Al Jazirah NewsPaper Thursday  23/04/2009 G Issue 13356
الخميس 27 ربيع الثاني 1430   العدد  13356
أعضاء فريق الخطة الاستراتيجية بجامعة الملك سعود يكشفون لـ «الجزيرة»:
جامعة الملك سعود بدأت التحرر من قيودها.. ونستهدف تخفيض عدد الطلاب من 120 ألفاً إلى 35 ألف طالب

 

البحث العلمي بوابة الاقتصاد إلى القيمة المضافة التي تساهم في تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني، والمملكة اليوم تضع هذا الهدف على رأس أولويات خططها التنموية، و(الجزيرة) والجامعات من خلال كراسي البحث المتنوعة شراكات استراتيجية تسعى إلى تعزيز حضور المجتمع العلمي في الإعلام المجتمعي بفتح نوافذ أكثر اتساعاً للكلمة والفكرة التي تهم المواطن وتخدمه.

(الجزيرة) جمعت أعضاء مشروع الخطة الاستراتيجية بجامعة الملك سعود ليطلعوا القراء من نافذة (الجزيرة) على تفاصيل هذا المشروع الذي يستهدف نقل كبرى الجامعات السعودية من جامعة تدريسية إلى بحثية؛ فإلى الندوة:

في البداية قال د. سالم القحطاني: يسرني أن أقدم لكم نبذة مختصرة عن بداية مشروع الخطة الاستراتيجية بجامعة الملك سعود، حيث كما تعلمون أن الجامعات في المملكة توسعت وأصبحت هناك - والحمد لله - في بلدنا أكثر من عشرين جامعة غير جامعة الملك سعود؛ لذا فالجامعة تريد أن تقوم بدور تستطيع من خلاله أن تخدم المجتمع بشكل أفضل. ومن المعروف أن الجامعة لها ثلاث مهام رئيسية: المهمة الأولى هي (التدريس) وتوفير التعليم لخريجي الثانوية، والمهمة الثانية هي (البحث العلمي)، والمهمة الثالثة هي (خدمة المجتمع)، وهذه المهام هي سبب إنشاء أي جامعة سواء في المملكة أو في الخارج، وخلال الخمسين عاماً الماضية كانت جامعة الملك سعود تركز على مهمة واحدة وبشكل أساسي وهي التدريس؛ وذلك بسبب أنها كانت الجامعة الرئيسية والجامعة الأم في المملكة وأيضاً هي الجامعة الأكبر من حيث الطاقة الاستيعابية، ولكن للظروف الحالية التي يعيشها التعليم العالي في المملكة والتغير الكبير فيه والنمو في أعداد الجامعات وتوزعها في مناطق المملكة فإن الدور الذي ستلعبه جامعة الملك سعود خلال الفترة القادمة لا بد أن يختلف قليلاً. الآن نحن في جامعة الملك سعود نتساءل: كيف يكون لنا مكان بارز بين جامعات العالم؟ وهذا لن يتم إلا بتغيير المجتمع السعودي حتى يصبح مجتمعاً معرفياً يستثمر المعرفة، وهذا ما نريد تحقيقه في الجامعة فكما هو معلوم فإن اقتصاد المعرفة يمثل 45% من الاقتصاد العالمي.

المملكة تعتمد في اقتصادها على البترول، وهو مورد ناضب، فإذا استطعنا أن نتحول نحو إنتاج المعرفة فإننا نقدم أكبر خدمة للاقتصاد الوطني؛ لذا تم تشكيل فريق للخطة الاستراتيجية مكون من 14 رجلاً و3 نساء من مختلف الكليات للعمل في مشروع الخطة، وإلى الآن نحن في مرحلة الإعداد وجمع المعلومات لهذه الخطة.

في البداية رحب الزميل رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك بزيارة فريق إعداد الاستراتيجية الشاملة بجامعة الملك سعود، مثمناً اختيارهم لصحيفة (الجزيرة) كأول صحيفة ووسيلة إعلامية على مستوى المملكة يتم تواصل الفريق معها في إطار رصد آراء الجهات والأطراف الإعلامية حول دور الجامعة. وقال الزميل رئيس التحرير: دعوني أرحب بكم باسمي وباسم مدير عام المؤسسة المهندس عبداللطيف العتيق وجميع منسوبي صحيفة (الجزيرة) لزيارتكم لنا، وفي نظري أن هذه الاستراتيجية الشاملة التي أنتم بصدد إعدادها حالياً تمثل استكمالاً لمشاريع ومهمات التطوير التي تقوم عليها الجامعة، ولا ننسى أن أمام هذا الصرح العلمي المهم تحديات كبيرة مع التغيرات التي يشهدها العالم لمواكبة مخرجات التعليم للمنافسة التي يعيشها العالم أجمع ولا شك أن قراء (الجزيرة) حريصون على أن يقرؤوا عن هذه الخطة وعن مراحلها وخطواتها.

انتقل الحديث إلى المهندس عبداللطيف العتيق مدير عام مؤسسة (الجزيرة) للصحافة والطباعة والنشر والذي ثنى على حديث رئيس التحرير، مشيداً بدور الجامعة وتاريخها ومشدداً على ضرورة استمرار مثل هذه اللقاءات وتفعيلها لتقف الجامعة على متطلبات واحتياجات سوق العمل وتترجمها في شكل برامج ومنتجات تعليمية قادرة على ردم الفجوة الحالية بين الجامعات ككل وسوق العمل. بعد ذلك بدأت الندوة بسؤال «الجزيرة» للدكتور سالم القحطاني: حول الخطط والآليات التي ستعتمدها الجامعة وتتبناها للتواصل مع قطاع الأعمال الذي سيدعم التوجُّه نحو الاقتصاد المعرفي؟ فكما تعلمون القطاع الخاص هو الذي يترجم ويمول الفكر المعرفي ويحوّله إلى منتجات.

أجاب د. سالم القحطاني: في إعدادنا لمشروع الخطة لم نغفل قطاع الأعمال بل هو أحد شركائنا؛ حيث قابلنا مجموعة من رجال الأعمال وسمعنا منهم رغباتهم وأفكارهم، وهناك أيضاً مشروع وادي الرياض للتقنية، وهناك حاضنات للأفكار التي تتولد عن البحث العلمي وتضعها موضع التطبيق ثم تنقلها إلى القطاع الخاص، ولا أخفي سراً إذا قلت إن ما تفضلتم به هو أحد المحاور الرئيسية في مشروع الخطة. إن نقل الأفكار والأبحاث والمعرفة إلى قيمة اقتصادية ذات قيمة مضافة فيه أيضاً نوع من خلق الشراكة المجتمعية الفعلية بين الجامعة والقطاع الخاص والقطاعات الأخرى ذات العلاقة، أيضاً الشراكة مع قطاع الأعمال ستوفر لنا التمويل اللازم، وسيكون هناك مبادرات فعلية لخلق هذه الشراكة في مشروع الخطة بإذن الله.

انتقل الحديث إلى د. معدي آل مذهب: التوقعات من جامعة الملك سعود عالية جداً؛ لأن هناك أرضية خصبة لتحقيق هذه التوقعات، ومثلما قال زميلي د. سالم فإن الجامعة بادرت نحو خلق الشراكة مع قطاع الأعمال منذ مرحلة مبكرة وسابقة لإعداد الخطة بمشاريع مثل وادي الرياض للتقنية وبرنامج ريادة الأعمال، بالإضافة إلى كراسي البحث، كل هذه المشاريع تساهم في التحول نحو الاقتصاد المعرفي، أيضاً هناك مركز الملك عبد الله لأبحاث النانو الذي يعول عليه الشيء الكثير، وهناك مركز الملك عبد الله للبحوث والاستشارات الذي يقدم الاستشارات للقطاع الخاص. وفي اعتقادي أن التوسع في الدراسات العليا سيسهم في هذا التحول إذا اشترك طلاب الدراسات العليا مع أساتذتهم، مستفيدين من تمويل كراسي البحث. نحن في مشروع الخطة لم نعمل أي سيناريوهات مستقبلية؛ لأننا لا نزال في مرحلة جمع البيانات وتحليلها ودراسة التوقعات.

سألت «الجزيرة» د. معدي حول الشراكات التي يمكن صياغتها بين مراكز الأبحاث في الجامعات والشركات وآليات تحويل الأفكار إلى منتجات ذات مردود مادي، وتطوير المعايير التي يتم تقييم الجامعة على أساسها، بمعنى آخر: ما مساهمتها وحصتها من الاقتصاد المعرفي؟

أجاب د. معدي آل مذهب: مشكلة الجامعة أن هناك بعض الأنظمة التي تحد من الانطلاق، بالإضافة إلى بعض الإجراءات البيروقراطية، فلو أردت أنا كأستاذ مادة أن آتي بشخص ذي خبرات معنية ليتحدث مع طلابي لدخلنا في دوامة من الإجراءات والمراسلات. الجامعة الآن بدأت في التحرر من هذه القيود التقليدية بشكل تدريجي.

طلب د. إبراهيم العريني المداخلة قائلاً: لقد تم السير بخطوات حثيثة نحو الاقتصاد المعرفي وبناء شراكة حقيقية ذات قيمة اقتصادية مع القطاع الخاص، وتتمثل هذه الشراكة في أكثر من برنامج، ولعل أبرز هذه البرامج هو وادي الرياض للتقنية الذي وضع حجر الأساس له في الصيف الماضي، ووقع حتى الآن مذكرتي تفاهم، الأولى مؤخراً مع تجمع من شركة الزامل والذراع الاقتصادي لجامعة أكسفورد يسمى (الزامل اكسفورد قروب)؛ حيث سيستثمرون في المجالات الدوائية وبعض المجالات الصحية، وهناك مذكرة تفاهم أخرى ستكون مع شركة أخرى في مجال تقنية المعلومات.

أيضاً تم التوقيع مؤخراً مع الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) لبناء مركز أبحاث عالمي لبحوث البلاستيك. فإذا أردنا أن نرى صورة حقيقية للاقتصاد المعرفي بمعناه الصافي فإننا لا بد أن ننظر إلى وادي الرياض للتقنية.

أكمل د. العريني:

أحد رجال الأعمال الذين استثمروا في وادي الرياض يقول إنه أتى للاستثمار في وادي الرياض لأن هناك بنية خصبة لتحقيق الربح؛ فالأرض موجودة وقريبة من العقول (أساتذة الجامعات، وطلاب الدراسات العليا) أيضاً قريبة من العمالة الرخيصة وهم الطلاب المتدربون الذين يمكن أن يقوموا ببعض الأعمال الثانوية؛ فالأجواء في وادي الرياض للتقنية مناسبة للتاجر كما هي مناسبة للجامعة، وتحقق الشراكة الحقيقية، فالجميع مستفيد.

سألت «الجزيرة»: هناك مشاكل وعقبات موجودة في جامعة الملك سعود وفي كل الجامعات بشكل عام مثل قبول الطلاب، عدم كفاءة التعليم العام، عدم وجود قطاع أعمال ناضج قادر على فهم وإدراك أبعاد الاقتصاد المعرفي. هل ستناقش الخطة الاستراتيجية هذه المشاكل وغيرها وتعالجها وتضع لها حلولاً استشرافية بشفافية عالية أم أن هذه الخطة ستقفز عليها وتتجاوزها لتقدم نموذجاً مثالياً لا نستطيع تنفيذه؟

أجاب د. سالم القحطاني: سؤال مهم جداً؛ فلو أن الجامعة تريد وضع خطة للأحلام المستقبلية لكنا ارتحنا كأعضاء للفريق، الخطة عملناها وانتهينا منها خلال شهر أو شهرين، لكن واقعياً هذه الخطة نسميها (الخطة الاستراتيجية الشاملة لجامعة الملك سعود)؛ لأنها ستحل المشاكل (جميع المشاكل)، وستقيم الوضع الراهن وستبحث عن الفجوات ثم ستأتي بالمبادرات والحلول القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل، وعلى سبيل المثال من المحاور الرئيسية للخطة دراسة مشكلة القبول والاستيعاب وكيف نتعامل مع خريجي التعليم العام بمستوياتهم المختلفة فمتى نقبلهم وأين نقبلهم وكيف نقبلهم؟

أكمل د. القحطاني: هل نقبل وفقاً لاختبارات القياس أم وفقاً لاختبارات خاصة.. كم سنقبل وفي أي التخصصات سنقبل؟ وهذا ليس خلال السنة القادمة فقط ولكن طول عمر الخطة (عشرون سنة قادمة).

هذه الخطة قد تكون تفصيلية خلال السنوات الخمس الأولى ثم تفصيلية إلى حد ما خلال المدى المتوسط من خمس إلى عشر سنوات، ثم إجمالية خلال المدة المتبقية من الخطة؛ فالاستيعاب والقبول والتعامل مع مخرجات التعليم العام كما أسلفت هي أحد المحاور الأساسية للخطة الاستراتيجية.

هناك محور آخر للخطة هو الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس والموظفون والفنيون في الجامعة، فكما هو معروف أن الأساتذة مثلاً يختلفون في قدراتهم؛ فهناك من تجده مبدعاً في مجال التدريس ولكنه مقل في مجال البحث، وهناك من تجده باحثاً من الطراز الأول ولكن لا يملك مهارات التدريس، وهذا الكلام يمكن أن ينطبق على باقي القطاعات الإدارية بالجامعة التي هي جزء من القطاع الحكومي. ونحن نفكر في كيف نستطيع أن نرتقي بالجميع إلى مستوى الخطة الاستراتيجية التي سنطرحها. أيضاً مباني الجامعة، فنحن الآن ندرس كيف سيتم توزيع مواقع الجامعة، الآن هناك استشاري آخر يعمل على وضع خطة لإعادة تأهيل مقر الجامعة في الدرعية وإعادة توزيع المباني والأماكن ليصبح موقع الجامعة ديناميكياً وقادراً على العمل 24 ساعة و7 أيام في الأسبوع بشكل سلس ومريح لعقد اللقاءات والاجتماعات واستيعاب المستجدات التي طرأت على الجامعة.

وقال د. القحطاني: سيكون هناك محور رابع للخطة وهو (إعادة هيكلة الجامعة) سواء كليات أو تخصصات أو برامج أو حتى إدارة الجامعة بالشكل الذي يجعلها تواكب الخطة والطموحات.

سألت «الجزيرة»: هل تقصد إعادة الهيكلة بمفهومها الشامل مثل إلغاء بعض الكليات أو الأقسام بناء على النوعية؟

أجاب د. سالم: يمكن أن يتم ذلك ويمكن ألا يتم؛ لأننا لا نزال في مرحلة التحليل وجمع المعلومات، لكن يمكن أن يكون هناك تحديد للقبول في بعض البرامج المعنية، لكن يمكن أن يحدث دمج للكليات؛ فهناك أكثر من 30 كلية في جامعة الملك سعود دون إضافة مراكز الطالبات، وعموماً أضيف لكم أن عدد طلاب جامعة الملك سعود 120 ألف طالب وطالبة إذا أخذنا في الاعتبار الكليات التي أضيفت إليها، ولا أعرف أن هناك جامعة بهذا الحجم من الطلاب في العالم على حد علمي. والهدف للخطة الاستراتيجية أن يكون عدد طلاب جامعة الملك سعود 35 ألفاً.

أكمل د. القحطاني:

الجامعة تحتاج إلى الاستقلال والانعتاق من أنظمة الخدمة المدنية، وبحاجة إلى الاستقلالية المالية التي ستوفر لها بيئة خصبة للتغير المنشود.

طلب د. معدي آل مذهب المداخلة قائلاً: خطة الجامعة هي خطة استراتيجية وبالتالي ينتفي عنها الدخول إلى التفاصيل التشغيلية التي تتم بشكل يومي، حيث ستكون هذه الخطة تحديداً شاملاً وكاملاً لتوجهات الجامعة، ومع تحديدها ستبدأ الأقسام بالتشكيل وفقاً لها والتكيف معها، فالخطة هي توجهات عليا للجامعة نحو هدف معين، وستوفر الخطة مؤشرات للأداء تساعد على معرفة التقدم نحو الهدف المراد تحقيقه وقياس الإنجاز، ومثلما قال د. سالم فإنه خلال المدى القصير (خمس سنوات) ستكون هناك أولويات واضحة ومفصلة لما سيعمل، وفي المدى المتوسط سيكون هناك بعض الضبابية ولا تستطيع الخطة النزول للمرحلة التنفيذية (التشغيلية) لأننا نعمل في بيئة متغيرة.

سألت «الجزيرة»: مرحلة تحليل متغيرات البيئة تكون قبل الشروع في بناء الخطة، وعليه لا بد من أخذ جميع هذه المتغيرات والمخاطر في الاعتبار عند إعداد أي خطة مستقبلية.

أجاب د. إبراهيم العريني: تم ذلك فعلاً من خلال عدد كبير من ورش العمل التي نفذت لقيادات الجامعة ولأعضاء هيئة التدريس وللموظفين وللخريجين وللطلاب من الجنسين، تم خلالها رصد الفرص والتحديات في بيئة الجامعة الداخلية وفي البيئة الخارجية المحيطة بها، وهناك مقابلات مع عدد كبير من المسؤولين والإعلاميين، وللإجابة عن تساؤلكم حول هل الخطة ستشمل حلاً لجميع المشاكل التي تواجه الجامعة فإنني أقول إن هذا هو المأمول منها، بل يجب أن تكون الخطة كذلك، وحتى تعالج الخطة المشاكل لا بد أن نفهم هذه المشاكل بشكل جيد، ومؤخراً أطلقنا الاستبانة الإلكترونية التي نستهدف من خلالها استطلاع آراء أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة وعدد كبير من أعضاء هيئة التدريس والموظفين، وكل استبانة لها تحليلها الإلكتروني المستقل الذي يتم عن طريق استشاري مستقل.

أكمل د. العريني: وعليه نتوقع أن تكون الحلول المطروحة ملامسة لاحتياجات منسوبي الجامعة، مثلاً إذا أردنا أن نصل إلى العلاقة التعاقدية بين عضو هيئة التدريس والجامعة كما أوضحها معالي مدير الجامعة د. عبد الله العثمان فهناك عقبة تقف نحو هذا التوجه، وهي أنظمة الخدمة المدنية، لكن يمكن أن نوجد صيغة تعاقدية بشكل آخر كأن يكون عضو هيئة التدريس بالخيار بين أن يبقى على وظيفة الخدمة المدنية بمميزاتها الحالية أو أن يختار العلاقة التعاقدية ذات العائد المادي العالي والمبنية على العطاء والإنتاج الفكري والبحثي.

وهذا أحد الخيارات المطروحة على طاولة النقاش، ولا يعني أنه سيتم الاتجاه إليه، ولكن هو حل لمشكلة قائمة.

طلب د. إبراهيم الدبيان المداخلة قائلاً: أضيف إلى كلام الدكتور سالم حول تحليل الواقع والبيئة أنه تم عقد مجموعة من ورش العمل على مستوى قيادات الجامعة من ضمنهم معالي مدير الجامعة مروراً بأعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب وحتى الخريجين أيضاً. تم تحليل هذه الورش عن طريقنا وعن طريق مختصين، وتم تحديد القضايا الحرجة، وقدموا بعض المقترحات نحوها.

سألت «الجزيرة»: تحدثتم عن تغيير كبير سيحصل على مستوى الجامعة، وكما هو معلوم فإن الجامعة تستطيع أن تحدث التغيير في بيئتها الداخلية من خلال تأثيرها على المتغيرات التي تستطيع أن تتحكم فيها، ولكن هناك أنظمة حكومية تلزم جميع قطاعات الدولة بها، وبالتالي تغييرها يتطلب تفاوضاً مع هذه الجهات وإقناعها بالتغيير. لقد تم الحديث عن أنظمة الخدمة المدنية، وعن الأنظمة المالية، وهذه هي الاستقلالية التي تبحث عنها الجامعة، هل هناك خطط بديلة في حالة عدم قدرتكم على تحقيق التغيير المنشود وعلى مستوى هذه الأنظمة؟

أجاب د. سالم القحطاني: نحن لا نستطيع أن ننصح بتطبيق استراتيجية تكون فرص نجاحها ضعيفة، وعموماً هناك سيناريوهات عديدة ستوضع تأخذ جميع الاعتبارات في الحسبان، فإذا اصطدمت الخطة بعقبات لا بد أن يكون هناك بدائل أخرى قابلة للتطبيق. ولا شك أن البدائل لن تحقق لك كل ما ترغب فيه، وإلا لما جعلتها بدائل، ولكن ستحقق نسبة كبيرة مما تريد إنجازه، وعموماً فإن وجود الخطط البديلة من أساسيات عملية التخطيط؛ حتى لا يكون هناك أي عشوائية.

سألت «الجزيرة» هل سيكون هناك وحدة إدارية لمتابعة الخطة في مرحلة التنفيذ والتأكد من أنها تسير في الاتجاه الصحيح؟

أجاب د. سالم القحطاني: أشار زميلي د. معدي إلى وجود مؤشرات للأداء فإذا لم يكن هناك مؤشرات للأداء فإنك لا تستطيع الحكم على تقدمك في عملك وهل أنت تسير في الاتجاه الصحيح أم لا. سيكون هناك فريق عمل أو إدارة (لم نتفق على الشكل التنظيمي بعد) لمتابعة الخطة وإعداد التقارير السنوية وتقييم الإنجاز.

طلب د. معدي آل مذهب المداخلة قائلاً: لا بد أن يعرف الجميع أننا لا نزال في مرحلة جمع وتحليل البيانات، لكني أتوقع شخصياً إجابة عن تساؤلكم أن الجامعات هي المتكاسلة في عدم تنبيه المسؤولين وعدم إعطائهم تغذية مرتدة عن ماذا يحتاجون إليه وما هي العقبات التي يواجهونها سواء كانت من ناحية نظامية أو مالية أو أي شيء آخر. لقد كانت الجامعات أشبه (بالأطفال) الذين ينتظرون ماذا ستقدم لهم وزارة التعليم العالي (باعتبارها أُمّا لهم) من ميزانية تصرف على العمل اليومي.

الآن إذا قدمت مثل هذه الخطة الاستراتيجية (ولا نعلم حتى الآن كيف ستكون بشكلها النهائي) فإنني أعتقد أنها لن تكون خطة لجامعة الملك سعود وإنما ستعتبر خطة للمقارنة المعيارية بين الجامعات السعودية فيما يتعلق بأنظمة التعليم العالي والتوجهات والبحث العلمي وعملية التعليم بشكل عام، وأن شخصياً متفائل بأن ما سيُطرح في الخطة سيلاقي قبولاً؛ وذلك لاهتمام القيادة بالتعليم العالي والتعليم بشكل عام، ولا أدل على ذلك من أن ربع ميزانية المملكة لهذا العام ستُنفق في مجال التعليم. والأمر الآخر أن جميع فئات المجتمع من أفراد وطلاب وجامعات أصبحوا يؤمنون بأنه لا بد أن يكون هناك تغيير للأفضل.

سألت «الجزيرة»: هل هناك خطط استراتيجية أخرى يتم إعدادها لجامعات سعودية أخرى بالتزامن مع خطة جامعة الملك سعود؟

أجاب د. سالم القحطاني: هناك خطة آفاق للتعليم العالي بوزارة التعليم العالي (مشروع آفاق)، وعلى حد علمي فإن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا لديها خطة استراتيجية وجامعة الملك فهد كذلك. ونحن نخطط لمقابلتهم الآن، وعموماً نحن قابلنا حتى الآن 1700 عميد، بينهم مدير الجامعة أو عمداء الكليات والمراكز والعمادات، وهذه مقابلات شخصية وجهاً لوجه داخل جامعة الملك سعود، أما خارج الجامعة فلدينا قائمة طويلة من المقابلات، حيث قابلنا معالي رئيس مجلس الشورى السابق وأعضاء اللجنة التعليمية في المجلس، وقابلنا عدداً من الوزراء ورجال الأعمال، ونلتقي مع رؤساء التحرير والإعلاميين ومسؤولي الصحف المحلية، واخترنا أن تكون بداية لقائنا بالإعلاميين والصحفيين من الجزيرة.

وقابلنا كذلك نخبة من متخذي القرار في البلد من أصحاب السمو، وبالنسبة إلى خارج المملكة قابلنا أحد قيادات الجامعة السنغافورية وبعض الأساتذة والمختصين من جامعات أمريكية، وفي الصيف الماضي قمنا بزيارة لعدد من الجامعات البريطانية (مانشستر، ليدز، برادفورد، لندن بزنس سكول، أكسفورد)، كذلك أجرينا لقاءات مع قيادات جامعة (إم آي تي، وستانفورد، هارفرد، بيال، كاليفورنيا، طوكيو)، وهذا كله في سبيل فَهم الأمور من جميع الجوانب وعدم إغفال أدق الأشياء، وهذا أمر مهم إذا أردنا الخروج بخطة استراتيجية فاعلة.

سألت «الجزيرة» ما الضمانات التي ستكفل تنفيذ هذه الخطة وتجعلها برنامجاً عملياً نستطيع أن نجني ثماره، وحتى أيضاً لا ينتهي بها الحال لأن تصبح خطة ورقية تقبع في أحد رفوف المكتبة الجامعية؟

أجاب د. معدي آل مذهب قائلاً: أؤكد لكم أن توجيهات المسؤولين في الجامعة هي تحويل الخطة إلى برنامج عملي، وسيتم رفع هذه الخطة إلى أعلى مرجعية لاعتمادها، وستتم متابعتها وستكون إطاراً يعمل من خلاله أي شخص يأتي إلى الجامعة. صحيح أن للقيادي أثراً في التوجيه، ولكن هناك إطاراً مؤسسياً يجب الالتزام به والعمل داخله. ما سمعته وسمعه زملائي في فريق الخطة الاستراتيجية أن معالي مدير الجامعة سوف يذهب بالخطة الاستراتيجية للقيادات العليا في الوطن لاعتمادها كخطة استراتيجية شاملة لجامعة الملك سعود، وبالتالي ستكتسب زخماً أكبر وأهمية أعظم، ولن تكون حبراً على ورق أو ترتبط بشخص معين أو رمز معين في الجامعة.

طلب د. إبراهيم العريني المداخلة قائلاً: هذا الهاجس كان هاجس جميع أعضاء الخطة الاستراتيجية عندما بدأت ووجهت الدعوة إليهم بالمشاركة؛ حيث قالوا إذا كانت الخطة ستنتهي إلى الرفوف فإننا نعتذر عن عدم المشاركة. ولكن أتى وعد واضح بأن عملنا في الخطة سيكون موضع التنفيذ، وهذا الكلام أيضاً ينسحب على خطة آفاق للتعليم العالي عندما تمت المشاركة فيها.

تحدث في نهاية الندوة د. سالم القحطاني قائلاً: لا يوجد شخص ستمسه الخطة الاستراتيجية إلا ساهم فيها وأبدى رأيه فيها، سواء أستاذاً، أو موظفاً، أو طالباً أو حتى من المجتمع، وبالتالي فإن حجم المشاركة في الإعداد سينعكس إن شاء الله في مرحلة التطبيق لها والالتزام بها. فلو أن الخطة تمت صيغتها بشكل ممتاز من قِبل شخص واحد أو مجموعة أشخاص فإن الحماس لها لن يكون بمستوى خطة شارك في إعدادها الجميع وساهموا فيها، وأؤكد أن هناك توجهاً لمشاركة العامة والمجتمع معنا، وهناك توجيهات بأن نتوجه للمجتمع وأن نطلب منهم المشاركة، ونحن الآن نفكر بالطريقة المناسبة لكيفية إشراك المجتمع كله في هذا المشروع. وأضيف أنه سيكون هناك إفصاح دوري عن إنجاز الخطة متى ما وُضعت موضع التطبيق، وذلك باستخدام مؤشرات قياس الأداء التي تكلمنا عنها سابقاً.

 




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد