Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/04/2009 G Issue 13335
الخميس 06 ربيع الثاني 1430   العدد  13335
أبناء بريدة يبدعون في تقديم مهرجانهم الاقتصادي الداعم للمجتمع المحلي
مهرجان الكليجا والمنتجات الشعبية في بريدة يشهد حضوراً لافتاً

 

بريدة - بندر الرشودي / تصوير - سيد خالد:

شهد مهرجان الكليجا والمنتجات الشعبية الأول بمدينة بريدة حضوراً لافتاً وتفاعلاً ملحوظاً خلال الأيام الماضية التي منحت شهادة النجاح مبكراً لهذه التظاهرة الاقتصادية النسائية الضخمة التي تقام للمرة الأولى على مستوى المملكة وسط مشاركة 223 أسرة منتجة و66 مصنعاً وشركة تعرض منتجاتها الشعبية أمام زوار المهرجان الذين يقدرون حتى يوم الاثنين الماضي بأكثر من 200 ألف زائر وزائرة ضخوا أكثر من مليونين ومائة ألف ريال حسب الإحصاءات الرسمية.

ويتضمن المهرجان جملة من الفعاليات المتنوعة التي تستهدف جميع شرائح المجتمع، فهناك الدورات التدريبية الموجهة للنساء في كيفية بناء المشاريع الصغيرة وطرق تسويق المنتجات الشعبية من خلال التدريب على آليات التغليف والتعليب وحفظ المنتجات من التسمم, إضافة كذلك لدورات متخصصة في العادات الشعبية النسائية كنقش الحناء على اليدين وغيرها.

كما يشمل المهرجان فعاليات للأطفال متوجة بجوائز قيمة وكذلك العديد من المسابقات المتنوعة كمسابقة أفضل طبق شعبي والتي شهدت تفاعلاً كبيراً من قبل الأسر المنتجة حيث يتم يومياً طرح هذه المسابقة التي يختار فيها الجمهور الفائزة بالمسابقة من خلال التذوق للأطباق الشعبية المتنافسة.

بدورها كانت الدورات التدريبية النسائية المتخصصة في تعليم إنتاج الكليجا والمنتجات الشعبية أحد الجوانب المشرقة في المهرجان الذي أحد أهدافه إعادة الهوية للمطبخ السعودي التي باتت تزاحمه الأطباق العالمية عبر تقديم دورات متخصصة كان لها انعكاسات إيجابية في مستوى الحضور والتفاعل من الفتيات، كما يؤكد ذلك الأستاذ وليد الأحمد عضو اللجنة التنفيذية رئيس لجنة البرامج والفعاليات بالمهرجان الذي أوضح أن الدورات تشهد إقبالاً لافتاً من زائرات المهرجان اللواتي حرصن على حضور هذه الدورات التي تقوم بها خبيرات ومتخصصات في إنتاج الكليجا والمنتجات الشعبية الأخرى، مضيفاً أنه تم تخصيص ثلاث قاعات سميت بـ(هيلة وموضي وحصة) للتدريب حتى أصبحت هذه الأماكن أكثر ما يبحث عنه زائرات المهرجان لتعلم إعداد (الكليجا والقرصان والجريش والمطازيز والمرقوق والعصيدة وغيرها) من ذوات الخبرة والشهرة في هذا التخصص آملاً في إشباع رغباتهن وتحقيق ذواتهن في تعّلم وإجادة هذه المنتجات الشعبية التي اقتصرت على كبيرات السن في الوقت الحالي وعزف عنها الكثير من فتيات اليوم.

من جانبها وصفت هيام الغثيار مشرفة البرامج والأسر ما يحدث في قاعات التدريب الثلاث بحلقة الوصل بين جيلين من النساء جيل لازال متمسكا بما ورثه من الأمهات اللواتي أتقن فن المطبخ السعودي في المنتج الشعبي طغى على مجمله الصحة والعافية وجيل تتجاذبه مغريات المطبخ العصري الذي جمع منتجات وأصنافا غذائية من مشارق الأرض ومغاربها خالية من الصحة في مجملها.

في إحدى القاعات وهي قاعة (موضي) اكتظت المقاعد بالزائرات وهن يشاهدن (أم تركي) وهي تقوم بإعداد (المطازيز) التي يعشقها الكثير من العائلات السعودية لاسيما في نجد وتشرح لهن الطريقة الصحيحة ومكاييل الوجبة وقياساتها وتجيب على استفساراتهن وتفيدهن كثيراً التقينا ب(أم تركي) التي أكدت أن الإقبال على التعلم من قبل الزائرات اللواتي يستفسرن عن طريقة إعداد (المطازيز) كثيراً فيما يصحح أخريات طرق اعددهن السابقة التي كانت تتم بشكل غير صحيح لافتة إلى أن كثيراً من الفتيات خاصة موجودة لديهن مهارة الطبخة الشعبية ولكن تنقص بعضهن الخبرة، وأكدت أم تركي أن الأكلات الشعبية لم تلغ من حياتنا، كما يحاول أن يصورها البعض وأكدت أنها هي أساس المطبخ السعودي، لافتة إلى وجود عائلات تعرفها أعادوا للمطبخ السعودي أصالته عندما رجعوا إلى تراث الآباء والأجداد في جانب الأكلات الشعبية.

وفي قاعة (هيلة) وجدنا (أم سويلم) التي تخصصت في تدريب السيدات على إعداد أكلة (الجريش) فذكرت أن بعض الزائرات لا يعرفن إعداد الجريش كونهن يخطئن في البداية في المقادير المخصصة لها وكذلك الوقت المخصص لإبقائه على النار مضيفة أنها لمست الإصرار منهن على التعلم والسؤال لافتة إلى أن إعداد الأكلات الشعبية ليس صعباً لمن ترغب وتخصص جزء من وقتها لهذا، مشيرة إلى أن هذه الأكلات (هي الصحة وهي أكل الأولين وليس الهمبرجر والبيتزا).

بينما في قاعة (حصة) هناك جلست (أم سلطان) المتخصصة في إنتاج كافة الأكلات الشعبية والتي لفتت إلى أن هناك فتيات يحضرن ورقة وقلماً ويقمن بتسجيل ما أعلمهن مضيفة أنها رأت أن هناك في الوقت نفسه (متمكنات وفاهمات الطبخة) وعن متوسط العدد اليومي للمتدربات تقول أم سلطان: أدرب في الوقت المخصص لي ما يزيد على 35 سيدة يومياً.

الكرنفال الاقتصادي الكبير جسد قدرة أبناء بريدة على الإبداع والتميز في تنظيم مثل هذه الأحداث والفعالياتن كما أكد أهمية تنظيم مثل هذه المهرجانات الداعمة لاقتصاديات الأسر المنتجة.

وبرزت عادة الكرم والضيافة الأصيلة أثناء مهرجان الكليجا والمنتجات الشعبية المقامة فعالياته حالياً في مدينة بريدة كأهم العادات التي تتمتع بها المرأة السعودية وبالرغم من أن النساء السعوديات المشاركات في عرض منتوجاتهن الشعبية جئن في الأصل لزيادة دخلهن وتسويق منتوجاتهن ضمن خطة المهرجان لدعم الأسر المنتجة ورفع مستواهن المعيشي إلا أن الأصالة المتجذرة في نفوسهن فرضت نفسها وتأبى النساء المشاركات إلا أن يقمن بتقديم ما يتيسر من منتجاتهن الشعبية كالكليجا والجريش والقرصان وغيرها لزوار المهرجان، ولا تكاد تكف أذن الزائر أو الزائرة للمهرجان عن سماع كلمات الترحيب (حياكم.. تفضلوا منتجاتنا) وسط ارتياح كبير ورضا أنفس ليس يستغرب على المرأة السعودية التي هي نصف المجتمع السعودي الذي عرف عنه الكرم منذ القدم.

من جهة أخرى جاء مهرجان الكليجا والمنتجات الشعبية بمثابة المنقذ لعدد من المواقف الحرجة التي تعرض لها بعض الأشخاص الذين تعرضوا لمواقف لا يحسدون عليها على حد قولهم ومن ذلك ما حدث مع المواطن سلمان اليوسف الذي شوهد يحمل حافظات قام بتعبئتها من وجبة القرصان والجريش والمطازيز من إنتاج الأسر المنتجة وبسؤاله أفاد أن لديه ضيوفاً في المنزل ولم تتمكن أسرته إلا من إعداد (الكبسة) ويريد أن يقوم بالواجب عبر الاستزادة من هذه المنتجات الشعبية.

وسيدة أخرى قالت: إن اسمها (أم ريماس) حضرت بعد أن تعرضت لموقف محرج وهي تعد وجبة الطعام لضيوف زوجها ومن بينها القرصان الذي لم تكن كميته كافية ولم يسعفها الوقت لعمل المزيد فقامت بالحضور والشراء من معروضات المهرجان وإنقاذ الموقف، مؤكدة أن زيارتها للمهرجان ليست الأولى بل التي زارته أكثر من مرة وعرفت كل ما فيه.

من جهة ثانية يجد كثيراً من الذواقة من الجمهور الذين تختارهم لجنة المسابقات لتقييم الأطباق الشعبية المتنافسة المقدمة من الأسر المنتجة صعوبة في إعطاء الحكم على أفضل طبق نظراً لطيب مذاقها الأمر الذي يؤدي بدوره إلى إحراج لجنة التحكيم التي تختار خمسة عشر شخصاً من الجمهور يحق لهم التصويت بنسبة 60% و40% نسبة تصويت للمشرفين على المسابقة، وبما أن المجال تنافسي فإنه لا بد في النهاية من الاختيار لعدد من الأطباق الفائزة.

الجدير بالذكر أن هذه المسابقة وضعت لها جوائز نقدية ألهبت حماس السيدات للمشاركة بها.

وقد أبدى نائب الرئيس الأعلى لشركة أرامكو السعودية عبدالعزيز الخيال إعجابه بما شاهده من فعاليات ضمن مهرجان الكليجا والمنتجات الشعبية الأول بمدينة بريدة أثناء زيارته والوفد المرافق للمهرجان بمركز الملك خالد الحضاري ببريدة وقال: فوجئت بالمهرجان الذي سمعت عنه مسبقاً ولم أتوقعه بهذه الضخامة من مشاركة وتفاعل.

وأشاد الخيال بفكرة دعم الأسر المنتجة لما تحمله من مضامين نبيلة تستهدف دعم الأسر من خلال دعم أعمالها وعن مدى رضاهم في أرامكو على ما تقدمه الشركة في مجال خدمة المجتمع قال الخيال: نحن في أرامكو لنا تاريخ طويل في خدمة المجتمع لأكثر من 75 سنة ومشاريعنا في خدمة المجتمع كثيرة ومن الصعب إحصاؤها في مثل هذا المقام.

وأضاف: المواطنون يطالبوننا بالمزيد ونحن بشكل دائم نقوم بدراسة مشاريع وبرامج جديدة وعن إمكانية دعم مهرجان الكليجا من أرامكو ضمن برامج خدمة المجتمع التي تقوم بها الشركة كون المهرجان يدعم الاقتصاديات الصغيرة للأسر والمجتمع المحلي أوضح سعادة الأستاذ عبدالعزيز الخيال أن لأرامكو السعودية مشاريع ومشاركات في مختلف مناطق المملكة ومنطقة القصيم إحدى المناطق المهمة التي لأرامكو مشاريع فيها ولن نتأخر في دراسة أي مبادرة، مؤكداً في نفس الوقت صعوبة اطلاق مبادرة في الوقت الآني وقال نحتاج إلى وقت لمراجعة الفكرة مع المسئولين في الشركة ودراستها لتقدم ضمن الخطط المقدمة من الشركة في هذا المجال، معتبراً أن هذا المهرجان يحمل قيمة مجددة للموروث وأحد الأمور التي غفل عنها في الحياة العصرية، مشيداً في ختام تصريحه بكرم الضيافة الذي استقبل به من الأسر المشاركة والجميع في المهرجان وقد ضم الوفد الزائر مدير شؤون أرامكو السعودية بالوسطى عبدالله بن عيسى العيسى والرئيس التنفيذي لأعمال التوزيع والفرض احمد السعدي ومدير المبيعات والمساندة اللوجستية مصطفى مهدي ومدير عمليات الأمن الصناعي سمير رسلان حيث قام الوفد بجولة شملت أجنحة المهرجان المختلفة من جناح عرض الشركات والمصانع مرورا بجناح المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وقرية الكليجا قبل أن يطلع الوفد الزائر على مقر عرض الأسر المنتجة.

وقد اشتهرت به مدينة بريدة منذ أيام العقيلات وما زال فناً يتوارثه الأجيال

الكليجا أغلى هدية تقدم للأقارب والعرائس وصديق دائم في السفر والترحال

أم الزويد دخلها اليومي 3000 ريال وزوجت أبناءها الأربعة وبنت فلة فاخرة

أم سلطان إن بناتها يرفض تعلم الكليجا وأم علي تتكسب منها 10 آلاف ريال أسبوعياً

ومدينة بريدة.. مدينة إبداع منذ قديم الزمان لها خصوصيتها في العلم والأدب والتجارة، ولها ذات الخصوصية في الأكلات الشعبية المتنوعة. عرفت قديماً بقرص عقيل وقرص عمر المسمى بالفتيت. ومنها جاء الحنيني والمصابيب وكذلك الكليجا الذي عرف عن طريق بريدة ومنطقة القصيم بشكل عام حتى أصبح أهلها ينعتون به حتى يومنا الحاضر.

ويؤكد لنا أهل بريدة بأنك لن تستطيع أن توجد لها تعريفاً أو اسماً مرادفاً سوى أنها كليجا القصيم.

وهم يرفضون تصنيفها ضمن البسكويتات أو الخبز أو النواشف، بل ويتحفظ بعضهم بضمها للحلويات وحجتهم أنها كل هذه الأمور مجتمعة في قرص واحد يسمى كليجا القصيم.

إن أصل تسمية الكليجا غير معروف رغم بعض الروايات التي تنقل، ولكن يقال في الأخبار (وآفة الأخبار رواتها) بأن الاسم ظهر أيام العقيلات أصحاب الرحلات المشهورة من رجال بريدة وتجارها، وأن أول من أطلق الاسم كليجا هو أحد هؤلاء التجار.

ويعد قرص الكليجا من أغلى الهدايا التي تقدم للأقارب والأصدقاء وللعرائس، كما أنه صديق دائم للمسافرين داخل وخارج المملكة ولا سيما المبتعثين للدراسة أو العمل.

وفي مهرجان الكليجا والمنتجات الشعبية بمدينة بريدة حشدت 223 أسرة منتجة من مدينة بريدة والقصيم وبعض المناطق المجاورة عدتها وعتادها لعرض هذه المنتجات أمام الحضور الكثيف الذي تميز به المهرجان منذ أن أطلقه سمو نائب أمير منطقة القصيم مساء الثلاثاء الماضي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد