنهج الذي قام عليه أسلافه والمنهج الذي أوصل هذا الشاب إلى هذه المرحلة من التطوير ومن احترام العالم له ولبلاده.

وقال سموه: (إن البرنامج الذي سوف يتبناه مجلس مكة الثقافي هو مخصص للشباب من الجنسين لينقل لهم الحقائق عن وضعهم الفكري والاجتماعي والتاريخي والسياحي في بلادهم من خلال برامج ثقافية وإعلامية لتوضيح تاريخهم والفترات والمراحل التي مر بها الإنسان منذ إنشاء المملكة العربية السعودية وحتى اليوم كيف مر ذلك المخاض العسير في مواجهة كل الحركات التي حاولت أن توقف هذا التطور وهذا المنهج الناجح للإنسان السعودي.

وفي نهاية اللقاء أعلن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة على تأسيس كرسي في الجامعة باسم سموه لتأصيل منهج الاعتدال السعودي).

حضر المحاضرة عدد من مديري الجامعات بالمملكة وطلاب وطالبات الجامعة وعدد من المسؤولين.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد