Al Jazirah NewsPaper Sunday  12/04/2009 G Issue 13345
الأحد 16 ربيع الثاني 1430   العدد  13345
اضطرابات الدورة الشهرية عند السيدات

 

تختلف الدورة الشهرية من حيث فترتها وكمية الدم والوقت بين الدورة والأخرى من سيدة لأخرى، ولكن يظل المتوسط العام حوالي 28 يوماً من أول يوم بالدورة إلى أول يوم في نزول الدورة التالية. وتعتبر اضطرابات الدورة الشهرية مشكلة تواجه الكثير من السيدات في فترة الخصوبة، ونراها كثيراً في عيادات أمراض النساء، ويجب أن نعلم أنّ اضطرابات الدورة الشهرية هو عرض قد يخفي وراءه مشاكل أكبر التي من أهمها علاقة هذه الاضطرابات بوظائف المبيض وقدرته على إنتاج البويضات أو كفاءتها ومن ثم حدوث الحمل والإنجاب.

ويجب أن تدرك السيدات أنّ مجرّد علاج اضطرابات الدورة الشهرية عن طريق الأدوية والهرمونات، ليس هو الحل في كثير من الحالات التي يكون وراء هذا الاضطراب سبب خفي، ولكن تشخيص السبب بالاستعانة بالفحص الإكلينيكي وعمل بعض التحاليل والأشعات، بجانب منظار الرحم بل ومنظار البطن، إذا احتاج الأمر، سيكون هو السبيل الأمثل للتشخيص ومن ثم وصف العلاج المناسب.

وتتباين اضطرابات الدورة الشهرية حسب سن السيدة أو حسب السبب الذي يكمن وراء هذا الاضطراب، فمن حيث السن يوجد هذا الاضطراب عادة في الفتيات أثناء السنوات الأولى من الدورة، ويكون ذلك لعدم نضج المحور الهرموني الممتد من الغدد النخامية ومراكز المخ وبين المبايض، ولذلك يكثر أن تجد هذه الشكوى. كما يحدث ذلك الاضطراب مرة أخرى بعد سن الأربعين وقبل أن تبدأ السيدة مرحلة انقطاع الطمث، وهو ما يسمى بسن النضج، ويبدأ هذا الاضطراب بعام أو عامين قبل سن النضج، وهذه شكوى شائعة في هذه المرحلة العمرية، ويؤدي ذلك إلى غزارة الطمث وطول فترة النزف أو إلى تباعد الفترات من دورة لأخرى.

ومن الأسباب الرئيسية لحدوث اضطرابات الدورة الشهرية وجود الأورام الليفية، وهي أورام حميدة تتكوّن في الرحم وتستغرق وقتاً طويلاً حتى تصل إلى حجم كبير ويختلف مكانها فأحياناً تكون داخل تجويف الرحم وأحياناً أخرى خارج بطانة الرحم، وهي شائعة الحدوث في السيدات اللاتي لم ينجبن أو أنجبن عدد مرات قليلة.

وهذه الأورام يسهل تشخيصها عن طريق الموجات فوق الصوتية ثلاثية الأبعاد أو عن طريق المنظار الرحمي، في حالة أن يكون الورم بارزاً داخل التجويف الرحمي أو بمنظار البطن، في حالة أن يكون الورم الليفي ظاهراً بجدار الرحم من الخارج وغير ممتد لتجويف الرحم.

ومن الأسباب الأخرى أيضاً زيادة سمك البطانة الداخلية للرحم (Endometrium)، وهذا يكون ناتج عن زيادة هرمون الإستروجين في حالات مثل تكيس المبيض أو تناول أدوية تحتوي على الهرمون. كما أنّ وجود أكياس سواء حميدة أو خبيثة على المبيض، قد تؤدي لحدوث اضطرابات بالتبويض مما قد ينتج عنه بالطبع حدوث اضطرابات بالدورة الشهرية، وبالتبعية فإنّ مرض تكيس المبايض الذي يصاحبه وجود اضطرابات بنسب هرمونات الذكورة (التستوستيرون) والأنوثة (الإستروجين)، بجانب هرمون الأنسولين بالدم وهرمونات الغدة النخامية FSH وLH تؤدي هي أيضا إلى وجود اضطرابات وعدم انتظام في مواعيد وكمية الدورة الشهرية. ومن الأسباب المهمة أيضاً والتي قد تؤدي لنزول الدم في غير موعده في الدورة الشهرية وجود التهاب شديد في عنق الرحم والمهبل .. ومما سبق نجد أنّ كثيراً من الأسباب التي تؤثر على انتظام الدورة الشهرية قد تؤدي بالتبعية إلى حدوث تأخر في حدوث الحمل، إما لأسباب موضعية مثل وجود الأورام الليفية أو وجود التهابات شديدة بعنق الرحم والمهبل، أو نتيجة لحدوث عدم انتظام بالتبويض مما يؤثر على الخصوبة وفرص حدوث الحمل.

