Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
التضحية
شيماء عادل عبدالحميد

 

التضحية أنبل ما وصل إليه الإنسان.. منظرها أجمل منظر.. يكسب الأمة قوة كما تكسبها التضحية فالأمة المضحية تأكل غير المضحية في سهولة ويسر. لأن الأمة المضحية كتلة متماسكة ووحدة والأمة غير المضحية أفراد متفككة وشهوات متعددة. تتحارب أجزاؤها. ويأكل النزاع والشهوات والأنانية هواها. فالأسرة التي يعمل فيها كل فرد لشخصه أسرة ميتة، والمصنع الذي يعمل كل فرد لمصلحة أصحابه لا يبقى شهراً والحزب الذي ينظر فيه كل عضو إلى نفسه فقط حزب مصطنع لا حول له ولا قوة والأفراد التي يحسب فيها كل فرد حسابه لذاته الخاصة هي أفراد لا أمة.

في الأمة التي تسودها التضحية كل أفرادها أقوياء.. وفي الأمة التي تسودها الأنانية كل أفرادها غرباء.. ولا تكون التضحية حتى يتعود القلب لذة العطاء كما يتعود لذة الأخذ.

التضحية إرادة القوي، ليقوى، وإرادة الضعيف، ليتخلى عن ضعفه ما هي حجر المن تشحذ عليه الإرادة لتقطع الصعاب، وتجتاز العقاب، وهي النار المقدسة التي تظهر النفوس وتأكل الأعشاب الطفيلية.

التضحية أشرف الطرق تسير فيه الأمة لتحقيق ذاتيتها. وأنبل السبل، تسير فيه الإنسانية لتبلغ غايتها. وبدونها يصبح الإنسان حجرا لا روح فيه, أو بهيماً يعيش ليأكل.

التضحية أفق واسع تنعم فيه النفوس بجمال السعة، والأنانية أفق ضيق تألم فيه النفس بضيق المكان.

في التضحية حرارة وإيمان يسعد وفي الأنانية جمود بارد، التضحية حياة كليلة شاملة وفناء النفس فيما حولها ومن حولها، وفي الأنانية حياة جزئية محصورة ودوران النفس حول ذاتها في خمود وركود.

في التضحية كرم وسماحة.. وفي الأنانية شح وكزازة (بخل).

- الدمام



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد