Al Jazirah NewsPaper Thursday  23/04/2009 G Issue 13356
الخميس 27 ربيع الثاني 1430   العدد  13356
إضاءات نفسية
د. محمد بن عبد العزيز اليوسف

 

زاوية تهتم بكل ما يتعلق بالطب النفسي والتنمية البشرية وتطوير الذات... نستقبل كل أسئلتكم واقتراحاتكم..

مفهوم المرض النفسي

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن آخذ رأيك يا دكتور محمد وبكل صراحة لأني كنت في أحد الأيام جالساً في مجلس وطُلب مني تعريف المرض النفسي، فقلت لهم لست دكتوراً ولا باحثاً اجتماعياً حتى أعرف المرض النفسي، ولكن طلبوا مني ذلك فقلت لهم يا دكتور وحسب مفهومي الشخصي وبكل بساطة إن الإنسان بطبيعة الحال يدور في رأسه أفكار سلبية وأفكار إيجابية فإن سيطرت الأفكار الإيجابية على تفكير الإنسان يكون متزناً في تصرفاته وتعامله وفكان شخصاً سليماً، أما إذا حدث عكس ذلك فيكون أسير الشك والأفكار السلبية فيكون إنساناً مريضاً، إضافة إلى أنه عند حدوث مصيبة -لا سمح الله- إضافة أيضاً إلى ضعف إيمان الشخص، فاقتنع منهم البعض والبعض الآخر لم يقتنع بذلك.

لذا يا دكتور أود منك توضيح وتصحيح مفهومي الشخصي عن المرض وليت يكون التوضيح بالعامية والتبسيط بعيداً عن التعريف العلمي للمرض.

آسف على الإطالة وتقبل احترامي وتقديري.

* وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أشكرك أخي على طرح هذا السؤال الهام.

الحقيقة إن المرض النفسي ليس نوعاً واحداً كما يعتقد البعض بل هناك مجموعة من الأمراض المختلفة التي تشترك مع بعضها في سمة أساسية وهي ظهور تغيرات سلوكية لدى الشخص.

ويجب أن نفرق هنا بين الأعراض النفسية والأمراض النفسية، فالأعراض النفسية كأعراض كلنا كبشر نمر بها، فمثلاً القلق هو عرض نفسي كل إنسان على وجه الأرض يشعر به، وكذلك الحزن هو عرض نفسي كلنا نمر به، وظهور هذه المشاعر الطبيعية من وقت لآخر لا يعني وجود مرض نفسي بل يعني ببساطة أننا بشر.

وكمحاولة لتقريب مفهوم الأمراض النفسية لك وللمجتمع يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

الأول: اضطرابات التكيف مع ضغوط الحياة،

ونعني بها ما يمر به الإنسان من أعراض نتيجة حدوث تغيرات جذرية في حياته أو صعوبات كبيرة أدت إلى التأثير على حالته النفسية وقدرته على مواصلة حياته بالشكل المعتاد (كالطلاق مثلاً). عندها قد يحتاج هذا الإنسان إلى شخص لديه خبرة كافية لمساندته لتجاوز هذه الأزمات بنجاح بل وتطوير الإمكانيات والمهارات الشخصية اللازمة للتعامل بمرونة وإيجابية مع أحداث الحياة المختلفة.

الثاني: الاضطرابات العصابية

وتعني زيادة في أعراض يعتبر وجودها بمستوى معين أمراً طبيعياً لكنها إذا اشتدت لفترة طويلة وبدأت بالتالي في التأثير على حياة الإنسان وإنتاجيته فإنها تتحول إلى اضطراب. مثال ذلك القلق فهو يعتبر عرضاً طبيعياً بل ومطلوباً لحث الإنسان على العمل والإنتاج، فالطالب يحتاج أن يقلق بخصوص الاختبار القادم حتى يبدأ بالقراءة والتحضير، ولكن إذا وصل القلق إلى مستويات مرتفعة جداً بحيث بدأ بالتأثير على تركيزه في القراءة وربما أدى إلى انسحابه من المدرسة تماماً حتى يتجنب الشعور بالقلق الشديد الناتج عنها، هنا وهنا فقط يصبح ما يعانيه عصاباً وليس قلقاً طبيعياً.

أيضاً الحزن هو شعور إنساني طبيعي لكنه إذا اشتد وتواصل وخطف حياة الإنسان بالكامل بما فيها طبيعة نومه وشهيته للأكل يصبح اكتئاباً وليس حزناً طبيعياً.

وارتفاع شدة ومستوى الظواهر الطبيعية لتصبح أعراضاً مرضية هو أمر ينطبق على عدد من الأمراض الطبية بشكل عام حتى العضوية منها، فمرض السكر مثلاً هو ارتفاع مستوى سكر الدم المطلوب بشكل طبيعي لتغذية الخلايا إلى مستوى أعلى من المطلوب ليصبح مرضياً. وضغط الدم الطبيعي المطلوب للمحافظة على الدورة الدموية يتحول إلى مرض الضغط إذا ارتفع إلى مستوى ضار حسب التحديد الطبي لهذا المستوى وهكذا.

الثالث: الاضطرابات الذهانية

وهنا الأعراض ليست أعراضاً اعتيادية بل يكفي وجودها عادة للتأثير بشكل سلبي على سلوك الشخص وحياته بالكامل. مثال ذلك مرض الفصام العقلي الذي تظهر لدى المصاب به أعراض غير اعتيادية تؤثر حتى على قدرته على التفكير بشكل طبيعي، ويظهر ذلك من خلال عدم اتساق الأفكار لديه وصعوبة التعبير عن ما يشعر به من خلال الكلمات.

هذه محاولة لإعطاء فكرة عامة وليست شاملة بالتأكيد عن طبيعة الأمراض النفسية واختلافها.

شكراً لك مرة أخرى.

إضاءة

إنك تخطو نحو الشيخوخة يوماً مقابل كل دقيقة من الغضب.

دكتوراه في الطب النفسي
كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي - الرياض


e - mail: mohd829@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد