Al Jazirah NewsPaper Saturday  11/04/2009 G Issue 13344
السبت 15 ربيع الثاني 1430   العدد  13344

لا راد لقضاء الله وقدره
د. سعد بن عبد العزيز بن كليب

 

صدق الله العظيم القائل في سورة الأعراف آية (34) {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} وأصلي وأسلم على محمد بن عبد الله القائل (القلب يحزن والعين تدمع وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون) وحقاً ما قاله زهير بن أبي سلمى:

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته

يوماً على آلة حدباء محمول

ويحضرني في المقام ما قاله معالي الشيخ راشد بن صالح بن خنين عندما تفاجأ بموت معالي الدكتور عمر بن عبد العزيز المترك - يرحمه الله:

أقسى المصائب ما جاءت مفاجأة

من غير توطئة للحادث الجلل

ومهما طال عمر الانسان، ومهما عمر ومهما منح من صحة وعافية ومركز وجاه فالموت حوض هو وارده.

وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وانا لله وإنا إليه راجعون.

وإن للموت لهيبة، وروعة، وخاصة إذا جاء فجأة ومصابنا كان على أحسن حال في منزله استرخى قليلاً بعد صلاة ظهر يوم الثلاثاء الموافق 27-3- 1430هـ فيصاب بسكتة قلبية ولفظ أنفاسه، وسلمت نفسه لبارئها.

كان معاليه عضواً ضمن الدورة الأولى لمجلس الشورى وكان أحد ملاك البيان والبلاغة يعلق على أسماء هذه الدورة فور تشكيلها فيقول جملة عمن أعنيه وهو معالي الشيخ محمد بن عبد الله بن يوسف بن محمد النافع - من يأت بمثله - وكانت ولادته عام 1354هـ.

لقد عرفت معاليه - يرحمه الله - عندما كنت عضواً تحت رئاسته بالعمل باللجنة العليا الاستثنائية حين كان رئيساً لها وعملت وكيلاً للتحقيق بوكالة الهيئة لشؤون التحقيق ابان رئاسته لهيئة الرقابة والتحقيق، وعملت زميلاً له في وزارة التجارة كعضو في مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية، وشاركته في قضايا تحكيم وعرفت فيه الاناة والحكمة، والصبر، والجلد، وتأصيل المسائل واسناد الرأي إلى سنده الشرعي وبيان الأسباب، والرد على الدفاعات.

عرفته محايداً لا يحابي ولا تأخذه في الحق لومة لائم يتجرد، عن الصديق، والقريب، والجار، والزميل ولا يجامل مسؤولاً واضعاً مخافة الله نصب عينه، عرفته متمكناً في عمله فهو اوعية متنقلة، وجامعة بعلومها ومعارفها يستفاد منه بلا غرور ولا علو.

يطرح المسائل ويسمع الآراء لا يملي له رأياً ولا يبدأ برأي ولكنه بعد سماع الآراء لا يسفه ولا يعنف بل يطلب الدليل، ومتى مال إلى رأي فإنه محل دفاع منه وتأييد بعد استشارة وأخذ وعطاء ومراجعة، يدافع عن موقف يتخذه ممن شاركه في الموقف بعيداً عن التنظير. وهو - يرحمه الله - حسن المنطق قليل الكلام لا يرفع صوتاً في حديثه يجيد الاصغاء لا يقاطع متحدثاً عليه السمت والوقار لا يرد الا برفق ولا يطلب بشزر وله اشارات وحركات يعلمها جلساؤه عنه والعاملون معه وهي خصلة متأصلة في أسرته العريقة الكريمة ومعروفة بها يسعى إلى قضاء حاجة من طلب اليه ذلك لا يمن بما يفعل، ولا يتحدث به، له محبة وتقدير في قلوب عارفيه، حاضر البديهة بعيداً عن الاضواء لا يرغب الظهور، ولا يسعى إليه، ولا يبدأ بحديث ولا يتحدث إلا إذا طلب منه. هو طالب علم محصل شغوف بالدراسة والرجوع إلى المراجع لقد تتلمذ - يرحمه الله - وزاحم طلبة العلم ركبة بركبة في حلقات فضيلة الشيخ العلامة أبو عبد الرحمن عبد الله ابن عبد العزيز عقيل بن عبد الله بن عبد الكريم بن عقيل آل عقيل رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقاً - أمد الله في عمره ومنحه ثوب الصحة والعافية - أكثر من عشرين عاماً بلا انقطاع، فدرس عليه عدداً كبيراً من أمهات الكتب مثل كشاف القناع والمقنع مستمراً حتى وفاته - يرحمه الله - لقد نال الشهادة الابتدائية من مدرسة محافظة شقراء الابتدائية وانخرط في دار التوحيد بالطائف بعد، وتخرج في كلية الشريعة وتحصل على الدبلوم في العلاقات العمالية بعدها من جمهورية مصر العربية، وعمل مديراً للادارة القانونية بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية معاصراً معالي الشيخ عبد الرحمن أبا الخيل وزير العمل والشؤون الاجتماعية آنذاك أمد الله في عمره وتولى رئاسة اللجنة العليا حينها، وحقبة من الزمان ابان ان كان وزير العمل والشؤون الاجتماعية معالي الشيخ ابراهيم بن عبد الله العنقري - يرحمه الله - ومعالي الشيخ محمد بن علي الفايز - أمد الله في حياته - وكان - يرحمه الله - عضواً في لجنة حسم المنازعات التجارية في الرياض والتحق بعدد من الدورات في الداخل والخارج، والفقيد يجيد اللغة الانجليزية تحدثاً وكتابة متمكناً من اللغة العربية وفرضياً متقناً علم الفرائض، وكم من مسألة تولى قسمتها بالوجه الشرعي إذا عرضت في قضية محل نظر منه، وقام بالقاء محاضرات بمعهد الادارة العامة لطلاب دورات الأنظمة، ولطلاب مركز الخدمة الاجتماعية، وشارك في العديد من المؤتمرات، والندوات، رئيساً وعضواً ومناقشاً بعض البحوث العلمية، والاشراف على بحوث علمية، وراجع بعض الأنظمة وصياغتها وحكم بحوثاً وتقاعد مبكراً فعمل محامياً، ثم التحق بالعمل بمجلس التعاون الخليجي. وأثناء هذا رشح عضواً بمجلس الشورى في الدورة الأولى للمجلس وأمضى حقبة به ثم صدر الأمر السامي الكريم بتعيينه رئيساً لهيئة الرقابة والتحقيق برتبة وزير وأمضى بها اثني عشر عاماً، وبعدها تفرغ للعمل بالاستشارات والمحاماة بمكتبه فهو من الرعيل الأول في المحاماة، إذ تحصل على ترخيص بالمحاماة قبل عام 1390هـ وهو - يرحمه الله - عضو أساسي في المحكمة العربية للاستثمار بجمهورية مصر العربية وكان رئيساً لها لفترة مضت، وعضواً في اللجنة المصرفية.

ودعائي له بالمغفرة والرحمة والعزاء مني لابنيه عبد المحسن، وأحمد، وبناته الثلاث، وحرمه الكريم ولأسرة النافع كافة في الرياض، والاحساء، وضرماء، ومكة المكرمة وفي كافة أنحاء المملكة ولأصهاره، ولمعارفه، وزملائه، وأصدقائه وتلاميذه.

وفي الختام.. لا حول ولا قوة إلا بالله.

- وكيل هيئة الرقابة والتحقيق لشؤون التحقيق


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد