تحقيق - نورة مروعي عسيري
هل زواج المسيار في مجتمعنا السعودي أو الخليجي يمكن أن يقال عنه إنه وصل مرحلة الظاهرة؟ وما نظرة الفتاة تجاهه؟ وهل نجح العلماء الذين أجازوه في توضيح أهم قواعد وأركان الزواج بهذا المسمى ليكون زواجا صحيحا يخلو من الشبهة والالتباس؟ حيث إن الكثير من الناس يعتقد أن زواج المسيار يفقد المرأة حقوقها؛ إذ إن البعض من الرجال الراغبين بهذا الزواج يشترطون عدم النفقة، فما رأي النساء في ذلك؟ وما رأي الشرع والآباء أيضا؟
«الجزيرة» رصدت الآراء الآتية:
بداية طرحنا أسئلة حول رأي المرأة بزواج المسيار حسب الضوابط التي قيده بها العلماء، وهي وجود الولي وتوفر الشهود وتوثيق الزواج والمهر بدون إعلان وإشهار الزواج وتنازل المرأة عن حق من حقوقها حسب الاتفاق إما المبيت أو السكن أو النفقة؟.. وهل المسيار صورة من صور التعدد أو هو شكل من أشكال المتعة؟.. وهل زواج المسيار لصالح المرأة أم لصالح الرجل؟ وما نظرتك لزوجة المسيار؟.
حيث أجابت لمى يونس فقالت: الزوج الذي لا يتفهم ظروفي ولا يسعى لتحسينها أنا بغنى عنه، مشيرة إلى أنها لا تؤيد زواج المسيار وترى أنه دخيل على الإسلام؛ لأنه لم يشرع في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام على الرغم من الغزوات والحروب وكثرة عدد أرامل الشهداء، وترى أنه شكل من أشكال زواج المتعة الهدف منه إشباع غرائز الرجل؛ لأن زواج المسيار يفقد أهم أركانه وهو الإشهار، والأصل في الزواج هو الإعمار في الأرض. وتقول إن زواج المسيار يعني مزيدا من التفكك الأسري وارتفاع نسبة الطلاق. وبالنسبة لمبررات زواج المسيار للمرأة فترى أن الحجج والأعذار التي تتخذها المرأة لإقناع نفسها ومجتمعها لقبول فكرة زواج المسيار مثل التحجج بظروف والدتها أو أبنائها هي حجج واهية؛ إذ إن الزوج الذي لا يتفهم ظروفها ولا يسعى لتحسينها هي بغنى عنه. أما عن نظرتها لزوجة المسيار فهي زوجة سلبية وضعيفة، وليس لديها سعة أفق ولا ثقة بنفسها؛ لأن الزواج الحقيقي لا يعرف سنا معينة ولا ظروفا.
فخ المسيار
* الداعية محمد الحسين قال: كثير من النساء يقعن في فخ المسيار ولا يعرفن ما إذا كان هذا الرجل يهدف للمتعة والشهوة وينوي الطلاق بعد فترة دون أن تعلم وتذهب المرأة ضحية هذا الزواج. ويقول لا بأس إذا كانت ظروف المرأة تجبرها على الزواج بهذه الطريقة ولكن عليها حسن الاختيار والتحقق من دوافع الرجل الذي طلب الاقتران بها مسيارا، ولا بأس إذا تنازلت عن شيء من حقوقها كالنفقة والمبيت، وهو زواج صحيح إذا توافرت شروطه، ولكن المنتشر هذه الأيام بصورة تهين المرأة وتسيء لها؛ إذ إن الكثير من الرجال هدفهم من زواج المسيار إشباع رغباتهم الجنسية، وانتشار زواج المسيار في مجتمعنا بدون ضوابط نتائجه السلبية أكثر من إيجابيته؛ لأن المرأة التي تتزوج هدفها الاستقرار العاطفي والاجتماعي وخصوصا إذا كانت كبيرة في السن أو مطلقة أو أرملة ولكن الرجل قد لا يكون له ذات الأهداف ويخفي نواياه ولا يصرح بها.
المعلمة (وفاء) عزباء تقول: العلماء يحرمون أمورا كثيرة بحجة سد الذرائع؛ فلم لا يحرمون المسيار لأنه ذريعة لكل باحث عن إشباع غرائزه؟.. وترفض زواج المسيار شكلا ومضمونا، وتقول: للأسف إن بعض المشايخ يحرمون كثيرا من الأمور الضرورية التي أصبحت المرأة بحاجة ماسة لها مثل قيادة السيارة بحجة سد الذرائع، والأولى بهم منع زواج المسيار لأنه أصبح بابا وذريعة يستغلها الرجل ليتنصل من مسؤوليته في النفقة ومن واجباته الزوجية تجاه زوجة المسيار.
أما المعلمة (ع .ح - عزباء) فهي تؤيد زواج المسيار بشدة وخصوصا إذا لم تكن المرأة بحاجة للنفقة ولا للسكن مع أنها على قناعة تامة بأن هذا الزواج يهضم كثيرا من حقوق المرأة والمستفيد الأول من هذا النوع من الزواج هو الرجل، ولكن إذا اضطرت الفتاة له وخصوصا إذا وصلت لسن العنوسة فلا بأس.
المسيار والإنجاب
وقال الشيخ الدكتور غازي الشمري رئيس لجنة تكافل الأسرية في إمارة المنطقة الشرقية: إن عدم الإنجاب في زواج المسيار ليس شرطا من شروط صحة العقد أو بطلانه، وأضاف: كثير من العلماء يؤيدون زواج المسيار في حالات كأن تكون المرأة أرملة أو مطلقة أو كبيرة في السن أو مرتبطة بوالدين ولديها أبناء وتريد أن تعف نفسها، وليس شرطا أن تتنازل المرأة عن جميع حقوقها ليكون زواج مسيار؛ فقد تتنازل عن شيء واحد مثلا كحق المبيت أو السكنى؛ فكثير من الرجال المتزوجين مسيارا ينفقون على زوجاتهم، وبعضهم يمنحها السكن، أما المبيت فتتنازل عنه حسب ظروفه لأن البعض يعتقد أن المرأة تتنازل عن حقوقها جملة وتفصيلا، وهذا مفهوم خاطئ، فهي تتنازل عن احدها أو اثنين منها فقط حسب الاتفاق، وعدم الإنجاب في زواج المسيار ليس شرطا من شروط صحة العقد أو بطلانه.
* مشرف النشاط حسن موسى قال: إذا وجد الرجل الاستقرار العاطفي وراحة البال فهذا هو المطلوب، مشيراً إلى أنه يؤيد زواج المسيار بحدود الضوابط التي قيده بها علماؤنا ومشايخنا، وهو شكل من أشكال التعدد وليس المتعة؛ لأن الرجل فيه يراعي مشاعر زوجته الأولى، وفي مرات أخرى قد يحتاج له الزوج كثير السفر والتنقلات لإحصان نفسه والابتعاد بها عن الرذيلة. ويرى أن الزواج بهذه الطريقة هو زواج ميسر ولصالح الطرفين وخصوصا إذا كانت المرأة تجاوزت الثلاثين أو أرملة أو مطلقة.
وبالنسبة لاعتبار بعض السيدات أن الرجل الذي يسعى للمسيار هدفه التنصل من واجباته الزوجية قال: على العكس، زواج المسيار قد يكون بالنسبة للرجل الذي يعرف معنى المسيار الحقيقي هو مسؤولية تضاف لمسؤولياته السابقة، وخاصة إذا وجد الرجل راحة البال والاستقرار العاطفي فسيتحول زواج المسيار لمديار.
أما عن نظرته لزوجة المسيار فقال: أنظر لها بكل احترام وتقدير؛ كونها اتبعت وسيلة شرعية وحصلت على حق من حقوقها وهو الزواج دون المساس بكرامتها واستطاعت إعفاف نفسها.
* أحمد المطوع يؤيد زواج المسيار ويرى فيه تخفيفا وتيسيرا على كلا الزوجين، ويعتبره شكلا من أشكال التعدد والمتعة في آن واحد، ويقول: إن زوجة المسيار هي زوجة حقيقية، ولا يرى مانعا من تزويج الفتاة قبل سن الثلاثين زواج مسيار إذا كان إعلان الزواج سيؤذيها أو يسبب مشاكل لها ولزوجها على المدى البعيد. وبما أنه زواج مكتمل توافرت به جميع الأركان من وجود ولي للفتاه وتوفر الشهود وتوثيق الزواج فلا بأس من التخلي عن الشكليات ويقصد بالشكليات الإعلان والإشهار.
سفيرة النوايا الحسنة والاعلامية منى أبوسليمان: قالت علم الزوجة الأولى بزواج زوجها من أخرى هو حق من حقوقها؛ لأن الزواج والارتباط بشريك في الحياة قائم على الثقة؛ فالعلاقة الزوجية هي علاقة اجتماعية كاملة وليست قائمة على الزوج والزوجة؛ فلا بد أن تعلم أسرتها وأسرته بهذا الزواج. نحن ما زلنا نفتقر لثقافة الحقوق والواجبات، وعلينا نشر الوعي وتوعية المرأة وتبصيرها بحقوقها. وتعتبر الزواج شركة قائمة على المسؤولية من كلا الطرفين (أي الزوج والزوجة)، وأن تنصل الرجل مثلا من أحد واجباته تجاه زوجته كالنفقة وغيرها يفقد هذه المؤسسة الاجتماعية طابعها الإنساني والاجتماعي المتعارف عليه، وتخسر فيه المرأة احترامها لنفسها واحترام زوجها ومجتمعها، وبالتالي فإن كل سلبيات زواج المسيار تقع فيها المرأة وليس الرجل.