Al Jazirah NewsPaper Friday  03/04/2009 G Issue 13336
الجمعة 07 ربيع الثاني 1430   العدد  13336
«الجزيرة».. تستطلع آراء المختصين والأكاديميين والخبراء حول دور المؤسسات الرقابية في التصدي للإساءة الإعلامية:(2/1)
الإعلام الرياضي.. بين مطرقة (التنمية الشاملة) وسندان.. ثقافة الإساءة

 

تحقيق واستطلاع - خالد الدوس

* في حقبة العولمةوعصر الإنفتاح زادت أهمية وسائل الإعلام بمكوناتها ومنطلقاتها وقنواتها المختلفة..وأصبحت شريكاً فاعلاً في التنمية الوطنية الشاملة.. والإعلام الرياضي لا شك جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة الإعلامية بأهدافها وتوجهاتها.. يضطلع بدور بارز ومؤثر في تشكيل الرأي العام الرياضي المستنير وصياغة توجهاته والتأثير الإيجابي على وعي وثقافة الجماهير.. بمفهومه الشامل، غير أن ما نعيشه في الواقع الرياضي أصبح يحتاج لمراجعة شاملة بمشاركة كافة أطياف وشرائح المجتمع الرياضي والإعلامي.. لمناقشة وتشخيص وتحليل.. المكونات والأهداف والسياسات والمنطلقات بكل شفافية وموضوعية.

* فهناك من الإعلاميين من ساهم في النهوض بالإعلام الرياضي والرقي برسالته السامية.. وهناك - بالمقابل- من تاهت الرسالة الإعلامية بأهدافها النبيلة.. بين من دخل الإعلام بحثاً عن الثروة والشهرة وما زالت تعمل وفق الأهواء والميول المتعصبة والإقليمية غير السوية.. وفئة أخرى كرست أقلامها في تنمية (التعصب) الممقوت ونشر ثقافة الإساءة وتجريح الآخرين والنيل منهم.. بصورة غير حضارية تتعارض مع كل المبادئ والقيم المهنية والأخلاقية.. ولا تتماشى مع متطلبات ومكونات الإعلام الرياضي المعاصر..!

* «الجزيرة» استطلعت آراء الأكاديميين والإعلاميين والمتخصصين حول دور المؤسسات الرقابية في التصدي لهذه التجاوزات والإرهاصات والممارسات غير الصحية على ثقافة المجتمع.. وإرساء مناخ رياضي صحي وسليم بمصداقية وموضوعية.. يسهم في نشر الأخلاق والثقافة الرياضية المنشودة.. نتناولها عبر الأسطر التالية..

تعزيز اللحمة الوطنية

* في البداية تحدث الإعلامي المخضرم والشوري الأسبق والأكاديمي المتخصص في الإعلام د. بدر كريّم قائلاً: الإعلام الرياضي ليس عملاً دعائياً أو إعلانياً بل هو مؤسسة تقبض على أنشطة العمل الرياضي الثقافي الاجتماعي الانساني وإزاء ذلك فهو لا يقبل الممارسات اللامسؤولة كما نراها في بعض الملاعب. والإعلام الرياضي المعاصر لا يتعامل مع الغوغائية والتشنج والصراخ لأنه قد يفقد دوره أو ربما يتلاشى وأضاف أن الإعلام الرياضي حق من حقوق الإنسان في المجتمع وهو يقدم للمتلقين جرعات مكثفة من الأخلاق والثقافة ويعطيهم حقهم في الحصول على المعلومات والأخبار ويطالب بالإصلاح الرياضي ويكشف مواقع الخلل في المؤسسات الرياضية لأنها مؤسسات أخلاقية رياضية ثقافية ومن ثم فلا ينبغي لمسؤوليها الوقوع تحت عجلان قطار التخريب، ولاعبوها لا ينبغي أن يفقدوا دورهم الأخلاقي أو يتلاشى بل يبقى من مسؤولياتهم التي يفترض أن يؤدوها تضامناً مع مؤسسات المجتمع الأهلي ومشجعوها لا يجب أن يتعاملوا مع التعصب أو التحيز وجمهورها ينبغي أن يشاهد ويقرأ ويسمع إعلاماً رياضياً لا يؤجج عوامل التضجر والصراع الاجتماعي.

* وعن ثقافة الإساءة التي يمارسها البعض ولنيل من الآخرين بصورة غير حضارية ودور الجهاز الرقابي في أضواء مثل هذه الممارسات، قال ذاك مفسدة للرياضة والرياضيين يرتكبها من أعطي قوسا فلا يجيد بريه وإذا تحول الإعلام الرياضي إلى إساءات وتجريح فإن من واجب المجتمع كله أن يتصدى لهذا الخلل حتى لا يسقط الإعلام الرياضي تحت عجلات قطار التخريب أو يصبح مركزاً للفساد.

* حول مدى تأثير هذه السلوكيات والإفرازات غير الصحية على ثقافة المجتمع قال: إذا تكاثرت هذه السلبيات أو ارتفعت حدتها أو تنامت فإن الدفاع عن ثقافة المجتمع ضد مروجي هذه الممارسات السلبية ليس من مسؤولية جهة واحدة رسمية بل هو واجب كل المجتمع ومؤسساته الدينية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتربوية فهذه القنوات ينبغي أن تتصدى للسلوكيات الخاطئة التي تنعكس على صفاء ونقاء المجتمع.. وأكد أن المجتمع السعودي ليس مجتمع ملائكياً لكنه مجتمع قيم وعادات وتقاليد ضاربة بجذورها في القدم وهو معرض للاحتراق وتغذية الخلافات الثقافية، لكن عليه أن يميز الغث من السمين والصالح من الطالح، مشدداً أن الإعلام الرياضي لا يجب عليه نشر الغسيل القذر والتباري في الفضائح بل ينبغي أن يعزز اللحمة الوطنية الرياضية وثقافتها وليس تفكيكها أو أقلمتها.

الإعلام الراقي هدفنا

* أما الدكتور صالح بن ناصر وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب فقال: لا شك أن الإعلام بصفة عامة شريك أساس في عملية التنمية الشاملة في أي بلد وما يخص الإعلام الذي يتعامل مع الأنشطة الرياضية فإن له أهمية خاصة جداً حيث يتعامل في بلادنا الغالية مع أكبر شريحة من شرائح المجتمع والتي تمثل أكثر من 63% من السكان وهي مرحلة عمرية تتطلب عملية التعامل معها مهنية عالية حتى يكون الإعلام عاملا مساعدا في مجال تربية الفكر الرياضي التي تكاد تكون مفقودة في مناهج الدراسة والمعنى الحقيقي للمنافسة الرياضية وشرفها وذلك لأن هذه الشريحة في المجتمع من السكان هم في حاجة إلى أن يتعلموا ذلك ليعيشوا حياتهم المستقبلية كعامل رئيسي في مشروع البناء والتنمية في البلد الغالي بكل أهدافها ومنطلقاتها متسلحين بدرجة من العلم والوعي والإيمان بأصول المنافسة وقبول آراء الغير بعيدا عن أي تعصب وقبولا بمبدأ الكسب والخسارة في التنافس الرياضي.

* وأضاف.. إن جمال صورة الاعلام الرياضي السعودي الذي نما وتطور في السنوات الأخيرة أصبح اكثر انتشارا سواء في مجال الاعلام المكتوب أو المرئي بسواعد أبناء الوطن إلا ان هذه الصورة الجميلة أصبحت عرضة للخدش بتلك الاساليب شيء يندى لها الجبين للأسلوب غير الحضاري الذي يمارسه بعض الكتاب وأقول - البعض - مكرسا للتعصب ويكون سببا من حيث يعلم أو لا يعلم ممارسوه أن ذلك النهج يؤدي إلى اختلاف وفرقة بين أبناء الوطن ولا يتماشى مع الأهداف السامية لدور الاعلام الرياضي والنماذج كثيرة للاستدلال على ما لاحظه الكل على ذلك الفكر الانحرافي الذي يمارسه البعض وهم قلة لكنهم قلة مثيرة.. وأردف قائلاً.. على سبيل المثال الرجل الذي على قمة المسؤولية عن الرياضية في بلادنا سمو الأمير سلطان بن فهد يكرر دائما ترحيبه بالنقد الموضوعي والتجاوب معه ومع ذلك مرت فترة وما زالت مستمرة في بعض الصحف تظهر ان النقد الذي يوجهه البعض لا علاقة له بالنقد الموضوعي لكنه يتمثل في أساليب هدفها الإثارة وبث الأحقاد.. وقد لوحظ أن هناك مطبوعات معينة تعتني فقط بالنادي الذي يميل إليه مسؤول تلك المطبوعة فلا ترى إلا في ذلك النادي وهذا التعصب لا يتفق مع رسالة الإعلام ومن آفات هذا الأسلوب الإعلامي وجود عدد قليل من الكتاب الذين يتعرضون لأمور ذات علاقة بأنظمة محلية أو دولية دون تعمق في دراسة هذا الأمر وإذا اردت جهة معينة تصحيح الأمر أخذت هذه الفئة العزة باستخدام الأسلوب (الرخيص) في الدفاع عن آرائها ومن المؤسف أن نجد لهذه الفئة كتاب فزعة للدفاع عنهم والوقوع في نفس الخطأ!! وهذه الممارسات السلبية تؤثر في المتلقين خاصة من فئة الشباب الذين يقرون لصحف الرياضة قبل كل شيء وهذا يتطلب مزيدا من الأمانة والمصداقية الاعلامية في توجيه هذه الفئة وليس تضليلها.

وأكد.. أن الإعلان عن تشكيل الاتحاد السعودي للاعلام الرياضي الذي نوقشت ودرست أهدافه بمشاركة لجنة تأسيسية برئاسة سمو الأمير نواف بن فيصل وعضوية ممثلين لجميع الأجهزة الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة ووجود هيئة تختص بالإعلام الرياضي في صيغة اتحاد كباقي دول العالم.. لا شك بأنه حان الوقت لخوض هذه التجربة ولتحمل هذا الاتحاد مسؤولياته لصيانة وصياغة اعلام رياضي يرتقي بالطرح الهادف والبناء.

الحوار الوطني مطلب

الدكتور عبدالرزاق أبو داود رئيس النادي الأهلي سابقا وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز أوضح أن الاعلام لا شك رسالة وقيم وأهداف نبيلة بل هو شريك أساس في مجالات التنمية الوطنية يفترض أن يسخر لخدمة الواقع الرياضي محليا.. لأن وضعنا بصورة عامة ليس في وضع صحي مرضٍ على الأقل رغم الجهود الكبيرة والمتواصلة التي بذلها قائد الرياضة السعودية الأمير سلطان بن فهد وسمو نائبه الأمير نواف بن فيصل وبعض رؤساء ورجالات الاتحادات الرياضية وأعضائها غير أن ما نعيشه في الواقع رياضيا يحتاج إلى مراجعة شاملة على مستوى الوطن وبمشاركة كافة أطياف ومكونات المجتمع الرياضي والاعلامي في مقدمتها مناقشة وتحليلا وتشخيصا للمنطلقات والمكونات والأهداف والوسائل والاستراتيجيات والسياسات والبرامج بكل شفافية وانفتاح.. وأكد ان بعضا من الاعلام الرياضي سخر للأسف لهدم بعض أهداف ومنطلقات ومكونات الرياضة السعودية خدمة لأهداف خاصة بصورة أو أخرى.. مشددا أن هناك أمثلة واضحة لا تحتاج إلى براهين وأن الأمر يحتاج إلى حوار ومصارحة وشفافية ومشاركة لا تستثني أحدا من أبناء الوطن المؤهلين في هذا المجال المهم.

وعن دور الجهاز الرقابي في احتواء بعض الممارسات السلبية والإساءت التي تنشر في بعض الصحف قال للأسف إن دوره هو (الفرجة) على ما يجري وقد يكون الأمر مريحا للبعض ومسيئا للبعض الآخر، مؤكدا أن الوضع بحاجة إلى تفعيل النظام والقانون.. ووضع حد نهائي لهذه الممارسات المقيتة التي أكل عليها الدهر وشرب وكانت أحد أسباب تأخرنا أولمبياً وعالمياً. وحول تأثير هذه الممارسات والإرهاصات غير الصحية على ثقافة المجتمع قال إن استمرار هذه الإفرازات السلبية لاشك ستؤدي إلى تدمير ثقافة المجتمع فيما يتعلق بالرياضة وأن الموضوع يحتاج إلى ورش عمل ودوريات علمية متتالية تعتمد على الأرقام والحقائق لا التصورات والانطباعات الفردية أو الفئوية وبالتالي فإن عملية التأكد من مدى تأثر المجتمع بهذه الممارسات تظل مسألة نسبية. وأكد أن من الحلول الملائمة لصناعة إعلام رياضي راقٍ يتمثل في إطلاق حوار رياضي وطني جامع واسع لا يستثني أحدا على الإطلاق بعيدا عن أي مبررات يروجها البعض ومن خلال هذا الحوار الوطني غير الفئوي أو الانتمائي إلا للوطن وثوابته يمكن أن نلمس ونشخص مواطن الخلل من خلال منهجيات عملية سليمة ومن ثم التوصل إلى وضع استراتيجيات وسياسات وحلول وأهداف واضحة لصناعة وصياغة أداء ومسيرة إعلامية سعودية تتوخى مصلحة الوطن قبل الأفراد والكيانات الجانبية مهما كان امتدادها أو شكلها أو مضمونها أو دورها.

الإصلاح يبدأ من الداخل!

أما الناقد الرياضي المعروف الأستاذ عبد الله الضويحي فقال: الإعلام الرياضي هو جزء من منظومة.. هو جزء من الواقع الرياضي.. وإذا كان هذا الواقع أو في هذا الواقع من لم يترجم الأهداف النبيلة ويسعى لتحقيقها فإن في الإعلام أيضاً من هو كذلك لكن يجب أن ننظر إلى النصف المملوء من الكوب ونعي أن هناك في واقعنا الرياضي من يسعى لتحقيق أهدافه ومن حققها بالفعل وينطلق من الأسس التي قام عليها وبالتالي فإن في إعلامنا الرياضي من يسير على النهج ذاته.

وعن دور الجهاز الرقابي في حصر الممارسات السلبية بالإعلام الرياضي قال: إن الجهاز الرقابي الحقيقي هو (الذات) وإذا لم يكن الإنسان إعلامياً أو غير قادر على مراقبة ذاته فليس حرياً به أن يمارس الرقابة على الآخرين فالله عز وجل حين خلقه فيه مضغة إذا صلحت صلح جسده كله.. وإن فسدت فسد جسده كله {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.. والرقيب الذي تتحدث عنه بشر يحمل الحيثيات والمكونات ذاتها لمن هو تحت رقابته والرقيب ينظر لما يطرح نظرة نسبية وهذا يتضح من خلال ما يطرح في الإعلام وكيف يتم التعامل معه.وحول خطورة الإفرازات الإعلامية السلبية على ثقافة النشء أشار إلى أن مشكلة ثقافة الإساءة والتجريح تكمن خطورتها في أن التعامل يكون مع أخطر المراحل العمرية في المجتمع وأكثرها تأثراً وبالتالي فإنه ينتقل من التأثير في ثقافة المجتمع المعرفية والفكرية إلى ثقافته السلوكية والانتمائية بمعنى ثقافته بمعناها الشمولي من خلال تأثيرين أحدهما على المدى المنظور أو القريب والآخر بعيد المدى.

وشدد الضويحي على أنه من المستحيل إيجاد إعلام رياضي مثالي لأن الإعلام هو نتاج المجتمع ولا يوجد مجتمع مثالي وبالتالي لا يمكن أن يخرج من رحم هذا المجتمع إلا إعلام متأثر به ويحمل الجينات الوراثية له.. مشيراً إلى أن الإصلاح دائماً ما يبدأ من الداخل.. أن نصلح ذواتنا أوالاً وأن أي إصلاحات لا يمكن أن تنجح ما لم تجد الأرضية الصالحة والذات القابلة للتغيير نحو الأفضل.

لا للأمية الفكرية!!

* الأستاذ صالح العلي الحمادي الناقد الرياضي المعروف.. انطلق من زاوية أخرى وقال: القيم النبيلة والرسالة السامية للإعلام الرياضي ضاعت في خضم الزحام الشديد واللهاث المحموم خلف المكاسب المادية للمؤسسات الإعلامية بصفة عامة (مقروءة كانت أم مرئية) وما يتردد حول أن الإعلام شريك في التنمية لا ينطبق إلا على عدد قليل من الجهات الإعلامية الوطنية.

وأضاف: يجب أن لا ننسى سعي كثير من الجهات إلى استقطاب (الرخيص) من الأمية الفكرية على حساب العملية الإعلامية المؤسسة تأسيساً قوياً.. (إعلام من هب ودب) مفتوح على مصراعيه لكل من حمل قلماً وكتب!!

وأكد أن معظم الجهات الرقابية ما زالت تعمل وفق الأهواء والميول (التعصبية) والإقليمية غير السوية مشيراً إلى أن ذلك الزمن الجميل (ولى) كان للرئاسة العامة لرعاية الشباب دور هام وقوي جداً في ردع السلوكيات والممارسات المرفوضة مهنياً وأدبياً.. متمنياً أن يعود ذلك الدور!!

وأردف قائلاً: الاختصاصيون الاجتماعيون وشقيقي د. حماد علي الحمادي أحدهم كثيراً ما شددوا على تأثير هذه الممارسات والإرهاصات غير الصحية والأطروحات الإعلامية (الصحفية - الكتابية) الرياضية الهابطة وغير الحضارية لا شك أن لها تأثيراً (غاية) في السلبية (خصوصاً) على فئة الشباب في المجتمع.

وأضاف أن الإعلام الرياضي جزء لا يتجزأ من منظومة كبرى.. والارتقاء بالمنظومة كاملة سيرتقي بالإعلام الرياضي ومن ضمنه المجتمع الرياضي بصفة عامة بحاجة (عاجلة) إلى غربلة شاملة يتحول فيها الأخيار على الأشرار حتى ولو كان الأخيران من كبار رجال الأعمال.. والسؤال من الذين يفسدون الرياضة أكثر!!؟ تنافسها الشريف.. جماهيرها.. وإعلامها.. فتشوا عنهم ومن دون بحث وتفتيش هم (جداً) معروفون.. وللعيان واضحون والبتر التام الحل الأوحد لعلاج أمراضهم الداخلية على المجتمع الرياضي السعودي.. وهذا كفيل بصناعة وصياغة إعلام رياضي يرتقي بالطرح الهادف والبنَّاء.. ويعزز من المعطيات الرياضية.

الاختيار الأنسب

ويلتقط الأستاذ محمد القدادي رئيس تحرير صحيفة الوسط الرياضي خيط الحديث عن الإعلام الرياضي وهمومه قائلاً: لا شك أن الإعلام الرياضي كان مساهماً بشكل كبير في عملية التنمية والنهضة الرياضية التي تمت خلال العقود الزمنية السابقة وبقدر ما ارتفع مستوى المهارة واستخدام الأساليب الصحفية بين جميع الصحف ولكن بشكل مختلف.. هناك صحف ارتقى مستواها وأسلوبها في الطرح وأخرى كانت أقل وتم تبادل المواقع أيضاً بين الصحف في مسألة السقوط في مستنقع التعصب ونسوا الأهداف الجليلة للإعلام الرياضي.. صحيح أن الإعلام الرياضي أدى دوراً كبيراً ومهماً غير أن تلك الندب السوداء في وجه هذا النجاح لا تزال حاضرة بتلك الممارسات والإساءات المرفوضة.

وعن دور الجهاز الرقابي قال إن الدور الرقابي الحكومي متأخر بالنسبة للصحف الصادرة من الداخل لأن دور المراقب يأتي بعد النشر لكن في ظل الانفتاح الذي نشهده حالياً.. فإن دور وزارة الثقافة والإعلام يتأخر أكثر لأن حاجز الرقيب يتسع في ظل وجود الإنترنت والفضائيات لذا فإن الأهم هو ما يحدث داخل المطبوعة نفسها من حسن اختيار رئيس التحرير الذي يقع عليه مسؤولية اختيار المسؤول الأكفأ لإدارة القسم الرياضي وهنا هي المشكلة الأساسية في الصحف اليومية غير المتخصصة.. وأضاف إذا كان رئيس القسم على قدر معقول من المسؤولية وفهم واجباته يستطيع أن يؤدي الدور الرقابي الذي يحمي المجتمع به ويؤدي رسالته.. والأمر يتعلق برؤساء تحرير الصحف الرياضية مباشرة.وأكد أن رئيس التحرير إذا كان غير مدرك لرسالته فإنه يقود المجتمع إلى مزيد من التعصب والانحدار ويولد الكراهية والإقليمية.. وقد شهدنا خلال الموسم الماضي تحديداً شيئاً من هذه السلوكيات بشكل واضح والجميع عاش ذلك الموسم بشكل (محتقن) أثَّر على علاقة بعض الأندية.وشدد القدادي على أن من الحلول الملائمة لمعالجة هذه الممارسات المرفوضة أن يتم اختيار المسؤول المناسب الذي يكون قد سار في درب الصحافة الواعية وليس القادم من المدرجات.. والمسؤولية الأولى والأخيرة لدى رئيس التحرير إذا فهم بوضوح ما هي رسالة الصحافة تجاه المجتمع وواجباتها والتي عليها مسؤولية عظيمة من أهمها التثقيف ونشر الوعي ومعالجة الأمور بتجرد والإرشاد والتوعية كأهداف أساسية للإعلام السعودي.

الإعلام شريك بالمنجزات الرياضية

ويؤكد الدكتور عدنان المهنا إخصائي الإعلام النفسي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز والكاتب الرياضي المعروف أن الإعلام الرياضي لا يزال يوقظ نبض أصالتنا في حراكه ومنطلقاته وأهدافه وكما أن عمر الأفراد يُقاس بالإنجازات كذلك فمسيرة إعلامنا تتجاوز إيقاع الزمن فقد ساهم الإعلام في صعود المنتخب السعودي أربع مرات وساهم في فوزه بكأس القارة ثلاث مرات وإنجازات أخرى دولية وقارية وعربية وخليجية.. وهذه الجهود للرئاسة العامة لرعاية الشباب برعاية أمير الشباب ونائبه دشنت منطلقاتنا وأهدافنا ومكوناتنا ليعدو (السعودي) إنساناً يفوق مواهبه وإمكاناته.وأضاف: رغم ما قدمه إعلامنا الرياضي في دعم واقعنا الرياضي عربياً وآسيوياً وعالمياً إلا أن هناك بعض التصرفات والممارسات السلبية من بعض ما نقرأه ونشاهده في بعض الصحف.. فلا أعجب أن يجلي (جهاز النفس الرقابي) ذرا مثل هذه السلوكيات فبعض الممارسات تتطاول حتى على (الذوق العام) تشهر وتشوه الصورة الجميلة لبطولتنا وإنجازاتنا العالمية.. ولثقافة مجتمع مسلم محافظ يصدِّر المثالية قدر المستطاع ويلفظ رسم صورة ممسوخة عن واقعنا المتآزر المتعاضد المتكاتف الذي ينأى عن السلوكيات غير السوية وأردف قائلاً: دعونا نزاوج بين ميولنا وبين سلوكياتنا في وقع منتظم وعندما نستفيق من التعصب الأعمى تلج الأنفس قيمنا العامرة الجياشة بحب وطن وحب فريق على طريقة الوفاء وعدم النيل من الآخر وإحقاق الحق والتسامق في فضاءات عالية من (حسن الخلق) يقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}.. وجاء في الأثر: (رب كلمة قالت لصاحبها دعني.. ورب كلمة ألقت بصاحبها في جهنم سبعين خريفاً) إذن احتواؤنا للسلوكيات المرفوضة هو الخيل والفروسية.. هو ميثاق شرف الدين الذي يكتنز في أنفسنا الكثير من براءة الحب.

دعونا نروض أنفسنا ونفتخر بإنجازاتنا وطنية ومحلية دون المساس بالآخر أو التشدق بالسخرية منه إنساناً وكياناً عندها يصير (التعصب) مقبرة كبيرة تدفن كل منقصة منا وكل شيء يؤذي الآخر ويؤذينا يقول المولى عز وجل: {نْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}.

غياب الدور الرقابي

الكاتب الرياضي والناقد المعروف الأستاذ عبد الله العجلان أوضح أنه من الصعب تعميم النظرة الإيجابية أو السلبية في الوسط الإعلامي المتعدد في وسائله وأدواته وظروفه والمختلف حد التباين في أهدافه وتوجهاته ففي الوقت الذي تبدع وتتألق أقلام ومطبوعات وقنوات وتساهم في نشر الوعي وتحقيق التطور لنفسها وللوسطين الإعلامي والرياضي نجد في المقابل أعداداً أخرى تبث التخلف وتكرس التعصب وبالتالي تسيء لنفسها وللإعلام السعودي وللمجتمع عموماً.

وأضاف أن الفئة الأخيرة التي تبث ثقافة الإساءة والتجريح للآخرين هي فئة لا تفهم ولا تدرك خطورة وأبعاد ما تقوم به وستظل تعمل وتتحرك بعيداً عن المبادئ والقيم والأصول المهنية لذلك لا تنتظر منها تقويم أدائها والارتقاء بأسلوبها وهنا يبرز دور الجهاز الرقابي والتدخل الرسمي من الجهة ذات الاختصاص في وزارة الثقافة والإعلام فهي المعنية والمسؤولة عن هذه الفوضى.. والقادرة على إيقافها وردع كل الأسماء والأطراف المتورطة بارتكابها ومثلما توجد هناك لوائح وعقوبات في سائر المهن والمجالات والتعاملات فمن المفترض أن تقوم وزارة الثقافة والإعلام بالمتابعة المستمرة لما ينشر ويكتب ويذاع واتخاذ القرارات الحازمة ضد أي تجاوز أو خروج عن قواعد الآداب أو كل من يعتمد إيذاء الآخرين وجرح مشاعرهم والنيل منهم كما هو حاصل اليوم وبشكل ساخر ومثير للقلق على أن ما ينشر من سلوكيات وإفرازات غير صحية بالتأكيد لها تأثيرات سلبية وانعكاسات خطيرة طالما أنها تنشر أو تبث في وسائل إعلام سعودية قريبة ومؤثرة ومتداخلة مع المجتمع أي أنها أصبحت جزءاً منه وقد تصل أحياناً إلى مرحلة التفاعل معها والوثوق بأخبارها وأطروحاتها وهنا تكمن الإشكالية والتأثير على ثقافة المجتمع خصوصاً من قبل الفئات السنية التي لا تجيد الفرز ومعرفة ما ينفعها وما يضرها.

وأكد العجلان أنه من الضروري أن يكون هناك موقف رسمي وتدخل مباشر لإيقاف هذا العبث وحماية المجتمع من هذه المارسات والسلوكيات غير الصحية التي تسيء للمجتمع وتشوه صورته وتعيق خطوات ازدهاره وتنميته طالما أن الجهة الإعلامية نفسها غير قادرة على معالجة ما ينشر وتهتم قبل غيرها بتطوير أدائها وترتقي بتوجيهاتها وأهمية دورها لكن الأيام أثبتت للأسف الشديد أنه (لا حياة لمن تنادي) لدى بعض الأقلام والمطبوعات وكذلك القنوات.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد