Al Jazirah NewsPaper Wednesday  15/04/2009 G Issue 13348
الاربعاء 19 ربيع الثاني 1430   العدد  13348
ثراء البرية من سنجر الزئبقية..!!
محمد سليمان العنقري

 

حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له).. الجميع يعرف هذه المقولة الشهيرة ولكن العبرة بالتطبيق، فهذه الأيام تدور بين الناس إشاعات عن وجود الزئبق الأحمر بمكائن الخياطة ولعل أشهرها (سنجر) الألمانية الصنع إلى درجة أن أسعارها قفزت بشكل جنوني فاق (10000) ريال ضعف قيمتها التي لا تتعدى 50 ريالاً ونتكلم عن المستعملة منها ولعل أكبر ربح تحقق كاستثمار كما نعلم كان في الاستثمار بسهم شركة سيسكو سيستمز العالمية المتخصصة ببناء شبكات الاتصالات، ففي ثلاثة عشر عاماً حقق مستثمروها 2000 ضعف القيمة الاسمية نظير توسعها وزيادة رأس مالها ولكنها بالمقابل حصيلة اندماج واستحواذ 55 شركة منتشرة عبر العالم إلا أن سنجر حققت المعجزات، ففي ظرف أيام تخطت كل حدود المعقول وما زالت الأخبار تتواتر على المهتمين بأن الأسعار قفزت فوق 100 ألف ريال، والغريب أن هناك من يصدق ويحضر المزادات في الأسواق المتخصصة بالأدوات المستعملة ولا يعرفون أن هناك مكائد وطبخات تحدث بهدف تضليلهم، فهناك من يتفقون على البيع والشراء ورفع الأسعار أمام الحشود حتى يصدقوا فعلاً أن هناك سراً غريباً يحقق لك الثراء بغمضة عين هذه الأنواع من الحيل ليست جديدة بل هي ابتكار عصابات النصب والاحتيال فهم يقومون بجمع أنواع من هذه الخردة أسعار تافهة ثم يبدؤون بنشر أخبار أسطورية عن أسرار موجودة وكنوز مدفونة في بطن هذه الخردة وبعدها تبدأ عمليات الإقناع بمبايعات صورية أمام الناس وبنشر أخبار عبر كل الوسائل لتبدأ عملية الانتشار السريع للخبر السر وتنطلق عمليات التسويق على الناس وكلما باعوا قدم لك من يقول هناك من يدفع أكثر لترتفع هرمونات الطمع لديك وتنساق أنت وغيرك نحو الأحلام الوردية.. وعلى سبيل المثال فقد انتشرت شائعات في دول عربية مجاورة عن سلع كراديوهات قديمة وساعات أثرية والكثير من هذه القصص التي قرأت عنها قبل كتابة هذه المقالة وجدت أن كل بلد عربي نابه من هذه القصص الكثير، وبالمقابل نجد للأسف من يصدق وينجرف خلفها بكل سهولة وحتى في أوروبا حدثت مثل هذه القصص ولكن بقرون سابقة كفقاعة زهرة الزئبق بهولندا التي قيل فيها ما قيل عن سرها العظيم إلى درجة أنها كانت تبادل ببيت إلى أن اكتشف الناس غباءهم بأنها زهرة تذبل وتموت ولا تختلف عن غيرها ويمكنك زراعتها ولا تساوي شيئاً بالحقيقة ويبدو أننا اليوم نعيش ماضي غيرنا وينساق الناس بسهولة لتصديق أي خزعبلات تحقق لهم الثراء السريع والذي لا يصنع الا بمقامرات وليس مغامرات كما يظنون.

الحقيقة إن الناس لا تتعلم من أخطائها فكما انساقوا وراء تضخم الأسعار بسوق المال وخسروا مدخراتهم فيه بأسهم شركات ضعيفة وصل مكررها إلى 5000 مرة نجدهم اليوم من جديد يغامرون بكذبة انطلت عليهم وساهموا بنشرها ليستفيد منها قلة من النصابين ويكونوا هم الضحية، وإذا كان هناك فرق بين سنجر وسوق المال بنواحي عديدة أهمها إمكانية التعويض على زمن طويل فإن الأولى لا يمكن ان تطبع فيك إلا صفة الحماقة لأنك احرقت مالاً لا يمكن استرجاعه وستبقى سنجر بوجهك لتذكرك كل يوم بغريزة الطمع وغياب العقل لثواني تجعلك أبد الدهر تعيش بعقدة النقص صحيح أن الجهات المختصة تحركت بسرعة لمنع وقوع ضحايا لعلمية نصب واضحة ولكن بالنهاية لا تستطيع تلك الجهات أن تحميك من طمعك، فالسد المنيع له الوعي ورجاحة العقل وإذا كان العدد الذي انساق خلفها قليل لكن بوجود من يصدق أي شيء فلا يمكن ضمان عدم تكرار هذه الظاهرة بالمستقبل.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد