Al Jazirah NewsPaper Monday  20/04/2009 G Issue 13353
الأثنين 24 ربيع الثاني 1430   العدد  13353
 
تطبيقات الانتماء والولاء في بلادي
د. مساعد بن عبد الله النوح

 

أجزم بأنّ من أجمل مناسبات العام الهجري الجديد 1430هـ على الإنسان السعودي، خبر خروج سمو ولي العهد من المستشفى وتمتعه حالياً بفترة النقاهة وتعيين سمو وزير الداخلية نائباً ثانياً لرئيس الوزراء.

ولقد عبّر هذا الإنسان عن فرحته بهاتين المناسبتين بصور مختلفة، ومنها: تقديم التهنئة من خلال وسيلتين، الأولى وتسمى بالاتصال المباشر، وهو يعني الحضور المباشر وخصوصاً لسمو النائب الثاني، والثانية وتسمى بالاتصال غير المباشر، وهو يعني الاستعانة بأساليب للتعبير عن مشاعر الفرح والسعادة، مثل: كتابة قصيدة وإعداد مقالة، ودعوة لهما في السر والعلن وتبادل التهاني مع الآخرين وتقديم التهاني القلبية في الصحافة واستخدام تقنيات العلم كالفاكس والبريد الإلكتروني وزيارة مواقع الإنترنت وغيرها.

يفوح من هذه التطبيقات شكل واحد للانتماء، وهو الانتماء للقيادة السعودية حفظها الله وصور عدّة للولاءات، فمنها: الاعتراف بحقوقها والإعلان الصريح باحترامها، والمحافظة عليها في كل الظروف والأحوال والدفاع بصدق عنها، والمشاركة بفعالية في تميّزها، والتسجيل لأرق مشاعر الإعجاب والتقدير بها، لاتخاذها أسلوب الحكمة في إدارة البلاد والعباد، والميل للمشاركة في مشاعر الفرح والألم لها في أجمل صورهما استشعاراً بوحدة الجسد .. ليست مشاعر غريبة و أحاسيس عجيبة، والإنسان السعودي يرى نظيره الإنسان العربي وغير العربي عبر وسائل الاتصال المختلفة، يتجرّع صوراً من حياة الشقاء كالألم والفقر والخوف والجهل والمرض والغربة والقهر، ويرى نفسه والآخرين من بني بلاده في نمو مستمر في مختلف جوانب الحياة.

كما يرى بلاده منطقة جذب الآخرين من دول قريبة وبعيدة دينياً واقتصادياً ودراسياً وصحياً وسياسياً، إذ ينفقون ما لديهم من إمكانات؛ ليصلوا إليها وينعموا من خيراتها الفنية والمادية.

كما يرى تجارب بلاده في مجالات تنموية شاملة مصدراً عذباً لأقوى الدول عسكرياً وصناعياً وبيئياً تستفيد منها، فالقوة الحقيقية لأية دولة لا تقاس بما تملك من أسلحة تدمِّر الحياة الإنسانية، بل بما تملك من تجارب وخبرات تنمي الحياة وترتقي بها بما ينعكس على تطور حياة الإنسان.

ويرى أساليب بلاده في معالجة مشكلاتها على تنوّعها الداخلية ومع الغير، تقوم على أساس تحكيم لغة العقل ورح الضمير اليقظ.

ومقابل هذه الرؤى السارة، يرى مشاهدات غير سارة من إعداد وتنفيذ الحاقدين عليها، إذ لا تتاح لهم فرصة إلاّ ويستفيدوا منها في إلحاق الإساءة لها ولاسيما أمنياً واجتماعياً واقتصادياً.

وما زادها من ذلك إلاّ قوة معنوية وحسية جعلها تدافع بكل صمود.

وفي الوقت الذي تشير فيه الكتابات المتصلة بتدعيم قيم الانتماء والولاء للوطن وقيادته إلى وجود أزمة لدى الإنسان في هذه القيم، فإنّ هذه الأزمة تختفي لدى الإنسان السعودي، إذ يرثها أباً عن جد ويدعمها عبر مؤسسات التربية الرسمية في المجتمع.

لقد أشارت كتابات في موضوع الانتماء للوطن إلى عدّة أساليب مسئولة عن تعميق انتماء المرء لوطنه، وعند تتبع هذه الأساليب في السعودية نجد أنها متوافرة ولله الحمد، ومن هذه الأساليب:

إشباع الحاجات الأساسية للإنسان، وإعلاء قيمته وحفظ كرامته، وسيادة روح العدل وتكافؤ الفرص، وإعلاء قيمتي الحرية والشورى، والتوازن بين الحقوق والواجبات، وتوافر روح المصارحة والشفافية، والسماح بالنقد البنّاء الهادف، ونبذ العصبية والطائفية والعرقية، وسيادة روح التعاون والإخاء بين أفراد المجتمع, وتنمية الشعور بحب الوطن والتفاني في خدمته والحفاظ على ممتلكاته، والتأكيد على أنّ الإخلاص في خدمة الوطن جزء أصيل من الإيمان بالله، ونشر قيم العمل والإتقان والتفاني والإيثار في وجدان الإنسان. أما صور ولائي لبلادي وقيادتي فله عبق مختلف، فعلى الرغم من تكوينه على ضوء التطبيقات السابقة؛ لأنها بمثابة القاعدة الراسخة، فإنني أذكر نفسي بفضل هذه البلاد الطاهرة عليّ، فكما أنّ الأم تنجب وتربي، فقد جئت للدنيا وتربيت على أرضها وتنعمت من خيراتها وتعلمت في مدارسها وكلياتها، ونلت شرف المواطنة منها، وحظيت بالاحترام من ثقلها على كافة المستويات.

ولذلك أرى أنني مسئول مثل غيري من المربين عن تربية وتعليم نشئها وشبابها على المنهج الوسطي، استجابة لأوامر هذه القيادة الحكيمة، أسهم وبدون أي تردد في احتوائهم وتقديم العلم النافع لهم وتزوديهم بالتوجيهات المناسبة، والعمل على تصحيح الأفكار والمفاهيم التي ينقصها الوعي المطلوب؛ لقناعة مني بأنه إذا كان رجل الأمن الرسمي يواجه وبكل شجاعة المفسدين في الأرض، فأنا ومن مثلي من رجال التربية نواجه الشريحة الأخرى، وهي الصالحة التي ترغب في أن تكون أعضاء نافعة لدينها ونفسها وبلادها، ونعمل لتسليحهم بالفكر السليم والسلوك المستنير.

أستاذ مشارك - كلية المعلمين - جامعة الملك سعود


drmusaedmainooh@hotmail.com
التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد