Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/04/2009 G Issue 13335
الخميس 06 ربيع الثاني 1430   العدد  13335
شيء من
تقرير الجمعية والمتابعة
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

كنت قد أشرت في مقال الثلاثاء الماضي، الذي كان عن التقرير الثاني لجمعية حقوق الإنسان في المملكة، أنه لامس سقفاً جديداً، وتطرق إلى مجالات كان مجرد ذكرها في الماضي مرفوضاً وبشدة. غير أن مثل هذه التقارير إذا لم تلاق ردود أفعال موازية لأهميتها وتتجاوب معها، تظل حبراً على ورق، وربما يعتبرها البعض (بضاعة) للتصدير الخارجي، لتحسين صورة المملكة الحقوقية ليس إلا، ومن ثم يتم (تطنيش) ما احتواه التقرير من مطالبات، لينساها الناس مع الزمن. وفي المحصلة تظل القضايا (الحقوقية) التي انتقدتها التقارير كما هي لم تتغير. وهذا بصراحة ما نخشاه.

لذلك فإنني أرى أن من الضرورة بمكان أن يكون هناك (آلية متابعة) من ناشطين في هذه المجالات، تابعين للجمعية، يقومون بمتابعة القضايا التي تطرق لها التقرير لدى أولي الشأن، وترتيب لقاءات دورية معهم، ومناقشتهم عما ورد في التقرير، بحيث تتم الإشارة في التقارير المستقبلية للجمعية عن ما قام بها المتابعون، ومدى استجابة المسؤولين لنشاطاتهم، والتغييرات التي حدثت نتيجة لهذه الجهود مقارنة بما تم ذكره في التقرير السابق، وهكذا دواليك. بهذه الطريقة يتكون مع الزمن تراث تراكمي، نستطيع من خلاله الحكم على الأوضاع الحقوقية، وتطورها، ومدى تفاعل مؤسسات المجتمع السلطوية مع هذه المطالبات.

والعمل الذي قامت به الجمعية بقدر ما هو عمل رائد يجب أن يكون له خارطة طريق، بالشكل الذي يضيف إلى حقوق الإنسان في المملكة (مكتسبات) فعلية ملموسة على أرض الواقع، وفي الوقت ذاته يحد من التجاوزات، ويكرس في حسابات (الجميع) أن هناك آليات مدنية (جديدة) من شأنها مراقبة الأداء، والكشف عن الانحرافات، وتقويم الإعوجاجات، والتصعيد إذا لزم الأمر، دفاعاً عن الحقوق المبدئية للإنسان.

وفي ورقة للخبير الحقوقي العبيد أحمد بعنوان (الخطة العامة للرصد في مجال حقوق الإنسان)، قدمها ضمن فعاليات الدورة التدريبية الثانية في إطار البرنامج الإقليمي لنشطاء حقوق الإنسان والإعلام في دول الخليج العربي واليمن، التي نظمتها الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، ومركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان ومؤسسة المستقبل، يقول: (إن الرصد هو جمع وتوثيق المعلومات واستعمالها بصورة عاجلة نوعاً ما من أجل معالجة معوقات حقوق الإنسان مؤكداً أن الرصد يعتبر طريقة مفيدة لتقديم حقائق ومبررات قوية لاتخاذ خطوات من شأنها تحسين وتطوير حالة حقوق الإنسان للأفضل، وأن المقياس الذي يستخدم عادة لمعرفة درجة التحسن والتطور هو الآليات الموجودة الدولية والمحلية).

غير أن الرصد والنشر وحده لا يكفي، رغم كونه عنصراً مساعداً في حصر الحقائق على الأرض، والاعتراف بوجود (انتهاكات) لحقوق الإنسان. فالأهم في تقديري هو (التوعية)، وغرس ثقافة حقوق الإنسان في ذهنية الإنسان، بحيث تتحول مع الوقت إلى قيم وتقاليد لها احترامها ومكانتها الاجتماعية.

كما أن انضمام الدول إلى الاتفاقيات الدولية الملزمة لحقوق الإنسان، من شأنه تسييج هذه الحقوق بسياج الحماية الدولية، وبالتالي تضطر الدول إلى احترامها، ومع الوقت تنتقل من كونها تشريعات وأنظمة دولية، لتصبح أنظمة داخلية.

هذا بالطبع إضافة إلى (آلية المتابعة) على أرض الواقع، والضغط الدائم والمستمر في اتجاه تحسين أوضاع هذه الحقوق التي تم رصدها، كما أشرت في مستهل هذا المقال. إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد