Al Jazirah NewsPaper Friday  01/05/2009 G Issue 13364
الجمعة 06 جمادى الأول 1430   العدد  13364
قراءة في كتاب : عن الشعر والشعراء في جازان
د. محمد بن سعد الشويعر

 

عنوان الكتاب هو: الشعر والشعراء في جازان، خلال ثمانية قرون، والقرون المعنيّة، من القرن الخامس، إلى نهاية الثاني عشر، الطبعة الأولى 1429هـ ـ 2008م، والمؤلف هو أحد أعلام منطقة جازان، شاعر وأديب، حجاب بن يحيى الحازمي، رئيس النادي الأدبي بجازن سابقاً، وشغل هذا المنصب سنوات عديدة.

يقع الكتاب في (474) صفحة من القطع الكبير، مع المصادر والمراجع، وخرج في طباعة مرتبة وجيدة. كانت الصفحة الأخيرة، من الغلاف الخارجي، تحمل تعريفاً بالمؤلف وسيرته الذاتية، مع ثبت بما صدر له من بحوث وكتب، وعددها (9) وتحديد تاريخ الصدور.

بدأ المؤلف كتابه: بالإهداء الموجز لروح والدته وإلى روح والده الغاليين اللذين ورث منهما حب العمل الجادّ، من أجل الدين والوطن، ولم ينس زوجته الوفية، أم حسن التي وقفتْ وتقف خلف وأمام، سائر إنجازاته، منذ كان في عهد البكارات.

ولا شك أن هذا الإهداء، من باب الوفاء بِراً بوالديه بعد وفاتهما، وعرفانا بالفضل لأهل الفضل بالوفاء، لرفيقه دربه: زوجته وأم أولاده الوفية، التي كانت له عوناً في مسيرته العلمية والأدبية.

ثم أردف في الإهداء، إلى محبي التراث وأدب هذا الوطن، في تقديمه للعمل.

وكالعادة فإنّ كلّ مؤلف يضع مقدمة في إنتاجه، يحدّد فيها منهجه، والدافع للتأليف، فجاءت عنده في صفحتين ونصف، أودع فيها السبب الذي يطرح عليه دائماً، ويواجهه في المناسبات، باعتباره أحد المحسوبين على الشأن الثقافي: ألا يوجد مرجع يتحدّث عن تاريخ الشعر والشعراء، في جازان؟ فكان يجيب بالإحالة لما صدر عنه محمد العقيلي، ود. عبدالله أبو داهش.. وغيرهما ممن كتب نتفاً عن ذلك، إلا أن القراء يريدون المزيد، وهذا ما دفعه لتحمل تبعة الرصد في هذا الكتاب لمجموعة من الشعراء فقط، خلال ثمانية قرون، فكان هذا الجهد (ص7-9).

وفي حاشية (ص11-10) عرّف بالمخلاف السليماني، وسبب التسمية، وماذا يعني، وهذا أمر مهم لأن كثيراً من القراء لا يدركون ذلك، ولا ما تعنيه هذه الدلالة، إذْ هو يطلق على منطقة جازان، بما فيه الكفاية.

وقد اهتم بإفادة القارئ عن منهجه، حيث قال: قبل البدء في كتابة هذه الورقات، التي سأخصصها عن الشعر والشعراء في جازان، خلال ثمانية قرون، لابد من تسجيل بعض الإشارات، التي تبرر ما جاء عنده من رصد، مع اعتذاره مبدئياً بالقصور في إشباع نهمة القارئ، المتعطش للمعرفة، وجعل هذه المبررات في ستّ نقاط نوجزها:

1 - أنه قد اختار المنهج التاريخي.

2 - صفحاته تمثل رصداً تاريخياً توثيقياً موجزاً.

3 - قد يحتاج إلى تناول الحياة العلمية، والثقافة في جازان.

4 - يعتذر للقارئ إن لم يجد ما يشبع فهمه المعرفي لشحّ المصادر، أو فقد بعض الأشعار للشعراء.

5 - عندما تتوفر لديه مادة ، في بعض العصور، يتوسع في العرض.

6 - ما يقدمه في كتابه هذا: يعتبره: تلخيصاً واختزالاً مخلاً، أو إضافة لجود الباحثين، والدارسين قبله.

وذكر من باب التوثيق والتمثيل ثلاثة: محمد العقيلي، ود. عبدالله أبو داهش، وكاتب هذه السطور، يعني نفسه، (ص11-23)، وقد علّق في الهامش على الأخير: تعليقات ضافية، لراغب زيادة المعرفة، بما جاء عنده، من أسماء وكتب.

وكان أول القرن عنده الخامس الهجري الذي بدأ به، وكانت عادته: أن يجعل لكل قرن توطئه، توضح منهجه، وهذه خصلت علمية منه، حتى يريح القارئ، وهنا في التوطئة أبان عن القرون الأربعة قبله بأن صفحاتها المضيئة في تاريخ الشعر والشعراء، قد حجبت، وإن كانت لم تتيسر له، فإنه على يقين بأن هناك شعراً وشعراء فيها، كانت مصدراً استمد منه من جاء بعدهم، وغاب عنه ما رصد عنه، وبعد التوطئة قدم للقراء ثلاثة شعراء، عرّف بهم مع نماذج من شعر كل واحد، ما توفر لديه وهم:

1 - الشاعر أحمد بن علي التهامي.

2 - الشاعر علي بن عيسى بن حمزة بن وهّاس.

3 - الشاعر مدبر الحكمي.

وأورد ما توفر وما تيسر له من معلومات عن كل واحد منهم، قديماً وحديثا (ص27-43).

وعن شعراء القرن السادس: جاء في توطئته: تفاؤل مقرون بسبب، عندما قال: لعل القرن السادس الهجري، كان أكثر حضوراً من القرن السابق، فقد حظي باهتمام مؤرخه وشعره، عمارة الحكمي الذي كتب في (مفيده) و(النكت العصرية في أخبار الوزارة المصرية) وهاذان الكتابان، وجد فيهما المؤلف فائدة أعانته في عمله، ولكنه يطمح للمزيد، ومع ذلك لم يرصد إلا اسم شاعرين فقط، أورد بعضاً من قصائدهما هما:

1 - الشاعر أبو القاسم بن شبيب الضمدي.

2 - الشاعر عمارة بن بدر الحكمي (47 - 79).

والقرن السابع، أوفر حظاً فقد جاء فيه أربعة شعراء، فقال في التوطئة، بأن الشعر في هذا، القرن شهد تحولاً كبيراً تمثله كوكبة من الشعراء البارزين، لكن المصادر لم تسعفه إلا بأربعة وهم:

1 - الشاعر القاسم بن علي الذروي.

2 - الشاعر القاسم بن علي بن هتيمل الضمدي.

3 - الشاعر حويسه النعمي السليماني التهامي.

4 - الشاعر منصور بن سحبان الضمدي (ص83 - 125).

وعن القرن الثامن والتاسع تساءل: أين ذهب شعراء هذين القرنين، وكيف اختفى شعرهم، مع أنه قدّم دراسة في التوطئة عن مكانة الشعر في هذا الوقت، من مصادر عديدة ذكرها، ومع هذا التساؤل لم يورد في القرن الثامن إلا لشاعرين هما:

1 - الشاعر أحمد بن جناح الضمدي.

2 - الشاعر أحمد بن محمد بن فليته الحكمي (129- 153).

- وعندما مرّ بالتاسع: شبهه في التوطئة بالثامن في شحّ مصادره، ولم يذكر فيه إلا ثلاثة شعراء، هم:

1 - الشاعر علي بن يحيى الضمدي.

2 - الشاعر علي بن يحيى الهذلي الضمدي.

3 - الشاعر محمد بن أحمد بن جناح الضمدي (157 - 169).

- وعن القرن العاشر: قال عنه في التوطئة: إذا كانت مصادر التاريخ والأدب، قد شحتْ علينا في القرون السابقة، ففي القرن العاشر، نجد المصادر قد نقلت: كوكبة من الشعراء الأعلام، وعددهم (12) شاعراً وهم:

1 - الشاعر أحمد بن علي المعافى.

2 - الشاعر جمال الدين بن صديق الحكمي.

3 - الشاعر أحمد بن قنبر الضمدي.

4 - الشاعر أحمد بن مقبول الأسدي.

5 - الشاعر الجراح بن شاجر الذروي.

6 - الشاعر الحسن بن أحمد الضمدي.

7 - الشاعر علي بن الصديق الدّهل الحكمي.

8 - الشاعر علي بن عبدالقادر الحكمي.

9 - الشاعر محمد بن أحمد الضمدي.

10 - الشاعر محمد بن الحسن النعمي.

11 - الشاعر محمد بن الصديق الحكمي.

12 - الشاعر محمد بن علي بن عمر الضمدي (173 - 270).

وفيه أضاف في ص270- 171) ثلاثة من الشعراء، في هذا القرن، لم يجد إلا شيئاً يسيراً من شعرهم، وهم كل من:

1 - الشاعر خراج بن حسن السليماني الجازاني.

2 - الشاعر سالم بن محمود الجازاني.

3 - الشاعر الصديق بن الدّهل الحكمي.

فالأول: أورد له بيتاً، والثاني بيتين، والثالث: ثلاث أبيات.

والقرن الحادي عشر: أوفر حظاً من جميع القرون السابقة، إذْ أورد عن (18) شاعراً يضاف إليهم تراجم موجزة لشعراء لم يجد لهم إلا بضعة أبيات، فاعتبر في توطئته، ما وجده من وفرة الشعراء بادرة طيبة، إلا أنه يتطلع، للحصول على مصادر أوفر، تلبي رغبته في الحصول على المزيد، وإخراجه لهذا الكتاب، فاتحة خير، بأن ينفتح باب أوسع تأتي معه المصادر، التي تعنى بسد فجوات اعترضته، وأورد الشعر كالمعتاد لأن المثل يقول: مسيرة ألف ميل، تبدأ بخطوة.

والشعراء فيه قد أوردهم جميعاً سرداً، وهذا القرن كان راضياً، عن حصيلته فيه (ص275 - 414).

والقرن الثاني عشر: اعتبره منعطفاً عن عودة الحياة الأدبية إلى الوجود، كما قال العقيلي، رغم أنه لم يورد فيه إلا أربعة شعراء.

وفي الختام: يرى أن المخلاف السليمان (جازان) ظلّ منبعاً ثراً للإبداع والمبدعين على مرّ التاريخ.

وبعبارته هذه: فبرغم الجهد الذي بذله، والحصيلة الطيبة التي أتحف بها الأدباء والمثقفين عامة، وأبناء منطقة جازان خاصة، فإن هذا العمل المشكور، قد لا يحقق عبارة المؤلف هذه، لكنها على العموم اضمامة نافعة، تعين الباحث، وتروي ظمأ المتطلع، وفيه فائدة للباحثين، وتشجيع لمن لديه همة بالتكميل، وقد اعتذر عن التقصير.

ومما لاحظته أن أكثر من أورد من الشعرا: حكميين أو من ضمد، وإنّ من المهم أن يتصدى لكل مدينة أو منطقة، باحث من أبنائها، حيث يجد من يعينه على هدفه، وأهل مكة أدرى بشعابها، بعد أن فُتح الباب أمامهم.

والمؤلف قد أحسن في عرضه، وأفاد في معلوماته التي يشكر عليها، بما أعطى من معلومات، فله مكسب الريادة، كما يقول الجاحظ: للأول فضل السبق، وللثاني فضل الإجادة والإضافة، وقد بان جهده، ولعل شعر هؤلاء يحظى بدراسة.

نماذج من الحلم عند العرب:

كان في العرب رجالٌ مشهورين بالحلم، فيأتي من يراهن على إغضابهم، والأحنف بن قيس، يضرب به المثل في الحلم والأنات، فقد جاء في الكامل للمبرد، أن رجلاً وقف عليه يسبه، والرجل لابس ثياب مقطعات، أي في هيئة رثه، وبدأ يسبه، وكان عمرو بن الأهتم، قد جعل له ألف درهم، على أن يسفّه الأحنف، فجعل لا يألو أنْ يسبّه بأقذع الألفاظ طمعاً في أن يغضب الأحنف، حتى يأخذ الألف، كما عمل الأصمعي مع معن بن زائدة.

والأحنف صامت ومطرق، فلما رآه لا يكلمه ولا يهتم به، فأقبل الرجل يعض إبهامه، ويقول: ياسوأتاه، والله ما يمنعه من جوابي إلا هواني عليه.

وفعل مثل ذلك رجل آخر، فأمسك عنه الأحنف بن قيس، فأكثر الرجل في السب والشتم، إلى أن أراد الأحنف القيام للغداء، فأقبل على الرجل فقال له: يا هذا إن غداءنا قد حضر، فانهض بنا إليه إن شئت، فإنك منذ اليوم تحدو بجمل ثقّال - والثقّال من الإبل، البطئ الثقيل، الذي لا يكاد ينبعث.

وجُعل لرجل ألف درهم، على أن يسأل عمرو بن العاص عن أمّه ولم تكن في موضع مرضي، فأتاه الرجل، وهو بمصر أمير عليها، فقال: أردتُ أن أعرف أمّ الأمير، فقال عمرو وكان حليماً: نعم كانت من عَنَزه، ثم من بني حلان، تسمى ليلى، وتلقّب النابغة، وخذ ما جُعل لك.

وقال له مرّة، المنذر بن الجارود: أيّ رجل أنت لولا أمك، قال عمرو: فإني أحمد الله إليك، أني قد فكرت في هذه البارحة، فأقبلت أنقلها في قبائل العرب، فما خطرت لي عبدالقيس على بال.. والمنذر من بني عبد القيس فأفحمه عمرو. ودخل عمرو مكة فرأى قوماً من قريش، قد جلسوا حلقة، فلما رأوه رموه بأبصارهم، فعدل إليهم، فقال: أحسبكم كنتم في شيء من ذكري؟ قالوا: أجل كنا نميّل بينك وبين أخيك هشام، أيكما أفضل؟ فقال عمرو: إن لهشام عليّ أربعة، أمّه ابنة هشام بن المغيرة، وأمّي من قد عرفتم، وكان أحبّ إلى أبيه منّي، وقد عرفتم معرفة الوالد بالولد، وأسلم قبلي، واستُشْهد وبقيت. لكن عدّ الرواة على الأحنف سقطة في باب الحلم، وهو أن عمرو بن الأهتم، دسّ إليه رجلاً ليسفهه، فقال للأحنف: يا أبا بحر، ما كان أبوك في قومه، قال: كان أوسطهم، لم يسدهم ولم يتخلف عنهم، فرجع إليه ثانية، ففطن الأحنف أنّه من قبل عمرو بن الأهتم، فقال: ما كان مال أبيك؟ فقال: كانت له صرمة يمنح منها، ويقرى، ولم يكن أهتم سلاّحاً.

(الكامل للمبرد 2: 70-72).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد