Al Jazirah NewsPaper Wednesday  15/04/2009 G Issue 13348
الاربعاء 19 ربيع الثاني 1430   العدد  13348
أضواء
تقاسم لقمة العيش مع الفلسطينيين
جاسر عبد العزيز الجاسر

 

من بين أهم الأسباب التي سهلت للجهات الطائفية وجماعات التسيس الديني اختراق حركات الجهاد والكفاح الفلسطيني، هو إهمال منظمات المجتمع المدني وبعض الحكومات العربية الأخوة الفلسطينية، وحتى الدول العربية التي تدعم الفلسطينيين بسخاء وترصد ملايين الدولارات وتقدم مساعدات كبيرة لا تحسن توجيهها الوجهة الصحيحة، فضلاً عن عدم الحديث عن ذلك، باعتبار أن ما يقومون به ويقدمونه واجب لا يحسن الحديث عنه، إلا أن ذلك أدى إلى عدم معرفة الشعب الفلسطيني ما يقدم لهم من دول التضامن العربي، مما أتاح الفرصة لجماعة التسيس الطائفي تضخيم ما يقوم به من فتات قياساً بما يصل للإخوة الفلسطينيين من دول التضامن العربي الحقيقية التي لا تزال تعتمد على القنوات (الرسمية) من أجهزة السلطة الفلسطينية أو اللجان التقليدية، والتي أثبتت الأحداث وجود تباعد بين أجهزتها وبين المجاميع الشعبية سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، ولأن الآخرين اختاروا الطريق الأسهل والأسرع لإيصال مساعداتهم عبر المنظمات العاملة على الأرض والجماعات المسيسة التي تنفذ برامج الجهات التي تستغل الفكر الإسلامي المسيس، ظناً من تلك الجهات بأنها تخدم فكراً واحداً إضافة إلى المكاسب المادية والتنظيمية، فالمعروف أن الجهات التي تستلم المساعدات وتوزعها تكسب تأييداً تنظيمياً من قبل المجاميع الشعبية التي توجه لها تلك المساعدات. وهكذا ورغم ضآلة ما تقدمه جماعات التسيس الديني والجهات الطائفية ولا يقاس بما تقدمه دول التضامن العربي، إلا أن (البروكندا) والدعاية التي تظهر ما يسمى بدول الممانعة والجماعات المرتبط بها وكأنها الأكثر اهتماماً بدعم الشعب الفلسطيني وخاصة أهل غزة.. وهذا واقع غير صحيح إلا أن هذا الواقع المخادع نشارك في مسؤولية صنعه، أولاً لعدم تصحيحه، وثانياً لأننا لا نزال نعتمد الأساليب التقليدية، واقتصار تعاملنا مع الشعب الفلسطيني على القنوات (السلطوية) وهذا خطأ تجاوزه الأوروبيون الأكثر بعداً منا. فالأوروبيون ومن أجل إيجاد صلة أكثر قرباً من الفلسطينيين العاديين والمحتاجين إلى الدعم أقاموا علاقات مباشرة مع منظمات المجتمع المدني ومن خلال الجهات التي تجمع بين الصفة الرسمية والصفة الشعبية، وأفضل وعاء لهذا المزج كما فعل الأوروبيون هو البلديات، فالبلديات في فلسطين جميع إداراتها ومجالسها.. مجالس منتخبة وهي وإلى حد كبير تمثل إرادة وأهالي البلدة أو القرية، كما أن اللجان الشعبية ولجان الخدمات في المخيمات الفلسطينية هي الأخرى لجان وبلديات إداراتها منتخبة ومختارة من سكان المخميات، وأعضاؤها أكثر التصاقاً ومعرفة بحاجات وهموم سكان المخيمات، ولهذا فالاتصال بهذه اللجان والبلديات وإقامة قنوات عمل معها كفيل بإيصال المساعدات وتحقيق الفائدة منها، ويعرف المستفيدون من هم الذين يساعدون الشعب الفلسطيني، ويمنع المدعون ومستغلو مصاعب هذا الشعب العظيم لتحقيق أهداف سياسية طائفية. ولعل أفضل وسيلة لبناء علاقات مباشرة وصحيحة مع البلديات ولجان الخدمات في المخيمات الفلسطينية هي إقامة روابط تآخي وتؤمة بين بلديات دول التضامن العربي وبلديات المخيمات والبلدات الفلسطينية، فكم يكون مفيداً أن تعلن توأمة بلدية مدينة سعودية كبرى مع بلدية رفح، ومدينة إماراتية كبرى مع خانيونس، ومدينة كويتية مع أريحا، ومدينة بحرينية مع نابلس، وتتوزع بلديات المدن السعودية والكويتية والخليجية الأخرى على باقي المخيمات، حيث توجه هذه البلديات دعمها إلى نظيراتها بلديات المخيمات والمدن الفلسطينية.. حتى نؤكد بأننا فعلاً نتقاسم لقمة العيش مع أهلنا في فلسطين، إيماناً بوحدة المصير وبعدالة القضية وليس استغلالاً لمصالح سياسية طائفية كما يفعل الآخرون.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد