Al Jazirah NewsPaper Saturday  25/04/2009 G Issue 13358
السبت 29 ربيع الثاني 1430   العدد  13358
بين الكلمات
عصر حروب المسلمين
عبدالعزيز السماري

 

أحيانا وبدون مقدمات تظهر الأسئلة الواحد تلو الآخر، وتكثر التنبؤات وقراءات المستقبل،.. كان آخر هذه الأسئلة.. هل للقوى المعاصرة دور في تسيير الأحداث نحو مخطط محدد من خلال نظرية المؤامرة التي لا تزال تحتكر معالم وملامح المستقبل العربي..

يرى بعضهم أن المؤامرة الغربية في حقيقة الأمر نجحت في جعل خططها وأساليبها قدرا محتوما في تحديد معالم مستقبلنا الضائع ..كان آخر هذه المشاهد ما يحدث من نزاع حالي بين إيران ممثلة في حزب الله وبين مصر، وخروج نبرة رسمية تتحدث من خلال لغة طائفية، قد تؤدي إلى تمهيد الطريق لتحقيق ما تنبأ به صامويل هنتنجتون الذي كتب مقالة مشهورة في عدد مجلة النيوزوييك السنوي في ديسمبر 2001 بعنوان: (عصر حروب المسلمين)، مكررا رؤيته التي سبق أن طرحها في كتابه الشهير، ومفسرا لأبعاد هذه الحروب ومروجاً لها، وأن حروب المسلمين ستشكل المنعطف الرئيسي للقرن الحادي والعشرين.

السؤال هل ستتحقق نبوءة هنتنجتون فيما يتعلق بحدوث حرب واسعة بين الغرب والإسلام؟، وان الحرب القادمة لا محالة ستندلع من الشرق الأوسط، لتتسع إلى حرب عالمية، ويكون الدين عاملا رئيسيا فيها، والإسرائيليون طرف رئيسي في هذه الحرب، وتدخل الدول الإسلامية في الحرب ضد إسرائيل، وفى المقابل يدخل الغرب المنطقة مجدداً للدفاع عن إسرائيل... لينتهي الأمر بحرب عالمية واسعة..

هذه قراءة سياسية لمستقبل الصراع في الشرق الأوسط ومن ثم الصراع بين الدول الإسلامية والغرب، أو صورة ضوئية لنظرية المؤامرة التي تخطط لها الدول الغربية من خلال تأجيج الصراع الديني في المنطقة وفرز المواقف إلى معتدلة ومتشددة حسب قراءات بوصلة سياسية مركزها مصالح الغرب وإسرائيل..

قد لا تختلف هذه القراءة عن بعض القراءات الدينية التي ترى معركة أرمجيدون على الأبواب بين إسرائيل والدول العربية، بل قد تتفق في واقع الأمر معها في النتيجة، وقد ظهرت هذه الرؤية في كتاب (شفرة الإنجيل) لمؤلفه مايكل دروسنن الذي يصف هذه المعركة، ويتنبأ بأن نيتنياهو سوف يتم اغتياله لتندلع هذه الحرب الواسعة، ولا تختلف هذه الرؤية المسيحية أيضا عن الرؤية الدينية عند الشيعة، والتي تتبناها إيران واحمدي نجاد في انتظار المهدي المنتظر الذي سيقود إيران للانتصار على أعدائها، وتؤدي إلى نفس النتيجة، وهي اندلاع الحروب في الشرق العربي..

معركة أرمجيدون تُعرف أيضاً في بعض كتب السنة بالملحمة الكبرى، ولم ترد إلا في سنن أبي داوود، وقد يختلف علماء السنة في صحة أخبارها، فربما كانت مستقاة من بعض كتب الدين عند أهل الكتاب، والمسلمون السنة يعتقدون أن هذه المعركة الطاحنة ستدور في سورية: (فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى بأرض يقال لها الغوطة، فيها مدينة يقال لها دمشق، خير منازل المسلمين يومئذ، وتُذكر أحداثاً أخرى تسبق أرمجيدون، من بينها عودة المسيح إلى الأرض الذي سيصلي خلف المهدي، وبعد ذلك سيدمر النبي عيسى جيوش يأجوج ومأجوج المشركين (والذين يعتقد أنهما يمثلان شعبين أوربيين مختلفين)، وذلك قبل أن يرسي السلام على الأرض..

كل الأخبار الدينية والتنبؤات السياسية والأحداث الحالية، وما يرافقها من إشعال مبرمج لنار الطائفية في العالم العربي والإسلامي يشير إلى أننا متجهون إلى عصر الحروب، فاهتمام إسرائيل وأمريكا بعملية إذكائها من خلال إعلام ذكي ومتمرس، وعبر تنظير سياسي رفيع المستوى يدل على خطورة الأمر في المنطقة، فالواقع العربي مهيأ والخطاب الإسلامي يتنامى، والصدام مع الحكومات الرسمية قد بدأ في أكثر من موقع..

الملاحظ أن اللغة الطائفية أصبحت متلازمة مع الخطب السياسية والبرامج الإعلامية الرسمية، فالخطاب السني الموجه ضد الشيعة الصفوية أصبح رسمياً، كذلك هو الحال عند الشيعة الذين لا يترددون في الإعلان عن مواقفهم السياسية والطائفية داخل الأغلبية السنية، وهذا التصعيد يؤدي في نهاية الأمر إلى تحقيق نبوءة صامويل هنتنجتون، وهذا التدافع نحو العاصفة لا يمكن ردعه بلغة متشنجة، ولكن بمواقف عقلانية تصب في مصلحة المنطقة العربية والإسلامية.. أخيراً لن تحتمل منطقتنا العربية مزيدا من التمزق والحروب الأهلية، وإذا حدث ذلك فقل على هذه الأمة الخالدة السلام..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد