Al Jazirah NewsPaper Saturday  21/03/2009 G Issue 13323
السبت 24 ربيع الأول 1430   العدد  13323
بين الكلمات
ما هو الحل مع التهديد البيئي؟
عبد العزيز السماري

 

عندما يسافر أحدنا إلى بلد خارج منظومة بلاد العالم الثالث، ومهما كان صغيراً في مساحته أو محدوداً في عدد سكانه، يشعر بحجم الهوة الحضارية التي نعاني منها، فالحضارة تعني هناك التطور من خلال القاعدة الشعبية وليس فقط النخب الاجتماعية، والحضارة هناك تعني المشاركة من الجميع في مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية..

فالبيئة والتغيير المناخي أصبح محل اهتمام الجميع رغم الفارق الكبير في ظروف البيئة بين الغرب والشرق إلا أنهم استطاعوا إدخال رجل الشارع في المشاركة في حمايتها، وبكل أمانة لا يمكن مقارنة ظروف البيئة في الغرب الأوروبي وبين حال البيئة العربية، فالوضع البيئي في الشرق العربي يتفاقم، والجفاف يحرق المساحات الخضراء ويهدد التجمعات البشرية، ويشكل عاملاً سلبياً على صحة الإنسان، لكن ذلك لم يحرك ساكناً، ولم تبدأ إلى الآن أي حركة سواء كانت رسمية أو مدنية في مكافحة التصحر في البلاد العربية، وبصريح العبارة نحن مهددون في جزيرة العرب بأزمة بيئية إذا لم يتم التخطيط بشكل مكثف لمكافحة التصحر، ولا أعلم في أي مرحلة نحن؟، وهل تجاوزنا مرحلة الحل الممكن؟ أم من الأفضل أن نبدأ ولو متأخرين خيراً من لا نبدأ أبداً، ولن يخرج الحل عن ضرورة التعامل مع حالة التصحر مباشرة، والذي يعد مصدر التهديد للمساحات الخضراء الضئيلة في الجزيرة العربية..

تجربة دولة الإمارات العربية في مكافحة التصحر رائدة، وتعتمد على زراعة نخيل التمر من أجل تغيير نمط الحياة في الصحراء.. يستفيد عدد كبير من المزارعين في دولة الإمارات من نخيل التمر من جهة توفير الظل اللازم لحماية الخضراوات التي تقوم بزراعتها. ومن ناحية أخرى توفر إستراتيجية زراعة غابات من النخيل في مناطق واسعة في قلب الصحراء موطناً للإنسان والنبات على حد سواء، وأيضاً لوقف امتداد الصحراء، وتأثير العواصف الرملية على المدن والقرى المجاورة..

مجموعة الإمارات للبيئة، مؤسسة تطوعية غير حكومية تهدف إلى حماية البيئة المحلية في دولة الإمارات، وتعد المنظمة البيئية الوحيدة في دولة الإمارات المعتمدة رسمياً لدى منظمة الأمم المتحدة لمكافحة التصحر UNCCD : وتم التركيز حسب برنامج الجمعية على زراعة نخيل التمر - بوصفه نباتاً صحراوياً، ويتميز باستثمارات وجهود أقل مقارنة ببرامج زراعة أنواع أخرى من النباتات الواردة من المناطق الأقل جفافاً.

وتلعب عملية زراعة نخيل التمر دوراً محورياً في إستراتيجيات مكافحة التصحر في مختلف أنحاء العالم. وفي هذا الإطار تشكل الخطط الرامية إلى زراعة آلاف الهكتارات من شجر النخيل والغابات والأحزمة الخضراء أحد العناصر الرئيسية للسياسة الطموحة التي تبنتها دولة الإمارات لمكافحة التصحر واستصلاح الأراضي..

لا يمكن إغفال سوء الحالة الجوية التي تتعرض لها أواسط الجزيرة العربية، فالعواصف الرملية أصبحت حدثاً معتاداً، واستمرار هذه الكارثة البيئية يهدد التجمع السكاني في هذه المنطقة، والحل سيكون بتفعيل الجهود الرسمية والمدنية من أجل مكافحة التصحر جهة الشرق والشمال الشرقي، وذلك عبر تشجيع التشجير في هلال الصحراء الذي يحيط بوسط الجزيرة العربية من جهة الشرق والشمال، وزراعة النخيل هي الحل الأمثل على أطراف الرمال المتحركة، وسياسة التشجير أجدى بكثير من زراعة القمح والأعلاف التي لم يكن لها تأثير على البيئة..

لا يمكن تجاوز أيضاً تجربة بحيرة الجوف، والتي كانت ثمرة تخطيط بناء، ويهدف لكسر الطبيعة القاسية في الصحراء عبر إدخال متنفس طبيعي للسكان في تلك المنطقة، ومن المفترض الاستفادة من هذه التجربة المحلية الناجحة، وأن تكون حافزاً لإمكانية تطبيقها في مناطق أخرى، ودراسة تأثيراتها على زحف الرمال في هلال الصحراء الذي يخنق المنطقة الوسطى من الجهات الثلاث..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد