Al Jazirah NewsPaper Friday  27/03/2009 G Issue 13329
الجمعة 30 ربيع الأول 1430   العدد  13329
للرسم .. معنى
عطش تخطى به التشكيليون أوهام السراب
محمد المنيف

 

لم أفاجأ بحضور هذا العدد من التشكيليين السعوديين إلى معرض أرت دبي أو إلى بينالي الشارقة الأسبوع الماضي اللذين أقيما في وقت واحد مما أتاح الفرصة لهم لاصطياد معرضين في أقل فترة زمنية، هذا الحضور من قبل مجموعة لا بأس بها من التشكيليين من الرياض والمنطقة الشرقية والأغلبية من الغربية يعني أمورا كثيرة، منها ما يتعلق بهؤلاء الفنانين ومنها ما يمكن اعتباره دليلا على جوانب مفقودة في محيطنا المحلي، فالأمر المتعلق بهؤلاء الفنانين الذين حضروا المناسبتين يؤكد رغبتهم وحرصهم على تطوير الذات والبحث عن أقرب السبل لمعرفة جديد الفن، لهذا حزموا أمتعتهم واقتطعوا جزءاً من وقتهم، مهما كانت العوائق التي يعلمها الجميع، ومنها صعوبة التحرك أو أخذ الأذن من جهات العمل التي قد لا يعنيها مثل هذه المناسبات ولا أهميتها، وقد لا تعي أن بين ظهرانيها فنانين لهم مكانتهم ودورهم الثقافي على مستوى تمثيل الوطن يحتاجون إلى دعم واهتمام وتسهيل سبل (شاكرا من قدرني ومنحني هذا الحقوق)، هؤلاء الفنانون أيضا جاءوا للبحث عن ما يفتقدونه في محيطهم فمثل هذه المعارض والمناسبات لا يمكن أن تحدث إلا إذا كان هناك من يؤمن بها ويراها جزءا من الفعل الثقافي أسوة بمعرض الكتاب فكلاهما من رحم واحد ولهذا حق أن يأخذ كل منهم نصيبه من الاهتمام.

في فترة استراحة من عناء الجولة الطويلة على معرض أرت دبي جمعتنا بعدد من الفنانين والإعلاميين وجه أحد الحضور من الفنانين (الأجانب) سؤالا إلى زميلي الفنان السعودي الذي يجلس بيننا قائلا: هل يوجد مناسبة بهذا الحجم في السعودية، بالطبع السؤال محرج مما أربك هذا الزميل ودفعه للابتسامة وكأني به يقول شر البلية ما يضحك، وأدار وجهه لي، وقال هامسا بالإمكان بعد أربعين عاما، ثم أجاب بصوت عال وبدبلوماسية (لا تنقصنا) نعم ... فلدينا كم كبير من التشكيليين رجال ونساء، محاولا بهذه الإجابة الخروج من المأزق مع أن إجابته لا علاقة لها بما يعنيه صاحب السؤال كونه يبحث عن قبول العمل الفني المعاصر والحديث وإمكانية عرض مماثل لأرت دبي بكل ما فيه من طرح حر دون خدش للحياء أو إساءة للذوق العام بدعوة الفنانين من مختلف دول العالم للمشاركة، مثلما تعرض الروايات والإصدارات المختلفة التي غص بها معرض الرياض الدولي.

بالطبع لا أنا ولا زميلي نستطيع التصريح أو الإشارة بإمكانية حدوث هذا الأمر حتى ولو بعد مئة عام لأسباب كثيرة من أهمها قصور الرؤية الإبداعية عند الجمهور واقتصار المهتمين بالفنون والاقتناء على الأعمال التي ترضي الذائقة المحلية و التحرك البطيء تجاه تطوير مفهوم العمل الفني لدى المؤسسات ذات العلاقة وأشياء أخرى كثيرة.

أخيرا نقول: إن عطش التشكيليين للجديد دفعهم للسفر والترحال بحثا عن الماء متخطين أوهام السراب.

MONIF@HOT MAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد