Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/05/2009 G Issue 13372
السبت 14 جمادى الأول 1430   العدد  13372
الجمهور يشاهد العرض (كلاكيت العام 2009)
عبدالعزيز بن سعد اليحيى

 

الأحداث طوال، ولن تنتهي إلا بقيام الساعة كما ذكر في القرآن الكريم، ولكنها تختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف المصاحبة للحدث، فمن إثبات الهيمنة والقوة والغطرسة وحب الانتشار قبل عقود إلى التذرع بالحجج والأوهام الواهنة في الزمن الحالي لتحقيق المآرب التي ينأى الشيطان عنها ربما (حياء أو خجلاً)!! لسذاجتها وسهولة تمريرها لمواطنها ليس لحقيقتها وإنما للانحناء والرضوخ وأيضاً الانبهار بكل ما يأتي به أصحاب الدجل والفتن لأصحاب ضبابية الرأي ليطبقوا نظرياتهم وخططهم وأساليبهم بل وأسلحتهم على الأراضي الخصبة التي ربما نشاهد لافتة معلقة عليها (للتقبيل) لانعدام التوازن بين الطرفين بسبب قبول الضعف وانعدام الموازنة في القرب والبعد بين أنفسهم، فالأرض المهدرة عرضة للتجارب والاغتصاب والقهر والفتك، فالتهافت على مشاهدة أفلام الاستبداد (الكاوبوية) والإعجاب بها تارة وتارة، أعطى مساحة وشجع المنتج المنفذ للعمل على التفكير في إنتاج فيلم قهري آخر وبأسلوب ثان ليكون هو الراعي الحصري مع الإيعاز لمنتج ومستبد آخر بتولي واستنباط الفكرة وتطبيقها ليظهر لنا فيلم أقصر وأرعب جديد وليس بغريب في ظل سماع صوت (الهمس) فقط داخل دور العرض، فاللافتة المكتوبة في مدخل صالة العرض (شاهد بصمت وإن لم يعجبك فارحل)، يقول بالتاستار غراتيان (الاحتقار هو الشكل الأذكى للانتقام)، فمعروف عن شركات إنتاج وتصدير أفلام الكاوبوي عدم احترامها لأي عميل ضعيف، صديقاً كان أو عدواً، فالشعارات وإحراق ما يرمز للرعب ضعف وذر للرماد وامتصاص للغضب، وعلى النقيض من ذلك فهم يحترمون من ينغص عليهم إنتاج أفلامهم أو يحاول التشويش عليها أو يقلل من نجاحها لأنهم يرونه مصدر قوة وثبات رأي وإن كان من أشد المعارضين بل قد يجدون أنفسهم مضطرين للتشاور على السيناريو والتوزيع مع مخالفيهم الأقوياء ولو من تحت الطاولة وببعض الاسترضاءات، يقول هيغل (إذا كان الحق للقوة فمن الحكمة ألا تكون ضعيفاً).

فالقوة وثبات الرأي لها نتائجها التي ستجنى بعد جميع عروض صالات الخزي والدمار، فالعقلية الغربية تمتلك هاجس الخوف والرعب متى ما أرسل إليها بوجه حق وكردة فعل طبيعية وليست همجية، فعجلة إنتاجهم لن تتوقف عن الإفصاح عن أي فيلم جديد ما دام هناك شركة كبرى منتجة ووكيل لها يسوق أعمالها، فالعرض الجديد الحالي مع بدء العام الميلادي 2009م ما هو إلا سلسلة مرتبطة ومتواصلة مع بعضها البعض ومحاولة للتعويض المعنوي وحفاظ على ماء الوجه لخسائر فيلم (الرافدين) وكإثبات جودة وترسيخ أقدامهم وبقائهم في ساحة المنافسة على إنتاج الهلاك، وإلا فالزمان والمكان لا يحتاجان لهرطقات جديدة مقولبة داخل إنتاجهم الجديد وربما يكون أيضاً تذكار محبة ومودة من رئيس الشركة المتغطرسة الذي أزف رحيله وبين مسوّقة أفكاره على أرض الأشلاء الشريفة، فما هو المبرر لبلورة أفكاره وتحويلها واقعاً من قبل الوكلاء؟

هل هو الضعف أو الفرقة من قبل المتلقين أو الغيظ والحقد الدفين والتذرع بأسباب واهنة أو السير خلف الشركة الأم وأسلوبها عندما تذرعت بمركبات الدمار لإنتاج فيلم السقوط فيلم (الرافدين).

فالقتل والتدمير هم منتجوهما ومصدروهما، ومن التعجب والاستهجان أن تطلب من الجلاد الرفق أو الاستكانة، وأيضاً من الخزي والعار لمن لم يحرك هذا المشهد المتكرر (كلاكيت 2009م) في نفسه الغيرة والألم وحب التغيير في مسلك النمط والتقارب المزعوم!! فالضعف والقوة لا يلتقيان ولو بعد حين، وهذا المنهج هو إحدى النكات السياسية التي مررها وصدقها مدمنو أفلام الكاوبوي في وقت اختلطت فيه المعايير، ورحم الله معارضي تلك المشاهد من أفلامهم في حقبة من حقب هذا الزمن، فكانت وقفتهم هي (الفيصل) المهم في القوة ورباطة لجأش وثبات الرأي، وما زال هذا نهج الأوفياء مع تنوع الأسلوب مسايرة للزمن وحبكة الأقوياء، يقول (سكوت فيتز جيرالد) (أبوزلي بطلاً وأنا أكتب التراجيديا) فالواقع لا يبشر إلا بالتخاذل والضعف وسكب الشعارات للأرض الطاهرة الصابرة النازفة في قلوبنا، فلا جدوى من البخلاء، وقفي أمام اللئام يا غزة الإباء، يقول هتلر (لا يكون استرداد الأراضي السليبة بخطب نارية)، وهو نفسه الذي قال (بوسعي أن أقضي على كل اليهود في العالم، ولكن تركت بعضهم لتعرفوا لماذا كنت أبيدهم)، نعم فالتاريخ لا يكذب.

- شقراء



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد