Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/04/2009 G Issue 13335
الخميس 06 ربيع الثاني 1430   العدد  13335
شاشة توقف
جوجل في وجه العاصفة!
عبد الباسط شاطرابي

 

مسكينة جوجل، فرغم خدماتها التي يستفيد منها الملايين يوميا، فهي تواجه حروبا من شتى الأنواع والأشكال!

قبل أسابيع قليلة أطلق محرك البحث الشهير خدمة خارطة المدن (ستريت فيو) في لندن، وأصبح بإمكان الناس التجول في شوارع العاصمة البريطانية من خلال صور حية بالإنترنت. هذه الخدمة التي أفرحت الكثيرين واجهها آخرون بشكاوى ودعاوى حول الخصوصية، حيث قالوا إن الصور الحية تخترق خصوصيتهم، فشكا أحدهم من أنها أظهرته أمام الملايين وهو يخرج من محل لبيع الأغراض الجنسية (!!)، وتذمرت أخرى من أن الصور كشفت مكانها في حين كانت متخفية من زوج سابق سامها سوء العذاب وتخشى من أذاه!

العجيب أن تقنيات الاتصال والتصوير انتهزت فرصة الهوس بالخصوصية، فأصبحت تقدم خدماتها للمهتمين سلبا وإيجابا. فمن جهة تطورت تقنيات المراقبة المنزلية وغيرها ضد المتلصصين والداخلين سرا، ومن جهة أخرى تطورت تقنيات التلصص سواء على الهواتف الثابتة والمحمولة، أو على عناوين البريد الإلكتروني، أو بالتصوير المباشر عن طريق كاميرات رقمية تلتهم المسافات وتتعامل مع أي درجة من الإضاءة.

المشكلة أن التلصص هو الأب الشرعي للخصوصية، فالناس لم تكن تكترث كثيرا، وخصوصا في حياتها العامة، لفضول الآخرين، لكن الأمر تغير الآن، فالفضول أصبح تجارة، حيث يمكن من خلاله ارتكاب عمليات الابتزاز، والوصول للحسابات البنكية، بل واحتلال المقاعد الصانعة للقرار كما حدث في واقعة ووتر غيت الشهيرة.

ولأن التلصص أصبح بهذه الدرجة من الخطورة، تولد لدى الكثيرين هوس الخصوصية، وأصبحت الأنظمة والقوانين متجهة لحماية هذه الخصوصية بشكل حازم ورادع.

لذلك فإن جوجل المسكينة لم يشفع لها دورها التقني الرائع في خدمة الإنسانية، فوقعت في فخ التلصص دون عمد، ووجدت نفسها أمام تهديد بالتقاضي ودفع التعويضات الهائلة نتيجة مشروعها (ستريت فيو)، فاضطرت أولا للإعلان عن استعدادها لسحب أي صور يريد أصحابها سحبها، ثم اضطرت بالفعل لمراقبة صورها والقيام بالسحب لأي صور يمكن أن تدخلها في مشاكل، وربما تضطر أخيرا لسحب المشروع كله سدا للباب الذي تأتي منه الريح !

إنها التقنية حين تعطي، وهي نفسها حين تأخذ !



Shatarabi@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد