فجعت ومعي الأسرة والعشيرة بوفاة والدتي الغالية لطيفة بنت عواد الكريع التي اختارها الله إلى جواره. بوفاتها فقدنا أماً للجميع من خلال حرصها الدائم على متابعة شؤون الصغير والكبير حتى وهي على السرير الأبيض خارج منطقة الجوف وكانت - رحمها الله - مثالاً للمرأة العصامية الشهمة الذي لا يقف أمامها في سبيل الحق أي عائق كانت مدافعة بلسانها وقلبها ومالها وكل ما أوتيت من قوة عن الحق، مثالاً للطيبة الواعية والإدراك الذكي لما حولها مرحة الطباع مؤمنة دائما بقضاء الله وقدره.
كنت مرافقة لها في مدينة الملك فهد الطبية بالرياض ومعي شقيقاتي وكانت وقتها بين الحياة والموت إثر عملية قلب شديدة التعقيد وكانت غير قادرة على الحركة وتتكلم بصعوبة وبهمس غير واضح أحيانا.
نظرت إلينا نظرة كلها حب وشوق وقالت: (بناتي الموت حق والناس خلقوا من عدم وسيعودن إلى الفناء والبقاء لله وحده فاوصيكن بناتي بتقوى الله عز وجل والاستمرار على نهجكن الطيب والدعاء لي ولوالدكن المريض الذي كنت أتمنى أن أكون معافاة لأكمل معه مشوار الحياة وأقوم بواجبه) بعدها ذرفت عيناها دمعة حارة تسابقنا على مسحها لها ووارينا وجوهنا إلى ناحية أخرى لنخفي دموعنا التي غالبتنا وكانت بنفس مستوى الحرارة لتألمنا الشديد من حالتها الصحية التي كانت عليها - رحمها الله - بعد هذه الوصية قالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسوله الله. بعدها دخلت في غيبوبة لمدة أربع وعشرين ساعة وكانت ساعة الأجل لم تحن بعد فكانت - رحمها الله - على موعد مع منيتها ليلة الثلاثين من يوم الجمعة 1430هـ فاختارها الله في هذا اليوم المبارك ليتم نقلها إلى منطقة الجوف في نفس الليلة على متن الطائرة وكنا برفقة جثمانها يرحمنا ويرحمها الله وصلي على جثمانها صلاة الجمعة لتوارى بعدها التراب بجوار والدها ووالدتها.
بهذا انطفأ السراج بعد أن أضاء كثيرا وخفت الضوء في دارها دار التوعية والنصح والرأي السديد ذابت تلك الشخصية المتربعة على منصة الطيبة والخلق وستظل روحك والدتي ترفرف في حنايا أرواحنا تحثنا على التمسك بمكارم الأخلاق والطيبة.
بكينا كثيرا فإن كان البكاء يجدي فأول الباكين عليك دارك التي تأتي إليها كل سيدة تريد النصح والارشاد والمشورة والرأي السديد.
تأكدي والدتي بأنك لن تسقطين من نوافذ ذاكرة محبيك وأنا فاجعتي بك كبيرة شعرت بالفقد فلم يعد أن أراك مرة أخرى في هذه الدنيا والله أسأل أن يجمعني بك والمسلمين أجمعين في جنة النعيم رحمك الله والدتي رحمة واسعة وأيسكنك الفردوس الأعلى في الجنة، وأن يرحمنا إذ صرنا إلى ما صرتي إليه وأن
يرزقنا الصبر والثبات وأن يوفقنا وأن نكون بارات بك بالدعاء والعمل الصالح وأن يشفي الله والدنا ويبقيه لنا ذخراً.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
- كاتبة تربوية