Al Jazirah NewsPaper Friday  17/04/2009 G Issue 13350
الجمعة 21 ربيع الثاني 1430   العدد  13350
 
مركاز
كل مائة متر صيدلية!
حسين علي حسين

 

لا أدري- والله أعلم- ما هو السر في هذا الانتشار الواسع النطاق للصيدليات في بلادنا، حتى قيل: إن لدينا بعد كل مائة متر صيدلية، وسوف نجد تبعا لذلك أكثر من عشر صيدليات في شارع طويل وعريض لكنه ميت، وكل صيدلية لا تقل مساحتها عن المائة متر، وهناك صيدليات تزيد على هذه المساحات، وقد دخلنا عصر الصيدليات القابضة، فكل شركة لديها عشرات الفروع لصيدلياتها، بينما في السابق كان صاحب الصيدلية يتشاءم من إنشاء أكثر من صيدلية، هناك صيدليات حدها في جدة ومثلها التي في الرياض والدمام وغيرها من المدن، الآن مستثمر الصيدليات ينشرها حتى في الهجر، وهذه الصيدليات باتت من جريها وراء الربح السريع وكأنها مطعم وجبات سريعة انطلاقا من هذا المبدأ أصبحت الصيدليات نصف سوبر ماركت، فهي تبيع اللبان والحليب والمعاجين والإكسسوار، وبعض هذه الصيدليات لديها تعليمات سرية لا يعلم بها إلا العاملون فيها، هذه التعليمات تلزم الصيدليات بتنشيط كل معروضات الصيدلية بما فيها الدواء، نعم الدواء! وسوف يحاسب الصيدلي حسابا عسيرا لو بقى الدواء لديه حتى ينتهي عمره الافتراضي، إنه يقدم دلالة على خموله كبائع شاطر، عليه أن يقنع الزبون بأفضل أدوية الرشح والسمنة والأرق وتنشيط الدورة الدموية، وهو هنا مسوق شاطر، وقفاز رائع على كافة التقاليد الطبية التي تعتمدها الدول المختلفة مثل بريطانيا وأمريكا، بعدم صرف أي دواء إلا بروشته حتى ولو كان علبة بندول!

في السابق كانت الصيدليات تتركز بجانب المستشفيات والمستوصفات وتحت العمائر التي تضم عيادات طبية، الآن كسرت الحواجز، أصبحت الصيدلية موجودة بجانب الفندق وعمارة الشقق المفروشة وبجانب محلات الوجبات السريعة ومحلات السوبر ماركت، والصيدلية الآن أصبحت تعطي من يديرونها الحق في ممارسة دور الطبيب الشعبي يصرف الدواء ويعطي النصائح، وفي النهاية كل واحد ذنبه على جنبه، إذا أخذ دواء فأتت النتيجة عكس ما يريده من أخذ الوصية ومن أعطاها، فمن أعطى الوصفة يريد الربح ومن أخذها يريد توفير زيارة عيادة الطبيب!

وفي الأيام الخوالي كان التلفزيون أو الراديو يذيعان علينا بعد نشرة الأخبار أماكن الصيدليات المناوبة ومراكز الإسعاف لأن الصيدليات كانت مثلها مثل كافة المحلات تغلق مع أذان العشاء، الآن كافة الصيدليات مناوبة، فالرزق وافر، وكل صيدلية لا تكلف المستثمر أو التاجر إلا مستودعا وبضع سيارات، هذه العدة البسيطة مع مجموعة الصيادلة أو شبه الصيادلة الوافدين توفر الدعم لسلسلة الصيدليات التي باتت بدورها تنافس للمطاعم.. أعيد النظر في هذه الطفرة الصيدليانية لعلها تكون طفرة نوعية!

فاكس: 012054137


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5137 ثم إلى الكود 82244
التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد