شيء مؤسف ما تعرضت له الزميلة الإعلامية سمر رباح من قبل رئيس اللجنة العلمية لمؤتمر جازان لأمراض الدم الوراثية والذي نظمته الشؤون الصحية بجازان -ومنه ما نشرته الجزيرة- والذي يبدو أنه نصب نفسه ممثلاً للسلطة الذكورية في المجتمع وممثلاً للتيار المتشدد الذي يرى حرمة كشف المرأة لوجهها ليقوم بطرد الإعلامية سمر رباح من على خشبة المسرح وبطريقة غير إنسانية وغير مهذبة تدل على امتهان صريح للمرأة وذلك بحجة (كشف الوجه) وعدم التزامها بالمداخلة من المكان المخصص للنساء حيث قال للأخت سمر (خليك محترمة وغطي وجهك وروحي مكان النساء)!!
بالرغم من أن مقدم الحفل قام بنداء الإعلامية سمر من أجل تقديم ورقة بعنوان (الدور الإعلامي في التواصل مع المصابين بأمراض الدم الوراثية). صحة جازان من جانبها قدمت اعتذارها للإعلامية سمر رباح وذكرت أن سبب تصرف رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر مع الإعلامية سمر هو عدم احتواء الجدول التنظيمي لأوراق العمل على ورقة عمل الإعلامية سمر وذلك بسبب عدم وجود التنسيق بين المشرف الذي وجه الدعوة للأخت سمر وبين رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر ما تسبب في عدم إدراج ورقة الأخت سمر ضمن أوراق العمل التي ستقدم في المؤتمر. ولكن هل هذا الخطأ البسيط الذي وقع به المشرف الذي وجه الدعوة للأخت سمر لتقديم ورقة عمل في المؤتمر يستحق تلك الطريقة في التعامل مع إعلامية؟! خصوصاً أن مطالبة من قام بطرد الزميلة سمر تغطية الوجه ليس له أي علاقة بإدراج ورقتها ضمن أوراق العمل المقدمة أو عدم إدراجه.
ما أثار دهشتي هو أن المشرف على المؤتمر يعمل طبيباً ونحن نعلم أن الأطباء يختلطون مع النساء من الطبيبات والممرضات واللاتي منهن من تكشف وجهها ولا أحد تقدم ليطالب الطبيبات أو الممرضات بتغطية الوجه سواء من الأطباء والممرضين الرجال أو حتى أفراد المجتمع!
هذا التصرف الذي واجهته الأخت سمر رباح يحمل بعداً دينياً أكثر مما يحتمل بكونه بعداً تنظيمياً. وهذا واضح من خلال المطالبة بتغطية الوجه والذي ليس له علاقة بإدراج الورقة من عدمه وهذا ما لم تشر إليه صحة جازان أثناء تقديمها الاعتذار للأخت سمر.
اعتذار صحة جازان تضمن إشارة إلى أن هذا الخطأ الذي بدر من المشرف على المؤتمر لا يجب أن يلغي جهوده وحرصه على تطبيق الأنظمة! وهنا أتساءل: هل مطالبته للأخت سمر بتغطية وجهها يعتبر من الأنظمة؟! أعتقد أن التعصب المذهبي قد نهش عقول وقلوب كثير من أفراد المجتمع حتى أصبحت تصرفاتهم تنطلق من مبدأ ذلك التعصب، والمشكلة الأكبر حينما يتم استغلال السلطة لإقحام ذلك التعصب المذهبي وهذا بالفعل ما حدث من خلال طرد مشرف المؤتمر لفتاة كاشفة الوجه.
أكاد أجزم لو أن الإعلامية سمر حينما صعدت إلى منصة المسرح كانت منقبة فلن تجد تلك القسوة التي واجهتها وربما سمح لها بإلقاء ورقة عملها بكل سلاسة وهدوء ومن دون أن تجد من يعيقها.
ما لا يريد أن يفهمه كثير من المتشددين والمتعصبين لمذهبهم في مجتمعنا هو أن وجه المرأة محل اختلاف بين المذاهب الفقهية الأربعة من حيث اعتباره عورة من عدم اعتباره كذلك. حيث يرى المذهب المالكي والمذهب الحنفي أن وجه المرأة لا يعتبر من العورة حيث يباح للمرأة كشف الوجه. كذلك المذهب الشافعي فإن له رأياً لا يرى أن وجه المرأة عورة.
أعتقد أن هيئة كبار العلماء بتغييراتها الجديدة التي استحدثها رجل الإصلاح خادم الحرمين الشريفين والتي اقتضت باحتواء الهيئة كافة المذاهب السنية الأربعة مطالبة بتصحيح بعض ما يلتبس على عامة الناس في مجتمعنا وتوجيه الناس بضرورة تقبل الآراء الفقهية والإيمان بمبدأ الاختلاف الفقهي والذي يقود إلى خدمة الدين والتخفيف على البشر ومراعاة طبيعة حياتهم.
فايز بن ظاهر العجيلي الشراري
fauz11@hotmail.com