في خضم تجدد الانفلات الأمني في العراق، عادت فضيحة التعذيب في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق (بوش) تطفو على السطح مجددا. وفجر قرار الرئيس الأمريكي (أوباما) - قبل أيام -، عاصفة سياسية في واشنطن، وتعرض لانتقادات شديدة من الجمهوريين، حين أمر بنشر

.....وثائق سرية عن تفاصيل رسائل استجواب قاسية للمشتبه بهم. وتركه الباب مفتوحا أمام محاكمة مسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي السابق (بوش)، أجازوا أساليب الاستجواب القاسية التي انتهجتها وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي. آي. إيه).

ولأن هناك ما يقارب المئات من السجناء في سجون أمريكية بدءا من كوبا، ومرورا بالعراق، وانتهاء بأفغانستان. مازالوا يقبعون في غياهب تلك السجون المشؤومة، وفي أوضاع وصفها محاموهم، حسب تقرير صحيفة ال (نيورك تايمز)، بأنها: تدفع إلى الجنون. فإن تصفية هذا الإرث غير الإنساني، تتطلب حزمة وإجراءات سياسية وقانونية وإنسانية، تكون ضمن أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة.

وعلى الرغم من أن المواثيق الدولية كفلت كرامة الإنسان، واحترمت حقوقه القاضية بحماية المدنيين، وعدم التعرض لهم سواء نفسيا أو جسديا، إلا أن الاستهانة بالكرامة الإنسانية، والمعلومات المشينة والملوثة لحقوق الإنسان، لم تكن في الحقيقة نتيجة لتصرفات فردية قام بها عدد من الجنود. بل جاءت نتيجة لسياسات تعذيب صادق عليها (رامسفيلد) وكبار المسؤولين في الإدارة السابقة، فكانت وصمة عار في تاريخ الحضارة الإنسانية. وهو ما أقرت به وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي. آي. إيه)، بأنها لجأت إلى ممارسات تعتبر بصورة عامة من أساليب التعذيب، تحت شعار الحرب على الإرهاب، التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق (بوش) إثر اعتداءات 11 سبتمبر 2001 م.

إن فتح تحقيق نزيه يكشف جرائم مريعة، ومجازر بشرية في تلك السجون، ارتكبها الجنود الأمريكيون بدم بارد يندى لها الجبين، ومحاكمتهم، هو التزام بالقانون بغض النظر إلى أين يقود التحقيق مع المسؤولين الأمريكيين الذين وقفوا وراء سياسات التعذيب، وإن مثل هذا الإجراء إنما يصحح صورة واشنطن في العالم، ومحو ما لحق بها من تشوهات بسبب تلك الانتهاكات الوحشية والممارسات غير الإنسانية.