إن تشخيص اضطرابات الدورة الشهرية يتطلّب من الطبيب المعالج مراجعة تاريخ المرض بكل دقة، من حيث السن والوزن والأمراض العضوية، وعدد مرات الحمل والولادة ونوعها، حتى يتسنى له تقييم الحالة، وبعد ذلك يبدأ الطبيب في الفحص الإكلينيكي لمحاولة تشخيص السبب الرئيسي.

ومن أهم أدوات التشخيص السليم هو تستخدام الموجات فوق الصوتية وذلك لاكتشاف وجود أي أورام ليفية وقياس سمك بطانة الرحم أو وجود زوائد لحمية في الرحم، وكذلك تشخيص تكيس المبايض أو وجود أي أورام بالمبيض والرحم.

من وسائل التشخيص الرئيسية أن يلجأ الطبيب لعمل المنظار الرحمي وهي عملية يتم بها اكتشاف تجويف الرحم من الداخل وتتم تحت مخدر كلي، حيث يجرى إدخال منظار رفيع إلى داخل الرحم، ليمكن الطبيب من تشخيص أي زوائد لحمية أو أورام ليفية داخل الرحم، وكذلك تشخيص الالتصاقات داخل الرحم قد تؤدي إلى اضطراب ونقص في كمية الدورة الشهرية.

أيضاً يلجأ بعض الأطباء إلى عمل كحت لبطانة الرحم وأخذ عينة وإرسالها إلى مختبر الأنسجة لفحصها وتشخيص السبب الكامن خلف هذه الشكوى .. كما يمكن قياس نسب بعض الهرمونات التي يحددها الطبيب المختص مثل نسب هرمونات الغدّة النخامية وهرمون الأنوثة وهرمون البروجستيرون وهرمونات الحليب والغدة الدرقية، حيث وجد أنّ وجود خلل في نسب هذه الهرمونات يؤثر أيضاً على انتظام عملية التبويض، وهنا يجب ألا نغفل دور هرمون الذكورة (تستوستيرون) الذي أثبتت الأبحاث وجود علاقة أكيدة بين \وجود زيادة في نسبته وبين وجود اضطرابات في الدورة الشهرية. ويجب أن يضع الطبيب دائماً من بين هذه الأسباب سبب تزيد نسبته كلما تقدم السن بالسيدة وهو - لا قدر الله - وجود أورام خبيثة سواء في بطانة الرحم أو عنق الرحم، ومن هنا يأتي الدور المهم لعينة الرحم وعنق الرحم في استبعاد وجود مثل هذه الأورام الخبيثة.

وفي النهاية يجب ألاّ نغفل دور بعض الأمراض العامة مثل وجود مشكلة في تجلّط الدم أو الارتفاع الشديد في ضغط الدم أو وجود بعض المشاكل النفسية والشد العصبي التي قد تؤثر على انتظام نسب الهرمونات بالدم أو حدوث زيادة كبيرة أو نقص شديد بالوزن، وبالتالي تأثر نسبة الدهون بالجسم. أما العلاج فقد يشمل العلاج بالأدوية الموقفة للنزف والتي تقوي الشرايين والشعيرات الدموية وبين هرمون البروجيسترون الذي يؤدي إلى انتظام الدورة والتحكم في كميتها، كذلك هناك بعض الأدوية التي تجمع بين هرمون الإستروجين والبروجيسترون وتؤدي نفس الوظيفة.

ومن الأساليب العلاجية المتبعة عمل عملية كحت وتنظيف لبطانة الرحم أو استئصال الأورام الليفية إذا كانت هي السبب الرئيسي، سواء عن طريق المنظار الرحمي أو عن طريق فتح البطن طبقاً لحجم ومكان وعدد هذه الأورام.

ولا ننسى أيضاً الاهتمام بالصحة العامة من حيث التغذية والرياضة وعلاج أي أمراض عامة مصاحبة أو مسببة.

د. أشرف يونس
استشاري النساء والعقم مراكز د. سمير عباس الطبية - الرياض



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد