Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/03/2009 G Issue 13327
الاربعاء 28 ربيع الأول 1430   العدد  13327
مبنى ومعنى
(القصيدة)

 

القصيدة هي أنشودة الحياة، وملكة الفن ومملكة الجمال ومكملة الأحلام، ومتنفس الآمال ونوافذ الآلام، تلك القصيدة المتأججة بالشوق والمرتعشة باللقاء والمدهشة بالنقاء قصيدة موشحة بالإيماءات ومطرزة بالرموز ومدبجة بالاستعارات، إنها لحن الخلود وسمفونية الوجود وغسق الجرح وإشراقة الحرف وموقد الذاكرة، إنها نجمات مساء خريفي وظلال نخيل باسقات وشذى زهور الغاردينيا، إنها غيمة شاردة تنتظرها سنابل الروح وبلابل البوح وتسعد بها بيادر الحب وتلتقطها سرب سنونوات لتهديها لزرقة البحر ولمحارة ناعسة وشطآن ظمأ وعتبات فجر وبدايات غياب وثغر شفق مبتسم لجبين غسق، قصيدة نظمها الوقت ليهديها لنور القمر وحنايا الشجر وأجفان الليل وخافق المسافات وأحلام المساحات، قصيدة ترددها بتلات الغسق للحظات سريالية وهمسات رمال لا تجيد الغناء على مسرح الذكريات. قصيدة قال عنها (كوليردج) إن النثر كناية عن كلمات في أفضل نظام أم الشعر فهو أفضل الكلمات في أفضل نظام. القصيدة هي زاد للروح ودواء للجروح ومدى للبوح، ولذة في عمق معناها وبعد مغزاها، فالبناء الأسلوبي في القصيدة يشمل عناثر العبارة الشعرية من حيث الجمال اللغوي، الموسيقي، البديعي، المعنوي. والذي بدوره يؤسس لنا نصاً متكاملاً ومتنامياً بوحدة عضوية ووحدة موضوعية مكوناً بنية شعرية تركيبية خاصة لتلك القصيدة التي قال عنها (فرلن) المعاني الخفية كالعينين الجميلتين تلمعان من وراء النقاب. فالقصيدة هي الأقرب للقلب والعاطفة والوجدان، هذا هو الشعر الذي يستمد قوته من اللغة وهو استكشاف دائم لعالم الكلمة واستكشاف دائم لعالم الوجود عن طريق الكلمة كما قال ذلك الدكتور عزالدين إسماعيل رحمه الله ويعتبر العنوان (عتبة النص) التي يهيئ الشاعر الجو المناسب للملتقى تعد إشارة مهمة ومفتاحاً للدخول في فضاءات النص ويرى الناقد (رولان بارت) أن للعنوان وظيفة إغرائية إذ إنه يفتح شهية المتلقي، وتعتبر الصورة الشعرية ركن من أركان النص وتعد منطقة جذب لإحساس القارئ ومشاعره خصوصاً عندما تكتب بدقة وتركيز واضح وتتضح مهارة الشاعر في أبعادها وإيحاءاتها وإيماءاتها، فهي تعد المميز النوعي لجنس الكتابة الشعرية، وهي السمة المميزة للنص وبرؤته الجمالية وأهم أدوات الشاعر لبناء النص الشعري يقول الأستاذ الشاعر خزعل الماجدي حيث يقول: (حياة الشعر، قوته واندفاعه، فكم سيبدو الشعر شاحباً هزيلاً، إذا افتقد إلى الصور، وكم ستبدو اللغة الشعرية ثرثرة إنشائية، لو لم تستفزنا بصورة قافزة نشطة نابهة).

إبراهيم الشتوي


mim-150@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد